وزير الطاقة اللبناني: خطة طوارئ لضمان استمرارية توافر المحروقات... والاحتياطيات تكفي لمدة أسبوعين
استمع إلى الملخص
- تعمل الوزارة على استقدام المحروقات عبر البحر بدعم من الدول الشقيقة، وتجديد اتفاقيات تزويد الفيول، مع إعداد خطة متكاملة لقطاع الكهرباء بدعم من البنك الدولي.
- تأثرت البنية التحتية للمياه بأضرار كبيرة، وتعمل الوزارة على إصلاحها بدعم من الجيش والدفاع المدني، مع التعاون مع المنظمات الدولية لتأمين موارد المياه.
تجد وزارة الطاقة والمياه اللبنانية نفسها أمام تحديات كبرى لضمان استمرارية توافر المحروقات والمياه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، إلى جانب الحفاظ على استقرار قطاع الكهرباء. وفي مقابلة خاصة مع "العربي الجديد" يشير وزير الطاقة وليد فياض، إلى خطط طوارئ لتخفيف الأعباء، وحجم الأضرار جراء العدوان.
وإلى نص المقابلة:
ـ يخشى كثيرون من ارتفاع أسعار المحروقات مع دخول فصل الشتاء، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي، هل هناك أي ارتفاع متوقع في الأسعار، وما هي الخطوات التي تتخذها الوزارة للتخفيف عن المواطنين؟
سعر المحروقات في لبنان يخضع لجدول أسعار تعدّه وزارة الطاقة والمياه وهو يتأثر بعدة عوامل أهمها سعر النفط العالمي وهذا ما يفسّر انخفاض الأسعار في لبنان في الآونة الأخيرة على الرغم من ارتفاع كلفة التأمين على البواخر بسبب حالة الحرب وهذا ما أخذناه بعين الاعتبار.
ـ هل هناك أي خطط للحصول على دعم مالي أو توفير محروقات بأسعار مخفضة؟ وإذا كانت هناك محادثات، فمن هي الأطراف المشاركة فيها؟
سوق المحروقات في لبنان يخضع لمبدأ العرض والطلب وهو بأغلبيته يتمّ عبر القطاع الخاص مع احتفاظ الدولة بحصة صغيرة نسبياً من السوق، وقد قمنا في وزارة الطاقة والمياه ومنذ تولينا لمهامنا بإلغاء الدعم على المحروقات وتحرير السوق لتخفيف العبء عن خزينة الدولة والمالية العامة ولا قدرة للدولة اليوم لإرجاع الدعم إلى المحروقات. الأهم في الوقت الحاضر هو توفير المحروقات للتدفئة وللمولدات في مراكز الإيواء والمازوت لمحطات ضخ المياه والمشتقات النفطية لمعامل توليد الكهرباء وهذا ما نعمل عليه وقد بدأنا نحصل على جزء منه من مقدّرات الدولة الخاصة.
ـ ما هي خطة الوزارة لضمان استمرارية توافر المحروقات في الأسواق خلال الأشهر المقبلة، بخاصة في ظل العدوان الإسرائيلي الذي يؤثر على الإمدادات؟
توافر المحروقات مرتبط باستدامة استقدام البواخر عبر البحر إن لناحية المحروقات المخصصة للنقل أو للتدفئة أو للقطاعات الحيوية وعلى رأسها الكهرباء. لذلك نعوّل على الدبلوماسية اللبنانية وجهود الدول الشقيقة والصديقة للإبقاء على هذا الشريان الحيوي مفتوحاً ومنع العدو الإسرائيلي من فرض أي نوع من أنواع الحصار علينا. في الوقت الحالي يملك لبنان بطريقة متواصلة احتياطيات لحوالي أسبوعين من المشتقات النفطية في كل القطاعات وهي تتجدد دورياً مع وصول الشحنات.
ـ هل تم التوصل إلى اتفاقيات جديدة مع دول مثل العراق والجزائر لتأمين الوقود بأسعار تفضيلية، وما هي آخر مستجدات هذا الملف؟
اتفاقية تزويد لبنان بالفيول الثقيل العراقي تمّ تجديدها لغاية اليوم ثلاث مرات وقد راسلنا الجانب العراقي للعمل على تجديدها للمرة الرابعة بعدما أبدى دولة رئيس الحكومة العراقي رغبته في ذلك أثناء زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوفد الوزاري إلى بغداد، لذلك نعوّل كثيراً ونثمن عالياً هذا الدعم العراقي الكبير الذي أمّن خلال ثلاث سنوات الطاقة الكهربائية التي يحتاج إليها لبنان لتشغيل قطاعاته الحيوية وتأمين الحدّ الأدنى من التغذية للمواطنين. أما الجزائر الشقيقة فقد ساعدت لبنان مؤخراً عن طريق إرسال باخرة فيول مجاناً لصالح مؤسسة كهرباء لبنان في وقت كنا أحوج ما نكون إلى المحروقات فلها الشكر الجزيل شعباً وقيادةً ونحن نعوّل على الدعم الجزائري والرابط الأخوي القوي الذي يميز العلاقات اللبنانية الجزائرية من أجل السير قدماً في هذه المبادرات.
ـ هل هناك خطة مستدامة لدعم قطاع الكهرباء في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية، وما هو مصدر التمويل أو الدعم لهذا القطاع؟
منذ تولينا مهامنا في وزارة الطاقة والمياه جعلنا من النهوض المستدام في قطاع الكهرباء أولويتنا القصوى وأعددنا خطة متكاملة لهذا القطاع أخذت موافقة ودعم البنك الدولي وعملنا على تطبيق مدرجاتها على الرغم من التحديات المالية والإدارية والسياسية. وقد أثمرت هذه الخطة عودةً للتوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان للمرة الأولى من عشرات السنين وذلك بسبب تطبيق نظام تسعير جديد من دون دعمٍ عشوائي ومرتبط بسعر النفط العالمي وسعر صرف الدولار الحقيقي وأصبحت المؤسسة قادرة على تمويل مصاريفها ودفع مستحقاتها للمتعهدين والمشغلين ومقدمي الخدمات وشراء المحروقات وحتى الشروع بالإيفاء بديونها.
وفي ظل الحرب الهمجية حالياً على لبنان نسعى للإبقاء على مستويات مقبولة من ساعات التغذية مع العمل على زيادتها حيث أمكن، ونوجه التحية إلى عمال وموظفي مؤسسة كهرباء لبنان الذين سقط منهم شهداء خلال أدائهم لواجبهم في تصليح الأعطال الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية.
ـ وماذا عن إجراءات تخفيف الأعباء على المواطنين بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر؟ هل هناك خطة لتحسين ساعات التغذية الكهربائية؟
الوزارة تتابع تسعير المولدات الخاصة بطريقة عادلة وشفافة وتأمل مواكبتها من قبل وزارة الاقتصاد لتطبيق هذه التسعيرة والتخفيف عن كاهل المواطنين. أما لناحية تسعيرة كهرباء لبنان فقد جرى على مرحلتين سابقاً تخفيض على الشق الثابت في الفاتورة، أما سعر الكيلوواط فهو مدعوم بأول مئة كيلوواط بسعر 10 سنتات للكيلوواط. والتهجير الذي حصل في مناطق عديدة في لبنان قد خفض من استهلاكها للكهرباء ومن ثم تمت إعادة توزيع الفائض على بقية المناطق ما رفع ساعات التغذية فيها. من ناحية أخرى نعمل على إعادة تشغيل معملي الذوق والجية الجديدين وندرس إمكانية زيادة استيراد المحروقات من العراق لصالح كهرباء لبنان بحسب ما تسمح به مالية المؤسسة وهذا سوف يؤدي حتماً إلى زيادة ساعات التغذية.
ـ وما هي جهود الوزارة لتطوير مصادر بديلة لتوليد الكهرباء بتكلفة أقل وفعالية أكبر على المدى الطويل؟
كما تعلمون فإن الوزارة قد أصدرت منذ فترة 11 رخصة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية عير القطاع الخاص، لكن الأزمة المالية منعت إنجاز هذه المشاريع بسبب نقص التمويل. ومؤخراً أبدت بعض الشركات العالمية اهتمامها بهذه التراخيص وعلى رأسها شركة" CMA CGM" التي استحوذت على اثنتين منها وهي بصدد الإعداد لإنشاء المشاريع على الأرض بقدرة إجمالية 30 ميغاوات. أما نحن في الوزارة فقد أطلقنا مناقصة لتلزيم إنشاء مزرعة لتوليد الكهرباء على الطاقة الشمسية فوق نهر بيروت بقدرة 8 ميغاوات بتمويل من الدولة وقد تقدمت عدة شركات ونحن بصدد فض العروض. بالتوازي نجري أيضاً مناقصة لإنشاء محطة صغيرة للطاقة الكهرومائية في نبع جعيتا (في جبل لبنان) لتوليد الكهرباء لصالح محطة تكرير المياه في الضبية. أما مع البنك الدولي فقد انتهينا من إعداد مشروع متكامل بقيمة 350 مليون دولار يتضمن عدة مكونات أهمها إنشاء مزارع طاقة شمسية بقدرة 160 ميغاوات في المرحلة الأولى وقد وافق مجلس إدارة البنك الدولي في واشنطن على المشروع منذ حوالي الشهري.
ـ كيف يؤثر العدوان الإسرائيلي على إمدادات المياه للمناطق الزراعية؟
جاء العدوان الإسرائيلي على لبنان مدمراً لكل مقومات الحياة، بما في ذلك البنية التحتية في قطاعي المياه والكهرباء. وقد أجرينا تقييماً لحجم الأضرار التي نتجت عن هذا العدوان، حيث تبيّن أن تكلفة الخسائر الأولية في البنية التحتية والخدمات بلغت نصف مليار دولار. وفي ما يتعلق بالمياه الزراعية، تعرضت قنوات مؤسسة الليطاني، التي تنقل المياه من نهر الليطاني إلى الأراضي الزراعية في الجنوب، لأضرار كبيرة جراء هذا العدوان المتعمد، مما أعاق وصول المياه إلى تلك الأراضي. لكن، بدعم من الجيش والدفاع المدني، تمكنت مؤسسة الليطاني من إصلاح هذه الأضرار وإعادة توصيل المياه.
ـ ما هي الإجراءات المتخذة لتأمين المياه للمزارعين؟
من المعروف أن الجيش الإسرائيلي يواصل استهداف البنية التحتية بشكل ممنهج، وتعمل المؤسسات المعنية بما تملكه من إمكانات محدودة على إصلاح هذه الأضرار، ويؤدي تدمير البنية التحتية لتوزيع المياه إلى تضرر الفلاحين والمزارعين بشكل مباشر، خصوصاً إذا تم استهداف محطات الضخ. وتبذل الوزارة جهوداً لتأمين الإصلاحات الجزئية حتى انتهاء العدوان ووقف إطلاق النار، ليتم لاحقاً معالجة الأضرار بصورة شاملة.
ـ ما هو حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه نتيجة العدوان؟
حجم الأضرار في البنية التحتية الذي تم توثيقه حوالي 480 مليون دولار، وأرسلت هذه الوثائق إلى مؤتمر باريس، حيث يمكن تفصيلها بالأرقام. فقد بلغت الأضرار في قطاع الطاقة حوالي 320 مليون دولار، وفي قطاع المياه حوالي 160 مليون دولار.
ـ في ظل التوترات والاعتداءات المتكررة، هل توجد خطط طارئة لدعم المزارعين المتضررين بسبب نقص المياه؟
العدوان الإسرائيلي المستمر واستخدام أسلحة محرمة دولياً، كالفوسفور، تسببا بأضرار جسيمة على البيئة والصحة، إضافةً إلى الدمار الذي أدى إلى تصدّع في البنية التحتية للصرف الصحي. كما أن النزوح المستمر زاد من الضغط على البيئة. ورغم ذلك، ما زلنا، عبر مؤسساتنا، ملتزمين بالمعايير البيئية في التشغيل والإدارة. أؤكد أن التقييم الشامل للوضع لن يكون ممكناً إلا مع وقف إطلاق النار، وحالياً، لا يمكن الحديث عن خطط مستقبلية.
ـ هل أثّر العدوان على إمكانية تنفيذ مشاريع جديدة لتحسين شبكات الريّ؟
بسبب العدوان الإسرائيلي، تأثّر تنفيذ المشاريع الجديدة، ومن ضمنها مشروع سد بحيرة القرعون الممول من البنك الدولي. خلال السنتين الأخيرتين، أحرزنا تقدماً كبيراً مقارنة بعمل الحكومات في السنوات السابقة، حيث كان المشروع متوقفاً لأسباب مختلفة، من بينها المشكلات المالية في لبنان.
ـ هل حققت الوزارة أي تقدم في إكمال هذه المشاريع؟
حققنا تقماً وصل إلى أكثر من 50%، وما بقي هو إكمال المشروع، لكن المتعهدين غير قادرين على العمل في ظل القصف المستمر والدمار الشامل الناتج عن الحرب في منطقة البقاع، مما عرّض المشروع للخطر، فالمدة الزمنية المحددة للقرض المقدم من البنك الدولي تنتهي العام المقبل، لذلك نحتاج إلى تمديد فترة القرض.
ـ كيف يؤثر توقف مشروع بحيرة القرعون على البيئة والصحة في المنطقة؟
إذا لم نحصل على هذا التمديد، فسيكون العدوان قد أوقف المشروع بشكل مباشر أو غير مباشر، لأنه يُعتبر مشروعاً حيوياً ويتضمن شبكات لنقل الصرف الصحي ومحطات معالجة بهدف حماية بحيرة القرعون ونهر الليطاني من التلوث، وهو مسؤولية تقع على عاتق المعتدين. نأمل أن يبدي البنك الدولي مرونة أكبر في ما يتعلق بالتمديد، وهذا دليل على تأثير العدوان على المشاريع الحالية والمستقبلية. كما أن الاستثمارات أصبحت محدودة بسبب الحرب، ونأمل أن تُبذل الجهود اللازمة من قِبل الدولة للالتزام بإعادة الإعمار، خاصة في مشاريع البنية التحتية الضرورية للحد من التلوث وحماية البيئة.
ـ وكيف يمكن تفعيل التعاون مع المنظمات الدولية لتوفير الدعم اللازم في تأمين موارد المياه في ظل هذه الظروف الطارئة؟
بشكل عام، ينبغي أن تكون الأولوية الأولى لتدخل المنظمات الدولية، بما في ذلك الجهود الدبلوماسية ومجلس الأمن والأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن، وذلك لضمان تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن. فكل يوم تأخير هو يوم جديد لجرائم الإبادة. بعد ذلك، يأتي الدور للالتزام الدولي بإعادة الإعمار والبناء في لبنان، سواء على مستوى البنى التحتية أو المشاريع الزراعية والبيئية والصحية. ويعتمد هذا على المساعدات الدولية وتوفير الموارد المالية اللازمة للاستثمار في إعادة المشاريع والبناء.