- خلال رمضان، تزداد معاناة السكان بسبب النظام المصرفي المشلول ونقص السيولة، مما يصعب الاحتفال بالشهر كما ينبغي ويقتصر الطعام على وجبة واحدة يوميًا.
- النظام المصرفي المشلول وتدمير البنوك يفاقم الأزمة، مما يجعل الوصول إلى المدخرات صعبًا ويدفع السكان لمواجهة ظروف معيشية قاسية دون أمل في تحسن قريب.
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير، اليوم الخميس، إن نقص السيولة يفاقم أزمة الدمار في قطاع غزة التي تعرضت لأسوأ عملية قصف من الجيش الإسرائيلي.
ويصوم مواطنو غزة في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية وغلاء الأسعار وعدم القدرة على الوصول إلى مدخراتهم في المصارف.
وقالت الصحيفة في تقريرها: "عندما كان مصطفى الأشقر وزوجته لا يزالان يعيشان في مدينة غزة ويعملان في مبيعات الملابس، كان المال الذي يكسبانه كافياً لتأمين احتياجات طفلتهما الصغيرة".
واليوم، يعيش هؤلاء في رفح إلى جانب أكثر من مليون نازح آخر من غزة، ويكافحون من أجل شراء الحفاضات.
وقال الأشقر للصحيفة في تقريرها: "الأسعار إجرامية"، واصفاً ارتفاعها بنحو 600% منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر.
وتشمل السمات المميزة لسوق غزة في زمن الحرب التقلب الشديد في الأسعار نتيجة لنقص الغذاء وغيره من الضروريات، وعدم القدرة على الحصول على النقد لشراء ما هو متاح.
ويؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الجوع، وتفاقم تحديات الحياة اليومية حتى بالنسبة لسكان غزة الذين لديهم مدخرات أو ما زالوا يتقاضون رواتبهم.
وحسب "وول ستريت جورنال"، قال رجا الخالدي، الخبير الاقتصادي والمدير العام لمعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني ومقره رام الله، "مع محدودية الإمدادات، ارتفعت الأسعار بشكل كبير، وتركت المواد الأساسية غير قابلة للتحمل بالنسبة للكثيرين".
وقال الخالدي: "ينفد المال من الناس بانتظام... والأموال النقدية لن تذهب بعيداً في شراء الأغراض نظراً لارتفاع الأسعار".
أسعار الملح والدقيق تضاعفت 10 مرات
كانت أسعار المواد الغذائية في غزة في يناير/كانون الثاني أكثر من ضعف مستويات ما قبل الحرب، وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني في الضفة الغربية.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي، أن أسعار الملح والدقيق ارتفعت إلى 10 أضعاف مستوياتها ما قبل الحرب في ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني، على التوالي، قبل أن تنخفض مع وصول الإمدادات، في حين ارتفعت أسعار الأرز هذا العام.
وقال الأشقر، إن مجموعة الحفاضات التي كانت تكلفتها قبل الحرب 25 شيكل، أي ما يعادل حوالي 7 دولارات بسعر الصرف الرسمي الفلسطيني، بيعت بأكثر من 170 شيكل في نهاية فبراير/ شباط الماضي.
ومع بداية شهر رمضان، تزيد الأزمة من تعقيد الجهود المبذولة للاحتفال بشهر الصيام في منطقة حرب، حيث يصوم المسلمون خلال النهار ويتبرعون ويصلون.
ويقول بعض المسلمين في غزة إنهم لا يستطيعون الحصول على الأموال النقدية التي أرسلتها أسرهم في الخارج إلى حساباتهم المصرفية خلال شهر الصوم.
ويقول آخرون إن صيامهم الأول في رمضان لم يكن مختلفاً كثيراً عن أي يوم عادي خلال الحرب، حيث إنهم غالباً ما يأكلون وجبة واحدة فقط.
وقالت سهى محمود، 48 عاماً، التي تعيش في رفح، إن وجبتها المسائية الأولى في رمضان كانت تتكون من الخضار الذي اشترته بأسعار مبالغ فيها.
وأضافت قائلة: "نحمد الله أننا تمكنا من العثور على شيء نأكله".
وتدخل معظم الإمدادات الجديدة إلى غزة كمساعدات إنسانية، على الرغم من أن بعض الشاحنات التجارية عبرت أيضاً إلى القطاع المحاصر.
وتخطط إدارة بايدن، المحبطة في جهودها لإقناع إسرائيل بتسهيل مزيد من شحنات المساعدات عبر الحدود، لبناء رصيف مؤقت قبالة ساحل غزة للسماح بزيادة توصيل المساعدات.
وقد يؤثر ذلك في بعض الأسعار، في سوق يؤدي فيها التسليم والتوزيع غير المتسق إلى تقلبات في الأسعار لا يمكن التنبؤ بها.
شلل النظام المصرفي في غزة
وبحسب تقرير الصحيفة الأميركية، فقد تفاقمت الأزمة في غزة بسبب نقص السيولة النقدية في القطاع.
وقال ستيفن فيك، المتحدث باسم منظمة المعونة الأميركية للاجئين في الشرق الأدنى، وهي منظمة إنسانية مقرها الولايات المتحدة ولها وجود كبير في غزة: "النظام المصرفي مشلول في الغالب".
ومع بدء الحرب، سارع العديد من سكان غزة إلى إيداع الأموال النقدية في البنوك لحفظها أو الوصول إلى الخارج في حالة طردهم من القطاع.
وخلال وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نقلت البنوك نحو 180 مليون شيكل، أي ما يعادل أكثر من 50 مليون دولار، نقداً من شمال قطاع غزة إلى الجنوب، وفقاً لسلطة النقد الفلسطينية ورام الله، وهي هيئة الإشراف على البنوك في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضافت أن مئات الآلاف من النازحين الذين لجأوا هناك يسعون لسحب أموالهم.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد انتهاء وقف إطلاق النار وعودة إسرائيل إلى هجومها على مدينة خانيونس الجنوبية، لم تكن هناك طريقة لتحويل الأموال النقدية بين فروع البنوك، حسبما قال فراس ملحم، محافظ ورئيس الهيئة.
وقال ملحم إن العديد من فروع البنوك البالغ عددها 56 فرعاً و91 ماكينة صراف آلي في غزة دمرت أو خرجت عن الخدمة منذ بدء العدوان، خاصة في المناطق الواقعة خارج رفح.