أثار اتفاق روسيا والصين على تصدير الغاز إلى الصين في صفقة تصل قيمته إلى 400 مليار دولار قلق أوروبياً من توقف الإمدادات الروسية في ظل التوترات السياسية مع الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية، فيما كشفت التشيك عن بحثها عن بديل للغاز الروسي.
وقال رئيس الحكومة التشيكية بوهيوسلاف سوبوتكا، إن بلاده تبحث عن بديل للغاز الروسي، خوفاً من توقف الإمدادات نتيجة التوترات السياسية الحالية بين موسكو والاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة الأوكرانية، وإبرام روسيا اتفاقاً ضخماً تصدّر بموجبه الغاز إلى الصين.
وذكرت وكالة الأناضول مساء الأربعاء، أن الإذاعة التشيكية نقلت عن سوبوتكا قوله خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي التشيكي، إن احتياطي الغاز يكفي لمدة 100 يوم فقط.
ووفقا لآخر إحصائيات رسمية متوفرة، تستورد التشيك 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، من شركة "غاز بروم" الروسية.
وتخشى أوروبا، في حال وقف شحنات الغاز الروسي لأوكرانيا، حدوث اضطرابات في إمدادات دول الاتحاد، على غرار ما حدث في عامي 2006 و2009.
وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية منذ مارس/آذار الماضي، عقوباتٍ على مسؤولين ومؤسسات مصرفية من روسيا والقرم، تشمل تجميد الأصول المالية، وفرض حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وقال القادة الأوروبيون، إنّ ضم موسكو لمنطقة القرم في مارس/آذار جعلهم يصرون على تقليص الاعتماد على النفط والغاز الروسيين.
كذلك دعا قادة الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، إلى إعداد اقتراحات مفصلة بحلول يونيو/حزيران المقبل، بشأن سبل تنويع مصادر الطاقة بعيداً عن روسيا في الأمدين القريب والبعيد.
وتوفر شركة "غاز بروم" الروسية، حوالي 30% من احتياجات أوروبا من الغاز، يمر ما يقرب من نصفها عبر الأراضي الأوكرانية.
وقالت شركة "غاز بروم" الروسية الحكومية، في بيان لها الأحد الماضي، إنها ستواصل إمداد عملائها في أوروبا بالغاز، بعدما كانت قد هددت بوقف الإمدادات إلى أوكرانيا في يونيو/حزيران المقبل، لامتناع كييف عن سداد ديونها لموسكو.
وكانت روسيا قد أنذرت أوكرانيا بأنها ستقطع عنها إمدادات الغاز الشهر المقبل ما لم تسدد كييف مقدماً 1.66 مليار دولار، قبل الثاني من يونيو/حزيران، وهو ما عزز الخشية من احتمال تأثر إمدادات الغاز إلى أوروبا التي تصل إليها عبر الأراضي الأوكرانية.
وتحاول الدول الأوروبية منذ سنوات تحجيم دور عملاق الغاز الروسي "غاز بروم" في القارة العجوز، لكن حاجتها الملحّة إلى الغاز الرخيص نسبياً مقارنة مع النفط، حالت دون ذلك.
في المقابل، اتجهت روسيا شرقاً نحو الصين، لتأمين استمرار تصدير الغاز وإيراداته حال تأزم الوضع مع الغرب.
ووقّعت شركة "غاز بروم" أمس الأربعاء اتفاقاً لتزويد الصين بالغاز الطبيعي، في صفقة ضخمة تصل قيمتها إلى 400 مليار دولار.
وشهد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني "شي جين بينج" توقيع الصفقة في شنغهاي بين "غاز بروم" وشركة البترول الوطنية الصينية (سي.إن.بي.سي).
وقال بوتين إن بلاده ستستثمر 55 مليار دولار في التنقيب عن الغاز ومد خط أنابيب إلى الصين.
وأثارت هذه الصفقة قلق الغرب، لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قال خلال مؤتمر صحافي أمس أثناء زيارة إلى مكسيكو سيتي، إن اتفاقية توريد الغاز التي وقّعتها روسيا والصين، هي نتيجة عشر سنين من المفاوضات وليست مرتبطة بالتوترات الدبلوماسية في أوكرانيا.
وأضاف كيري ـ حسب وكالة رويترز ـ :"هذا ليس جديداً. هذا ليس رداً مفاجئاً على ما يجري حاليا".
وسيؤدي الاتفاق بين "غاز بروم" الروسية التي تسيطر عليها الدولة، وشركة البترول الوطنية الصينية إلى ربط حقول الغاز الضخمة في روسيا بسوق مزدهرة في آسيا للمرة الأولى عبر خط أنابيب بطول آلاف الأميال مروراً بسيبيريا.
وكان المحلل في مركز كارنيجي في موسكو بيوتر توبيشكانوف، قد قال لوكالة "فرانس برس"، مطلع الشهر الجاري، إنّ روسيا تحتاج إلى البرهنة على أنّها ليست معزولة بالاتفاق مع الصين.
وكانت "غاز بروم" قد ذكرت في تقرير لها عقب إعلان نتائجها المالية لعام 2013 مؤخراً، أنّ أيّ توسيع لبرامج عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها قد يأتي بنتيجة عكسية على عمل الشركة ووضعها المالي.
وقالت الشركة إنّ إيرادات مبيعات الغاز إلى أوروبا ودول أخرى، بلغت 1.68 تريليون روبل بما يعادل 57% من إجمالي مبيعات الغاز.
الدولار = 34.5 روبل روسي.