وأضاف ياتسنيوك، في تصريحات صحفية، اليوم الثلاثاء، أن "الأزمة كلفت البلاد خسائر كبيرة جدًّا، فضلًا عن تكاليف الحرب".
وتشن القوات الأوكرانية حملة منذ أشهر بهدف القضاء على الانفصاليين في شرقي البلاد. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من ألفين و700 شخص، في حين اضطر مئات الآلاف إلى النزوح من مناطق إقامتهم.
وكانت الحكومة الأوكرانية أفادت، الأسبوع الماضي، بأن النزاع المسلح، الدائر في شرق البلاد، أسفر منذ اندلاعه عن تدمير قرابة 600 مؤسسة صناعية في منطقة "دونباس"، مؤكدة أن إصلاحها يتطلب أكثر من 10 مليارات دولار.
أوكرانيا "أوربية"
وتزامن الإعلان عن تكلفة حرب الانفصاليين مع مصادقة كل من البرلمانين الأوكراني والأوروبي على اتفاق للتعاون السياسي والتجاري، كان الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، رفض في نوفمبر الماضي، التوقيع عليه ما أدى إلى الإطاحة به.
وحظي الاتفاق بتأييد جميع البرلمانيين الأوكرانيين الـ355 الذين حضروا جلسة التصويت عليه. فيما أقره البرلمان الأوروبي بأغلبية 355 نائباً، مقابل معارضة 127 آخرين وامتناع 35 عن التصويت.
ويتضمن الاتفاق شقين اقتصادي وسياسي، غير أن التوقيع عليه، في هذه المرحلة، يبقى رمزياً إلى حد كبير، بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن إرجاء دخول اتفاق التبادل الحرّ حيز التنفيذ حتى نهاية 2015 لإفساح المجال أمام اجراء مناقشات مع روسيا المعارضة لهذا الاتفاق.
وبموجب الاتفاق، ستواصل أوكرانيا الاستفادة من امتياز دخول الاسواق الأوروبية حتى يناير 2016، وذلك دون أن يطلب منها في المقابل خفض الرسوم الجمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي.
وأعرب المسؤولون الأوكرانيون عن سعادتهم بالتصويت على هذا الاتفاق معتبرين إياه خطوة هامة في أفق انضمام كييف للاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، إن "ما من أمة دفعت مثل هذا الثمن الباهظ كي تصير أوروبي"، مؤكدا عزمه على التسريع بتنفيذ مقتضيات هذا الاتفاق.
وأضاف: "اليوم في هذه القاعة ودون اي تأخير سأوقع قانون التصديق. طلبت من الحكومة الأوكرانية تبني خطة لتنفيذ الاتفاق غدا وتنفيذها من الدقيقة الأولى لبدء العمل بالقانون."
واعتبر وزير خارجية أوكرانيا، بافلو كليمكين، التصويت على هذا الاتفاق "خطوة للأمام" في أفق الانضمام الاتحاد الأوروبي.
وتابع قائلاً: "الضحايا الذين سقطوا من أجل هذا الاتفاق يجعلون منه لا مجرد نص، بل خطة حيوية لجميع الأجيال من الأوكرانيين الذين يؤمنون بهذه الدولة، وبمستقبل أوكرانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي. لذلك فإن أوروبا بالنسبة لأوكرانيا تعد خطوة إلى الأمام. إنها تحركنا باتجاه المستقبل، تاركين خلفنا تاريخ ما بعد الاتحاد السوفيتي فهو جزء من ماضينا".
ضحايا العقوبات
وعلى الجانب الروسي، أعلنت وزارة المالية الروسية عزمها على إنشاء صندوق بمليارات الدولارات لدعم الشركات المتضررة من العقوبات التي أقرها كل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية.
وفي تصريحات صحفية، قال وزير المالية، أنطوان سيلوانوف، أن هذا الصندوق سيمول، بالأساس، عن طريق فائض الميزانية العامة للبلاد خلال العام الجاري إضافة، إلى صندوق التقاعد بـ309 مليارات روبل (8 مليارات دولار). غير أن الوزير الروسي لم يكشف عن إجمالي الأموال التي سيتم ضخها في هذا الصندوق.
ورقة الغاز
وكانت روسيا رفضت قد أعلنت موعد السبت المقبل اقترحته المفوضية الاوروبية لإجراء مباحثات ثلاثية بين موسكو وكييف والاتحاد الاوروبي حول شحنات الغاز الروسي الى أوكرانيا بدعوى انشغالات مكثفة لوزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك.
وأوقفت روسيا في منتصف حزيران/يونيو شحناتها من الغاز إلى أوكرانيا، التي ترفض زيادة في الاسعار فرضتها غازبروم بعد وصول قادة موالين للغرب إلى السلطة في أوكرانيا التي راكمت، بحسب نوفاك، 5.3 مليارات دولار من المتأخرات المتوجبة الدفع.
وهذا الخلاف قد يؤثر على شحنات الغاز إلى أوروبا التي يمر قسم كبير منها عبر أوكرانيا، كما يتخوف الأوكرانيون من شتاء قاس في حال استمر انقطاع إمدادات الغاز الروسي.
ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا حتى نسبة 30% من امداداته من الغاز التي يمر نصفها عبر اوكرانيا.
وقد أشارت بعض الدول الاوروبية، بدءاً ببولندا، الى انخفاض شحنات الغاز الآتية من روسيا. كما رصد المستوردون الألمان تراجعا مماثلاً الأسبوع الماضي.
وكان طرفا النزاع في أوكرانيا، قد وقعا على اتفاق، يقضي بوقف إطلاق النار، اعتباراً من الساعة (18:00) من يوم الجمعة (5) أيلول/ سبتمبر الجاري، وتضمن الاتفاق (14) بندا، تتناول عدّة قضايا، كتبادل الرهائن، وإدارة المناطق في شرقي البلاد.
وتفجرت الأزمة الأوكرانية في نوفمبر الماضي، حين تراجع الرئيس آنذاك "فيكتور يانوكوفيتش" المدعوم من روسيا؛ عن توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، لصالح التقارب مع موسكو.
واندلعت إثر ذلك احتجاجات شعبية ضد يانوكوفيتش، أدت إلى عزله من قبل البرلمان في فبراير/ شباط الماضي، وتعيين رئيس مؤقت، في خطوة دعمها الغرب، بينما اعتبرتها روسيا "انقلاباً على الشرعية".