أمس أسدل الستار على واحدة من أبرز الجرائم التي ارتكبها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وهي جريمة تصدير الغاز المصري لإسرائيل، فقد برأت محكمة جنايات القاهرة، وزير البترول، في عهد مبارك، سامح فهمي، و5 آخرين من قيادات قطاع البترول، في إعادة محاكمتهم بقضية إهدار المال العام وبيع الغاز المصري للكيان الصهيوني بأسعار زهيدة تقل عن السعر العالمي.
هذا الحكم يعني ببساطة إغلاق هذا الملف للأبد، بل وقد يترتب عليه قبول محاكم التحكيم الدولية بالدعوى القضائية التي أقامتها إسرائيل ضد مصر، وتطالب فيها الحكومة المصرية بدفع 8 مليارات دولار قيمة تعويضات عن قطع تصدير الغاز لها منذ العام 2012 ومخالفة العقد المبرم الذي ينص على تصدير الغاز لمدة 15 عاماً.
كما يسد الحكم الباب أمام مصر لمطالبة إسرائيل بتعويضات عن سرقة غازها المنهوب خلال فترة حكم مبارك وعبر شركة شرق البحر المتوسط، أو استرداد جزء من الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري والخزانة العامة للدولة عن هذه الجريمة والتي تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار، في حين قدرتها محاكم مصرية بـ 2.3 مليار دولار خلال نظر القضية المتهم فيها سامح فهمي ورفاقه.
جريمة بيع الغاز المصري لإسرائيل لا تكمن فقط في أن سعر بيع الغاز كان بأقل من التكلفة، حيث كان نظام مبارك يبيع الغاز لإسرائيل بسعر يتراوح ما بين 70 سنتاً و1.75 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر التكلفة التي تتحملها الخزانة المصرية آنذاك 2.65 دولار، أما السعر في الأسواق الدولية فكان يتراوح في ذلك الوقت ما بين 8 و12 دولارا.
ولا تكمن الجريمة كذلك في أن شركة غاز شرق المتوسط، المملوكة لصديق مبارك المقرب حسين سالم والمورد للغاز المصري لإسرائيل، حصلت على الغاز من نظام مبارك بالأمر المباشر وهو ما يخالف القانون، ولا تقف الجريمة فقط عند إهدار المال العام وخيانة الأمانة التي أسندت لوزير البترول وقيادات الوزارة، ولكنها تتعلق بتبديد ثروة وطن وسمعة شعب.
وأنا هنا أستشهد بكلام ممثل النيابة العامة الذي قال في مرافعته إن سامح فهمي وقيادات وزارة البترول "استغلوا مناصبهم في التلاعب بثروات البلاد ومقدراتها، التي كان منوطا بهم حمايتها وحسن استثمارها".
جريمة هؤلاء أنهم أرغموا المصريين على التطبيع الاقتصادي مع ألد اعدائه عبر بيع ثرواتهم له عنوة واغتصابا وبثمن بخس، وجريمتهم كذلك أنهم بددوا ثروات مصر عبر تحميل المواطن المصري الفقير وخزانة الدولة كلفة منح إسرائيل غاز يقل ثمنه بنحو 8 دولار عن الأسواق العالمية، في الوقت الذي كانت فيه الأسر المصرية لا تجد أنبوبة بوتاجاز لطهي طعاماً تسد به رمق صغارها.
من حق الفاسدين أن يهنئوا بالبراءة، ومن حق سامح فهمي وحسين سالم أن يقولا بعد براءتهما في قضية تصدير الغاز لإسرائيل: "ظهر الحق وزهق الباطل".
من حق الحكومة المصرية أن تقدم اعتذاراً لنظيرتها الإسرائيلية على الإساءة لسمعتها ومحاكمة وزراء ومسئولين سابقين قدموا خدمات جليلة للكيان الصهيوني وباعوا الغاز المصري له بثمن بخس، ويكفى أن نقول إن إسرائيل كانت تعتمد على الغاز المصري في إنتاج 40% من الكهرباء .
ومن حق سامح فهمي أن يعود لموقعه كوزير للبترول بعد أن وصف مدير مكتب السيسي عباس كامل وزير البترول الحالي بالصايع الضايع.
اقرأ أيضاً: براءة وزير بترول مبارك في قضية بيع الغاز لإسرائيل
اقرأ أيضا: النيابة العامة المصرية: المتهمون بتصدير الغاز لإسرائيل "خانوا الأمانة"