تبلغ وتيرة المنافسة بين شركات الاتصالات التونسية ذروتها في شهر رمضان، حيث تسعى الشركات الثلاث العاملة في البلاد لجذب العملاء عبر طرح منتجات جديدة سواء للهاتف الجوال أو إنترنت الجيل الثالث، وتقديم تسهيلات وخدمات متميزة لما بعد البيع.
وكثّفت شركات الاتصالات من الترويج لمنتجاتها عبر وسائل الإعلام مع دخول موسم الصيام سعياً إلى الاستحواذ على الجزء الأكبر من سوق الجوال التي بلغت أكثر من 13 مليون مشترك حسب آخر إحصائيات هيئة الاتصالات الحكومية في بلد لا يفوق عدد سكانه 10 ملايين نسمة.
3 شركات
وتوجد في تونس ثلاث شركات رئيسية هي "اتصالات تونس" العامة، و"تونيزيانا" و"أورنج" الخاصتان، ويفوق عدد مستعملي الهاتف الجوال في تونس 13 مليونا بحسب إحصائيات حديثة.
ورغم الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها تونس وتأثير ارتفاع الأسعار على معدل الإنفاق الأسري، تشهد النفقات المخصصة للاتصالات ارتفاعاً على مدى السنوات الأربع الماضية.
وأبرزت دراسة أجراها مؤخراً المعهد الوطني للاستهلاك (مؤسسة حكومية) حول تغيّر أنماط الاستهلاك أن نفقات الاتصالات (الإنترنت والهاتف) ارتفعت من 3.5 % إلى 5.6 % في السنوات الثلاث الماضية نتيجة تزايد الإقبال على التكنولوجيات وانخفاض أسعار الاتصالات، في حين انخفضت النفقات المخصصة للأكل من 32 % إلى 27 %، حسب الدراسة.
وحسب خبراء، يوفر التنافس بين شركات الاتصالات عروضاً جيدة لعملائهم تقلص من حجم نفقاتهم المخصصة للاتصال خلال شهر رمضان في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة وأسعار السلع والخدمات.
وشهد مؤشر الاستهلاك العائلي تراجعاً بنحو 50% خلال شهر مايو/أيار الماضي، وفق البيانات الحكومية، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2014، كما سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً ملحوظا مع دخول شهر رمضان.
وشهدت كلفة المعيشة منذ الثورة التونسية، قبل نحو أربعة أعوام، ارتفاعاً تجاوز 60%، وصعدت أسعار المواد الغذائية بنحو 70%، ما أدى إلى تغير كبير في السلوك الغذائي لأغلب الأسر التونسية، وفق الخبراء.
أسعار الاتصالات مرتفعة
ويعتبر التونسيون أن سعر الاتصالات لا يزال مرتفعا مقارنة بباقي دول العالم وحتى الدول العربية حيث يبلغ معدل دقيقة المكالمات خارج العروض التجارية 250 مليما أي نحو 0.13 دولار.
في المقابل أوضحت دراسة قامت بها إحدى المؤسسات العالمية المختصة في الاتصالات أن كلفة الإنترنت المنزلية في تونس الأقل سنوياً مقارنة بباقي الدول العربية بمقدار 173 دولاراً.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الجراية، إن الدولة تستفيد بشكل كبير من ارتفاع نشاط شركات الاتصالات باعتبار أن %10 من قيمة عائدات المكالمات تذهب إلى خزينة الدولة.
اقرأ أيضاً: هجوم سوسة يعمق جراح السياحة التونسية
ويضيف الجراية في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن شركات الاتصالات تجني أرباحاً كبيرة وهو ما ساعدها على الإدراج في البورصة وتوفير محافظ مالية يستفيد منها الاقتصاد التونسي، مشيراً إلى أن عملية تخصيص جزء من شركة اتصالات تونس وفرت للدولة سنة 2005 نحو 3.05 مليارات دينار أي نحو 1,6 مليار دولار، لافتاً إلى أن هذه المدخرات ساهمت في إنقاذ ميزانية تونس طيلة السنوات الماضية.
برامج المسابقات
وفي مقابل العروض التجارية التي يقدمها مشغلو الهاتف النقال لعملائهم، تستفيد هذه الشركات بشكل كبير في شهر الصيام من عائدات المشاركة في برامج الرهان (المسابقات) التي تقدمها المحطات التلفزيونية والتي تفرض المشاركة عبر الإرساليات القصيرة بأسعار تتراوح بين 700 مليم و1200 مليم للإرسالية الواحدة أي ما بين 0.36 و0.52 دولار.
وتوفر هذه الألعاب التي ترتفع الجوائز فيها إلى نحو 520 ألف دولار إيرادات كبيرة لشركات الاتصال، غير أن أغلب المؤسسات تتكتم عن حجم عائداتها من هذه المسابقات كما لا تكشف شركات الاتصال عموما عن أرباحها السنوية.
ويقبل جزء كبير من التونسيين على المشاركة في المسابقات التي تعتمد على الإرساليات طمعاً في الربح، وتشير أرقام غير رسمية إلى أن بعض البرامج التي تشهد نسبة مشاهدة عالية تحصد في رمضان أكثر من 7 ملايين إرسالية.
وتستأثر شركة "أوريدو" للاتصالات القطرية التي تستحوذ على حصة كبيرة من شركة "تونيزيانا" بالمرتبة الأولى في السوق التونسي بنسبة 46.7 % ويبلغ عدد عملائها نحو 6.5 ملايين عميل، في حين تحتل شركة الاتصالات الوطنية "اتصالات تونس" المرتبة الثانية بـ34 .3 % بعدد عملاء 4.8 ملايين، وتأتي أورنج الفرنسية في المرتبة الثالثة مكتفية بـ19 % من السوق ونحو 3 ملايين عميل، حسب آخر الإحصائيات التي نشرتها هيئة الاتصالات.
وبالإضافة إلى حصتها التي تبلغ 65 % في شركة اتصالات تونس مقابل 35 % لشريكها الإماراتي "تيكوم ديغ"، أصبحت الدّولة التونسية تستحوذ، بعد الثورة، على 25 % من أسهم أوّل مشغل خاص للاتصالات "تونيزيانا"، بالإضافة إلى 51 % من ثاني شركة اتصالات خاصة "أورنج تونس"، بعد صدور المرسوم المتعلق بمصادرة أملاك أفراد عائلة بن علي وتعيين متصرفين قضائيين على الشركات التابعة لهم.
وتعود الحصة التي حصلت عليها الدولة في "تونيزيانا" إلى صخر الماطري صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي تقاسم نهاية العام الماضي مع "الشركة الوطنية للاتصالات الكويتية" التابعة لشركة الاتصالات "كيوتل" القطرية، شراء حصة "أوراسكوم تيليكوم"، التي كانت تمتلك "تونيزيانا" بالمناصفة مع الشركة الوطنية للاتصالات، واضطرت إلى بيع أسهمها بسبب وضعها المالي الصعب.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012 قامت الحكومة التونسية بالإعلان عن طلب عروض دولي للتفويت في حصتها في "تونيزيانا" التي تحولت بعد اقتنائها من قبل الشركة القطرية للاتصالات إلى "أوريدو".
كما تعود الحصة التي "تمتلكها" الدولة في شركة "أورنج تونس" إلى مروان مبروك الصهر الثاني للرئيس المخلوع، الذي كان يمتلك بواسطة شركته "ديفونا تيليكوم" 51 % من أسهم "أورنج تونس"، مقابل 49 % من الأسهم لفائدة "فرانس تيليكوم"، وذلك بعد فوزهما برخصة استغلال شبكة الهاتف الجوال من الجيلين الثاني والثالث في تونس.
واسترجع المبروك حصته من أورنج بمقتضى حكم قضائي بعد اعتراضه على حكم المصادرة وتقديم أدلة بأن ثروته تعود إلى ما قبل مصاهرته لزين العابدين.
اقرأ أيضاً: تونس: مخاوف من تراجع الاستثمارات الأجنبية