خلّفت الطائرة التي أقلعت بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، السبت الماضي، من أبوظبي، قبل سويعات من وصول العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، جوا مغبّرا بالتساؤلات التي تحمل في طياتها توقعات متشائمة بشأن مدى تأثر خطط الاستثمار السعودية في مصر في وقت تبدو فيه الخلافات بين البلدين دون حجاب.
ولا يُخفي المسؤولون في مصر مدى التعويل على الاستثمارات السعودية التي وعدت المملكة بضخها خلال زيارة الملك سلمان في إبريل/نسيان الماضي، والتي وصلت إلى 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) يمكن أن توفر فرص عمل لمئات آلاف العاطلين من العمل وتُنعش احتياطي النقد الأجنبي، وتشغّل عجلة إنتاج يكاد يحاصرها الصدأ بفعل الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعانيها الدولة.
لكن التطورات التي حملتها الأيام الماضية بفعل الموقف المصري من سورية والتراجع عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير اللتين جرى توقيع اتفاق بشأنهما في إبريل/نيسان الماضي، أثارت مخاوف المراقبين بشأن الدعم السعودي للنظام المصري، وهو دعم لم يتوقف لأكثر من ثلاثة أعوام، وساهم بفعل تنوعه بين الاستثمارات والمنح والودائع والقروض والوقود، في إنقاذ مصر من أزمات مالية كبيرة.
فالسعودية التي تحشد العالم لمناهضة نظام بشار الأسد الذي قتل قرابة مائتي ألف سوري خلال الأعوام الخمسة الماضية، لن تواصل دعم نظام السيسي الذي وقف على مسافة معارضة تماما لرؤية المملكة، حيث أقر بدعم نظام بشار الأسد.
وقال أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "في السياسة كل شيء وارد، يمكن أن تستخدم السعودية كروت ضغط اقتصادية على مصر في ظل التوتر الحاصل، لكني أؤمن بأن البلدين بحاجة إلى بعضهما تماما".
وأضاف: "السعودية تمتلك أدوات ضغط قوية يمكن استخدامها في حال تصاعد التوتر في العلاقة بين الجانبين، أبرزها الاستثمارات الحكومية، وكذلك الودائع السعودية في البنك المركزي المصري التي تقدر بنحو 8 مليارات دولار، إلى جانب ورقة السياحة والعمالة المصرية".
غير أن أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة، يتوقع ألا تلجأ المملكة إلى استخدام "كروت" ضغط للدرجة التي يتأثر معها الاقتصاد المصري بشكل كبير، قائلا: "إن حدث فسيكون في إطار المناورة لا أكثر، هذا ما أعتقده".
وبحسب بيان أصدره نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، عبدالله مرعي بن محفوظ، بلغ حجم الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص السعودي في مصر نحو 47 مليار دولار حتى إبريل/نيسان الماضي.
وطالب بن محفوظ وسائل الإعلام والوزراء والمسؤولين المصريين توخي الدقة عند الإعلان عن حجم الاستثمارات السعودية، لافتا إلى أنهم يعلنون عن أرقام مجتزأة لحجم الاستثمارات السعودية، على حد تعبيره.
وتوقع الوكيل السابق للجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب المصري، أشرف بدر الدين، أن تتأثر الاستثمارات السعودية بشكل كبير على المستويين الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أن توتر الأجواء السياسية بين القاهرة والرياض، يحمل في طياته خطرا أكبر يهدد الاستثمار الأجنبي في مصر بشكل عام، والسعودي على وجه الخصوص.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن ثمة عوامل تؤثر على الاستثمارات السعودية وعزوف المستثمرين الأجانب، أبرزها التوتر السياسي، وعدم ثبات سعر الصرف، والسياسات النقدية والاقتصادية المتضاربة، لافتا إلى أن "الاحتقان السعودي المصري، قد يصل إلى درجة توجيه من المملكة للمستثمرين السعوديين بتقليص استثماراتهم في مصر".
وأضاف: "الأوراق الاقتصادية، إحدى أبرز وأخطر عوامل الضغط الذي يمكن أن تمارسه السعودية على النظام المصري بسبب موقفه المخزي من الوضع في سورية، هذه الأوراق تستمد أهميتها من الأوضاع التي يتسم بها المشهد المالي في مصر، حيث انخفاض احتياطي النقد الأجنبي وارتفاع العجز في الموازنة وموجات التضخم التي تهدد بركود الأسواق".
وتتصاعد مخاوف تعثر الاستثمارات السعودية في مصر مع إعلان بعض الشركات السعودية عن تكبدها خسائر كبيرة في السوق المصرية العام الجاري، بعد تعويم الجنيه المصري.
وتعرضت نحو 18 شركة سعودية تعمل في مصر لخسائر فادحة في أرباحها السنوية، هي: لازوردي، العثيم، فتيحي، الحكير للتجارة، مجموعة الحكير للسياحة والتنمية، الخليج للتدريب، صافولا، المراعي، حلواني، تكوين، أسترا، الدوائية، الكميائية، الشركة السعودية للتنمية الصناعية (صدق)، اميانتيت، الزامل، البابطين والطيار.
وأعلنت رسميا 7 شركات هي: الدوائية، جرير، مجموعة صافولا، تكوين المتطورة، حلواني إخوان، والبابطين للطاقة والاتصالات وصدق، تسجيل خسائر تبلغ قيمتها الإجمالية 383 مليون ريال (102 مليون دولار)، منذ الإعلان الرسمي عن تعويم الجنيه المصري في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وفي السياق، قالت شركة عبداللطيف جميل السعودية، أخيراً، إنها قدمت خطابا إلى الحكومة المصرية يفيد بانسحابها من مشروعات تعريفة شراء الطاقة المتجددة في مصر، بمرحلتيها الأولى والثانية، ضمن 29 شركة عالمية ومحلية قررت إيقاف استثماراتها في برنامج تعريفة تغذية الطاقة المتجددة.
في المقابل، يرى محللون صعوبة الجزم بوجود توجه لدى المستثمرين السعوديين بالخروج من مصر، على خلفية خسائرهم المتزايدة بعد تعويم الجنيه المصري، وتوتر الأجواء السياسية بين القاهرة والرياض، موضحين أن الأوضاع الاقتصادية قد تدفع بعض الشركات إلى وقف توسعاتها الاستثمارية وليس الانسحاب من السوق.
وقالوا في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الخلافات في وجهات النظر بين البلدين من الصعب أن تصل إلى درجة القطيعة الاقتصادية، لافتين إلى أن قرار بعض الشركات السعودية في مصر بالتوقف أو الخروج النهائي من السوق المصرية، يعود في المقام الأول لأسباب داخلية بين الشركات والحكومة المصرية، وليس لتوجه عام أو سياسي.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، صلاح الدين فهمي، لـ"العربي الجديد": "لو وجد توجه سعودي، فسيكون قرار الانسحاب جماعياً وليس فردياً، لكن هناك شواهد تاريخية تؤكد أن الخلاف السياسي بين مصر والسعودية لا يؤثر على العلاقات الاقتصادية".
ويرى فهمي أن انسحاب بعض الشركات السعودية من مصر أو تقليل نشاطها الاستثماري، تحكمه بالدرجة الأولى مصلحة المستثمر وليس توجهه السياسي.
وقال الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب: "على الرغم من أن العلاقات المصرية السعودية ليست بالدفء السابق، لكنها لا تزال قوية، والحديث عن توتر الأجواء السياسية، لا ألمسه أو أشاهده في العلاقات الاقتصادية".
اقــرأ أيضاً
لكن التطورات التي حملتها الأيام الماضية بفعل الموقف المصري من سورية والتراجع عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير اللتين جرى توقيع اتفاق بشأنهما في إبريل/نيسان الماضي، أثارت مخاوف المراقبين بشأن الدعم السعودي للنظام المصري، وهو دعم لم يتوقف لأكثر من ثلاثة أعوام، وساهم بفعل تنوعه بين الاستثمارات والمنح والودائع والقروض والوقود، في إنقاذ مصر من أزمات مالية كبيرة.
فالسعودية التي تحشد العالم لمناهضة نظام بشار الأسد الذي قتل قرابة مائتي ألف سوري خلال الأعوام الخمسة الماضية، لن تواصل دعم نظام السيسي الذي وقف على مسافة معارضة تماما لرؤية المملكة، حيث أقر بدعم نظام بشار الأسد.
وقال أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "في السياسة كل شيء وارد، يمكن أن تستخدم السعودية كروت ضغط اقتصادية على مصر في ظل التوتر الحاصل، لكني أؤمن بأن البلدين بحاجة إلى بعضهما تماما".
وأضاف: "السعودية تمتلك أدوات ضغط قوية يمكن استخدامها في حال تصاعد التوتر في العلاقة بين الجانبين، أبرزها الاستثمارات الحكومية، وكذلك الودائع السعودية في البنك المركزي المصري التي تقدر بنحو 8 مليارات دولار، إلى جانب ورقة السياحة والعمالة المصرية".
غير أن أستاذ التمويل والاستثمار في جامعة القاهرة، يتوقع ألا تلجأ المملكة إلى استخدام "كروت" ضغط للدرجة التي يتأثر معها الاقتصاد المصري بشكل كبير، قائلا: "إن حدث فسيكون في إطار المناورة لا أكثر، هذا ما أعتقده".
وبحسب بيان أصدره نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، عبدالله مرعي بن محفوظ، بلغ حجم الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص السعودي في مصر نحو 47 مليار دولار حتى إبريل/نيسان الماضي.
وطالب بن محفوظ وسائل الإعلام والوزراء والمسؤولين المصريين توخي الدقة عند الإعلان عن حجم الاستثمارات السعودية، لافتا إلى أنهم يعلنون عن أرقام مجتزأة لحجم الاستثمارات السعودية، على حد تعبيره.
وتوقع الوكيل السابق للجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب المصري، أشرف بدر الدين، أن تتأثر الاستثمارات السعودية بشكل كبير على المستويين الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أن توتر الأجواء السياسية بين القاهرة والرياض، يحمل في طياته خطرا أكبر يهدد الاستثمار الأجنبي في مصر بشكل عام، والسعودي على وجه الخصوص.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن ثمة عوامل تؤثر على الاستثمارات السعودية وعزوف المستثمرين الأجانب، أبرزها التوتر السياسي، وعدم ثبات سعر الصرف، والسياسات النقدية والاقتصادية المتضاربة، لافتا إلى أن "الاحتقان السعودي المصري، قد يصل إلى درجة توجيه من المملكة للمستثمرين السعوديين بتقليص استثماراتهم في مصر".
وأضاف: "الأوراق الاقتصادية، إحدى أبرز وأخطر عوامل الضغط الذي يمكن أن تمارسه السعودية على النظام المصري بسبب موقفه المخزي من الوضع في سورية، هذه الأوراق تستمد أهميتها من الأوضاع التي يتسم بها المشهد المالي في مصر، حيث انخفاض احتياطي النقد الأجنبي وارتفاع العجز في الموازنة وموجات التضخم التي تهدد بركود الأسواق".
وتتصاعد مخاوف تعثر الاستثمارات السعودية في مصر مع إعلان بعض الشركات السعودية عن تكبدها خسائر كبيرة في السوق المصرية العام الجاري، بعد تعويم الجنيه المصري.
وتعرضت نحو 18 شركة سعودية تعمل في مصر لخسائر فادحة في أرباحها السنوية، هي: لازوردي، العثيم، فتيحي، الحكير للتجارة، مجموعة الحكير للسياحة والتنمية، الخليج للتدريب، صافولا، المراعي، حلواني، تكوين، أسترا، الدوائية، الكميائية، الشركة السعودية للتنمية الصناعية (صدق)، اميانتيت، الزامل، البابطين والطيار.
وأعلنت رسميا 7 شركات هي: الدوائية، جرير، مجموعة صافولا، تكوين المتطورة، حلواني إخوان، والبابطين للطاقة والاتصالات وصدق، تسجيل خسائر تبلغ قيمتها الإجمالية 383 مليون ريال (102 مليون دولار)، منذ الإعلان الرسمي عن تعويم الجنيه المصري في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وفي السياق، قالت شركة عبداللطيف جميل السعودية، أخيراً، إنها قدمت خطابا إلى الحكومة المصرية يفيد بانسحابها من مشروعات تعريفة شراء الطاقة المتجددة في مصر، بمرحلتيها الأولى والثانية، ضمن 29 شركة عالمية ومحلية قررت إيقاف استثماراتها في برنامج تعريفة تغذية الطاقة المتجددة.
في المقابل، يرى محللون صعوبة الجزم بوجود توجه لدى المستثمرين السعوديين بالخروج من مصر، على خلفية خسائرهم المتزايدة بعد تعويم الجنيه المصري، وتوتر الأجواء السياسية بين القاهرة والرياض، موضحين أن الأوضاع الاقتصادية قد تدفع بعض الشركات إلى وقف توسعاتها الاستثمارية وليس الانسحاب من السوق.
وقالوا في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الخلافات في وجهات النظر بين البلدين من الصعب أن تصل إلى درجة القطيعة الاقتصادية، لافتين إلى أن قرار بعض الشركات السعودية في مصر بالتوقف أو الخروج النهائي من السوق المصرية، يعود في المقام الأول لأسباب داخلية بين الشركات والحكومة المصرية، وليس لتوجه عام أو سياسي.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، صلاح الدين فهمي، لـ"العربي الجديد": "لو وجد توجه سعودي، فسيكون قرار الانسحاب جماعياً وليس فردياً، لكن هناك شواهد تاريخية تؤكد أن الخلاف السياسي بين مصر والسعودية لا يؤثر على العلاقات الاقتصادية".
ويرى فهمي أن انسحاب بعض الشركات السعودية من مصر أو تقليل نشاطها الاستثماري، تحكمه بالدرجة الأولى مصلحة المستثمر وليس توجهه السياسي.
وقال الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب: "على الرغم من أن العلاقات المصرية السعودية ليست بالدفء السابق، لكنها لا تزال قوية، والحديث عن توتر الأجواء السياسية، لا ألمسه أو أشاهده في العلاقات الاقتصادية".