"الكونترا كونترك"، مصطلح في التونسية الدارجة يعني "التهريب لا يخدم مصلحتك"، ذلك شعار رفعته نقابة شركات توزيع النفط المنضوية تحت منظمة رجال الأعمال، ضمن حملة توعية واسعة النطاق تم إطلاقها مؤخرا في تونس تتناول مخاطر التهريب على الاقتصاد والمواطنين، خاصة تهريب المحروقات الذي أنهى نشاط نحو 60% من محطات الخدمات المنظمة في مناطق الجنوب والحدود الغربية.
ومنذ سنة 2015، أعلنت الحكومة على خطة لتحجيم الاقتصاد الموازي من نحو 50% حاليا إلى 20% بحلول عام 2020.
وتراهن المنظمات والحكومة على الجانب التوعوي لدفع المواطنين إلى مقاطعة كل المواد المهربة ومجهولة المصدر، معتمدة على سياسة تواصل جديدة للتعريف بمخاطر هذه المنتجات على صحة الإنسان وتداعياتها على اقتصاد البلاد الذي يشكو عجزا كبيرا في إيرادات الجباية.
واعتبرت الغرفة الوطنية النقابية لشركات توزيع النفط أن حملة "الكونترا كونترك" نداء استغاثة لما آلت إليه الأوضاع في القطاع الذي تراجعت مبيعاته بنسبة 30%.
وأدى تراجع حجم نشاط شركات المحروقات، وفق رئيس الغرفة النقابية حمادي الخميري، إلى مراجعة جل الشركات لبرامج توسعها، ما أدى إلى انحسار كبير في نسبة الاستثمار في قطاع بيع المحروقات بعد أن أُجبرت العديد من محطات الخدمات على إغلاق أبوابها نتيجة تفشي استهلاك المحروقات المهربة من قبل التونسيين، خاصة وسائل النقل وقطاع الزراعة.
وقال الخميري في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن خسائر شركات المحروقات ارتفعت من 10% قبل الثورة إلى 30% حاليا، بفعل مناخ الفوضى وضعف أجهزة المراقبة الأمنية والجمركية، تلك عوامل عززت موقف التهريب.
وحسب بيانات رسمية نشرها البنك الدولي في تقرير حديث، يشتغل نحو أربعة آلاف شخص من الجنوب التونسي، ولا سيما منطقة بن قردان الحدودية، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 عاما في السوق السوداء والتهريب.
وقال البنك الدولي إن هذا النوع من التجارة له دور اقتصادي واجتماعي مهم في المناطق الحدودية حيث التجارة غير الرسمية من الأنشطة الاقتصادية المهمة.
وارتفعت وتيرة عمليات التهريب بين ليبيا وتونس بعد الإطاحة بنظامي الحكم في البلدين عام 2011، ومع دخول ليبيا في حالة فوضى أضعفت الدولة ما جعل التجارة الموازية في المحروقات، وغيرها من أهم مصادر الكسب لأهالي منطقة بن قردان وغيرها من المدن المجاورة للمعابر الحدودية.
وأكد تقرير للبنك الدولي في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن الاقتصاد التونسي يتكبد سنوياً خسائر بقيمة 1.2 مليار دينار (540 مليون دولار تقريبا) بسبب التجارة الموازية مع الجارة ليبيا.
وذكر البنك أن التهريب والتجارة غير الرسمية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، وأن 328 ألف طن من السلع المهربة تمر سنويا عبر راس الجدير في بن قردان. ويقول مراقبون إن التهريب بات صمام أمان لكثير من الأسر في المحافظات الحدودية بتونس التي تعاني من ارتفاع نسب البطالة والفقر.
وقال رئيس مؤسسة "سيغما كونساي" للإحصائيات، حسن زرقوني، في تصريحات إعلامية، إن تهريب المحروقات يكلف الدولة خسائر تصل إلى 400 مليون دينار (173 مليون دولار)، لكنّه يشغل كقطاع مواز حوالى 20 ألف شخص أغلبهم من الأطفال.
وأضاف أن ثلثي المستهلكين يقبلون على شراء هذه المحروقات رغم علمهم بانعكاساته السلبية على وسائل نقلهم، حسب تعبيره.
واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أن توسع نشاط المهربين الذي بات يستأثر بنصف الاقتصاد وليد تراكمات سياسات حكومية خاطئة على امتداد أكثر من عقدين.
وشدّد البدوي في تصريح لـ "العربي الجديد"، على أن السكوت عن مقاومة تلك الظاهرة شجع المهربين على توسيع نشاطهم بعد الثورة، إذ تبين أنهم يدفعون الأموال للجماعات الإرهابية لتأمين الطرق والمسالك وحمايتهم من الدوريات الأمنية.
وتكشف الدوريات المشتركة بين الأمن والجمارك على فترات متقاربة عن شبكات منظمة للتهريب الحدودي، حيث تقوم بحجز كميات كبيرة من الوقود المهرب.
كما نجحت الدوريات منذ العام الماضي في الإطاحة بأشهر شبكات التهريب في الجنوب ومصادرة سلعها على غرار عائلة "وشواشة"، والمهرب حسن معيز، الملقب بـ "أمير الحدود"، الذي فضّل إنهاء حياته برصاصة أطلقها على نفسه عندما قامت قوات الأمن بمداهمة منزله.
يقترح مختصون على الحكومة التونسية وصفة جديدة لتطويق الأسواق غير الرسمية ( الاقتصاد الموازي) الآخذة في الانتشار، وذلك عبر استبدال الأوراق المحلية المعمول بها حاليا، ما يُجبر المتهربين على إظهار مدخراتهم من العملة الحالية، خوفا من تلفها، فيما لا تزال الحكومة، رغم التفاقم غير المسبوق للاقتصاد الموازي، تبحث أدوات الحد من هذه الظاهرة.
اقــرأ أيضاً
وتراهن المنظمات والحكومة على الجانب التوعوي لدفع المواطنين إلى مقاطعة كل المواد المهربة ومجهولة المصدر، معتمدة على سياسة تواصل جديدة للتعريف بمخاطر هذه المنتجات على صحة الإنسان وتداعياتها على اقتصاد البلاد الذي يشكو عجزا كبيرا في إيرادات الجباية.
واعتبرت الغرفة الوطنية النقابية لشركات توزيع النفط أن حملة "الكونترا كونترك" نداء استغاثة لما آلت إليه الأوضاع في القطاع الذي تراجعت مبيعاته بنسبة 30%.
وأدى تراجع حجم نشاط شركات المحروقات، وفق رئيس الغرفة النقابية حمادي الخميري، إلى مراجعة جل الشركات لبرامج توسعها، ما أدى إلى انحسار كبير في نسبة الاستثمار في قطاع بيع المحروقات بعد أن أُجبرت العديد من محطات الخدمات على إغلاق أبوابها نتيجة تفشي استهلاك المحروقات المهربة من قبل التونسيين، خاصة وسائل النقل وقطاع الزراعة.
وقال الخميري في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن خسائر شركات المحروقات ارتفعت من 10% قبل الثورة إلى 30% حاليا، بفعل مناخ الفوضى وضعف أجهزة المراقبة الأمنية والجمركية، تلك عوامل عززت موقف التهريب.
وحسب بيانات رسمية نشرها البنك الدولي في تقرير حديث، يشتغل نحو أربعة آلاف شخص من الجنوب التونسي، ولا سيما منطقة بن قردان الحدودية، ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 عاما في السوق السوداء والتهريب.
وقال البنك الدولي إن هذا النوع من التجارة له دور اقتصادي واجتماعي مهم في المناطق الحدودية حيث التجارة غير الرسمية من الأنشطة الاقتصادية المهمة.
وارتفعت وتيرة عمليات التهريب بين ليبيا وتونس بعد الإطاحة بنظامي الحكم في البلدين عام 2011، ومع دخول ليبيا في حالة فوضى أضعفت الدولة ما جعل التجارة الموازية في المحروقات، وغيرها من أهم مصادر الكسب لأهالي منطقة بن قردان وغيرها من المدن المجاورة للمعابر الحدودية.
وأكد تقرير للبنك الدولي في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن الاقتصاد التونسي يتكبد سنوياً خسائر بقيمة 1.2 مليار دينار (540 مليون دولار تقريبا) بسبب التجارة الموازية مع الجارة ليبيا.
وذكر البنك أن التهريب والتجارة غير الرسمية يمثلان أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، وأن 328 ألف طن من السلع المهربة تمر سنويا عبر راس الجدير في بن قردان. ويقول مراقبون إن التهريب بات صمام أمان لكثير من الأسر في المحافظات الحدودية بتونس التي تعاني من ارتفاع نسب البطالة والفقر.
وقال رئيس مؤسسة "سيغما كونساي" للإحصائيات، حسن زرقوني، في تصريحات إعلامية، إن تهريب المحروقات يكلف الدولة خسائر تصل إلى 400 مليون دينار (173 مليون دولار)، لكنّه يشغل كقطاع مواز حوالى 20 ألف شخص أغلبهم من الأطفال.
وأضاف أن ثلثي المستهلكين يقبلون على شراء هذه المحروقات رغم علمهم بانعكاساته السلبية على وسائل نقلهم، حسب تعبيره.
واعتبر الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي، أن توسع نشاط المهربين الذي بات يستأثر بنصف الاقتصاد وليد تراكمات سياسات حكومية خاطئة على امتداد أكثر من عقدين.
وشدّد البدوي في تصريح لـ "العربي الجديد"، على أن السكوت عن مقاومة تلك الظاهرة شجع المهربين على توسيع نشاطهم بعد الثورة، إذ تبين أنهم يدفعون الأموال للجماعات الإرهابية لتأمين الطرق والمسالك وحمايتهم من الدوريات الأمنية.
وتكشف الدوريات المشتركة بين الأمن والجمارك على فترات متقاربة عن شبكات منظمة للتهريب الحدودي، حيث تقوم بحجز كميات كبيرة من الوقود المهرب.
كما نجحت الدوريات منذ العام الماضي في الإطاحة بأشهر شبكات التهريب في الجنوب ومصادرة سلعها على غرار عائلة "وشواشة"، والمهرب حسن معيز، الملقب بـ "أمير الحدود"، الذي فضّل إنهاء حياته برصاصة أطلقها على نفسه عندما قامت قوات الأمن بمداهمة منزله.
يقترح مختصون على الحكومة التونسية وصفة جديدة لتطويق الأسواق غير الرسمية ( الاقتصاد الموازي) الآخذة في الانتشار، وذلك عبر استبدال الأوراق المحلية المعمول بها حاليا، ما يُجبر المتهربين على إظهار مدخراتهم من العملة الحالية، خوفا من تلفها، فيما لا تزال الحكومة، رغم التفاقم غير المسبوق للاقتصاد الموازي، تبحث أدوات الحد من هذه الظاهرة.