أعلنت كتل عمالية وجهات نقابية في فلسطين، رفض مشروع قانون للضمان الاجتماعي أحاله مجلس الوزراء إلى الرئيس محمود عباس للمصادقة عليه، وفي المقابل تقول الحكومة إن مقترح القانون يعزز التكافل الاجتماعي، ويزيد الثقة بين العامل ورب العمل.
وتم التوصل إلى مقترح القانون بعد حوار رعته منظمة العمل الدولية وضمّ وزارة العمل الفلسطينية وممثلين عن أرباب العمل (القطاع الخاص)، وممثلين عن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
ولم تنشر مسودة القانون للنقاش العام حتى الآن، رغم أنها تمس قطاعات واسعة من المجتمع، وعلمت "العربي الجديد" أنه ينص على "مساهمة بنسبة 7.5% من قيمة دخل العامل، مقابل 8.5% من رب العمل في صندوق الضمان الذي سيقوم بدوره باستثمار الأموال ومنح التقاعد على أساس سنوي بنسبة 1.7 % من قيمة الراتب الأخير مضروباً بعدد سنوات الخدمة".
وجرى تحديد النسب المذكورة بناء على دراسة قامت بها منظمة العمل الدولية بإجرائها، وانطلقت من عدة محددات منها الحد الأدنى للأجور، ومعدلات الدخل وغيرها.
وترى الجهات النقابية الرافضة للقانون، أن المشروع لا يمثل "نظام تقاعد" وحماية وأمنا اجتماعيين للعمال، بقدر ما هو "صندوق استثماري ادخاري" يحصل بموجبه المنتفع عند بلوغه 65 عاماً، على مجموع مساهماته واقتطاعاته من المشغل، مضافًا إليها جزء من عوائد وفوائد الأموال المدخرة.
واعتبرت النقابات أن القانون ورغم أهميته الكبرى في تحقيق الحماية والعدالة الاجتماعية، إلاّ أنه لم ينل حقه من النقاش المجتمعي".
وفي بيان حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، طالبت كل من كتلة الوحدة العمالية، والكتلة العمالية التقدمية، ونقابة العاملين في قطاع الخدمات العامة والأعمال الحرة، بنشر مشروع قانون الضمان الاجتماعي، للتأكد من أنه يحقق الأهداف والغايات المأمولة منه في توفير الحماية الاجتماعية والتوزيع العادل للدخل وتحقيق الاستدامة في المنافع التأمينية على قاعدة العدالة الاجتماعية، والإنصاف للفئات المستضعفة، ومكافحة الفقر والبطالة.
اقرأ أيضاً: فلسطين تنفي بحث تسهيلات اقتصادية مع إسرائيل
وفي هذا السياق، أكد مدير مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية (مجتمع مدني)، إياد الرياحي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه في حالة المصادقة على قانون الضمان الاجتماعي بصيغته الحالية، "سيكون يوماً أسود في تاريخ الحكومة الفلسطينية وسياساتها الاقتصادية".
ورأى الرياحي "أن قصوراً يعتري القانون بدءاً من نسب الاشتراكات، الاستثمار، معامل احتساب التقاعد، غياب الضمانات الحكومية الفعلية لأموال المساهمين، عدم وجود آليات محفزة لانضمام العاملين لحسابهم لمؤسسة الضمان، غياب الفاعلين في قطاع غزة عن النقاش حول القانون".
وأضاف الرياحي أن "استمرار الحكومة في تجاهل الحقوق الخاصة بالعاملين والموظفين وانحيازها المطلق للقطاع الخاص ومصالحه، سيزيد من الفجوة بين الحكومة والمواطنين". وقال إن "المرصد قام بمقارنة بين ما نشر من مقترح القانون الفلسطيني وعدد من القوانين في الدول العربية وتبين أنه الأسوأ".
ورأى خبراء أن صعوبات جمة ستواجه تطبيق القانون في حال إقراره، خاصة في ظل وجود أكثر من 100 ألف عامل وعاملة في السوق الفلسطينية يتقاضون رواتب دون الحد الأدنى للأجور، بحيث لا يمكنهم المساهمة بأي جزء من أجرهم المتدني في صندوق الضمان.
وتشير إحصاءات حديثة إلى طبيعة الاقتصاد المحلي القائم على مشاريع متناهية الصغر قليلة التشغيل بحيث لن تستطيع سوى 18% من المنشآت دفع مساهمة شهرية عن العاملين فيها.
وفي المقابل، تقول الحكومة الفلسطينية إن "مشروع قانون الضمان الاجتماعي يعد أحد مكونات منظومة الضمان الاجتماعي، الذي تم إعداده استناداً إلى أفضل الممارسات الإقليمية والدولية، ووفقاً لمبادئ الحوكمة والشفافية والعدالة الاجتماعية، بهدف تخفيف العبء عن القطاع الحكومي مقابل إيجاد ضمانات في القطاع الخاص، وتوفير منافع التأمينات الاجتماعية المنصوص عليها في هذا القانون للمؤمن عليهم بالاعتماد على مبادئ الإنصاف والشفافية والكفاءة".
واعتبرت الحكومة، في بيان وصل "العربي الجديد" نسخة منه، أن مشروع القانون يضمن تأمين الحاجات الأساسية للمؤمن عليه ولأفراد أسرته، والإسهام في تحقيق الاستقرار الوظيفي للإنسان العامل كحافز للعمل، وتوطيد علاقة العامل بصاحب العمل، وتعميق قيم التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد وتوزيع الدخل بين الأجيال، والإسهام في تقليص الفقر.
اقرأ أيضاً:
ارتفاع التضخم في فلسطين 1.47% في نهاية نوفمبر
أزمة فلسطين المالية تصل لأصحاب المعاشات