مع دخول عمال النفط في الكويت إضرابهم عن العمل أمس الأحد، وانخفاض إنتاج النفط من 2.9 مليون برميل إلى 1.1 مليون بسبب ذلك، تتصاعد حالة الجدل السياسي والديني المحيطة بإضراب العاملين بالقطاع النفطي الكويتي، وتتباين مواقف الكتل السياسية والبرلمانية حوله، بالإضافة إلى مواقف القانونيين ورجال الدين حول قانونية وشرعية الإضراب.
سياسيا، أعلن نواب المعارضة دعمهم للإضراب، معتبرين أن مطالب عمال القطاع النفطي مشروعة، وأن الحكومة قد أخلت بعقودها ووعودها معهم.
وقال النائب السابق مبارك الصيفي في تصريحات إعلامية: "ذهبت إلى مقر نقابات العاملين في القطاع النفطي مؤيدا وداعما لإخواننا، للحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم".
فيما زار مسؤولو حزب المحافظين المدني، وهو حزب كويتي معارض أُعلن عنه في 2014 على الرغم من حظر القانون الكويتي للأحزاب، مقر الإضراب وأعلنوا دعمهم وتأييدهم التام له ومساندتهم لأي خطوات أو إجراءات يتخذها عمال البترول للمحافظة على أعمالهم.
دعم سياسي
وقال حماد النومسي رئيس الحزب في تصريح "للعربي الجديد": نؤكد على حق الأخوة في اتحاد عمال البترول وجميع نقابات القطاع النفطي بممارسة دورهم عبر أي وسيلة من الوسائل السلمية التي يرونها بما في ذلك الإضراب الشامل للدفاع عن مكتسبات ومنتسبي العمال والتصدي لأي محاولة من شأنها انتزاع حقوق هذه الطبقة العاملة".
وزار عدد من أعضاء البرلمان الحالي مقر الإضراب، وأعلنوا دعمهم الكامل والتام لمطالب العمال، وقال النائب عبد الله التميمي؛ وهو عامل نفطي سابق في تصريح له من مقر الإضراب: يجب أن تنتهي المشكلة سريعا ويُسمع رأي العمال حول مطالبهم المستحقة، على الحكومة أن تخضع وتجلس إلى طاولة المفاوضات، وتحل هذه الأزمة لأنها تهدد شريان البلد ومصدر دخله الوحيد.
فيما قال النائب حمدان العازمي: إن عمال القطاع النفطي هم حجر العثرة الأخير في وجه محاولات الحكومة خفض رواتب موظفيها وخصخصة القطاعات العامة بأكملها، وعلى رأسها القطاع النفطي.
في مقابل المواقف المؤيدة للإضراب أعلن التجمع السلفي، أنه يعارض الإضراب، كونه يضر بمصلحة البلاد، ويضيَع على الدولة ملايين الدولارات يوميا، وقال ممثل التجمع السلفي في البرلمان عبد الرحمن الجيران: العلماء الراسخون بالعلم أفتوا بعدم جواز الإضرابات لأنها تؤدي إلى فساد، وأسسوا قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح، والسياسيون أفتوا بجوازها تأسيسا على مصالحهم الخاصة، وهؤلاء العمال إنما يكبدون الدولة خسائر عظيمة.
والتزم أعضاء مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، الموالين للحكومة، الصمت في انتظار ما ستؤول إليه نتائج الإضراب.
فتاوى دينية
وتوالت الفتاوى الدينية، متخذة مواقف متباينة، بين مؤيدة للإضراب، ومحرمة له، على حد سواء. حيث أفتى محمد الطبطبائي، عميد كلية الشريعة الأسبق، في برنامج الإفتاء العام في تلفزيون الدولة الرسمي، بحرمة الإضراب وقال: إن الإضراب محرم شرعا لأنه يجر على الأمة ويلات الفقر والخسارة. مؤكداً على: حق الإمام في معاقبة المضربين وفق ما يراه مناسبا من العقوبات.
وأفتى الشيخ فيصل الجاسم، وهو أحد شيوخ الدعوة السلفية المعتبرين أن: الإضرار بالبلاد وتكبيدها خسائر كبيرة قد تفوق المطالبات، كل ذلك لمصالح شخصية فردية، تعدٍ وظلم وعدم وفاء للوطن، ولذا فلا يجوز المشاركة في هذا الإضراب، ومن اشترك فهو آثم وكل مال يأخذه المطالبون بسبب خضوع الدولة لمطالبهم خوفاً من العواقب فهو سحت.
لكن الرد جاء من الجهة الأخرى، حيث قال الشيخ حمد سنان، وهو أحد شيوخ التيار الأشعري في الكويت: "الدولة تحتكم إلى الدستور والقانون الوضعي اللذين يجيزان الإضراب فلما يُقحم الشرع في حكم جوازه وعدمه".
وعلى الصعيد الشعبي، يحظى إضراب عمال القطاع النفطي بتأييد واسع في الشارع الكويتي، حيث يرى المواطنون العاديون أن عمال النفط، وبسبب قوة نقاباتهم وتنظيمهم، هم الأمل الوحيد لكبح جماح "وثيقة الإصلاح الاقتصادي" التي أعلن عنها وزير المالية ووزير النفط ورئيس المجلس الأعلى للبترول أنس الصالح قبل أيام، وتتضمن هذه الوثيقة خطة كاملة تقضي بخصخصة القطاع النفطي، وتحويله إلى شركة خاصة، بالإضافة إلى خصخصة قطاعات التعليم والصحة وفرض ضريبة جديدة على المواطنين ورفع الدعم عن السلع الأساسية وخفض رواتب المواطنين بنسبة تقدر بـ10%.