بدلت الحرب السورية من بنية الاقتصاد السوري الذي اقتربت خسائره نحو 250 مليار دولار، كما غيرت من الشركاء التجاريين التقليديين، إذ لم يعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لسورية بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها على نظام الأسد منذ 2012، وكذا التجارة العربية التي شلتها العقوبات منتصف عام 2011، لتتربع إيران على قائمة شركاء الأسد بحجم تبادل وصل 22 مليار ليرة "الدولار 485 ليرة" العام الفائت، بحسب بيانات غرفة تجارة دمشق.
وأوضحت غرفة تجارة دمشق، أن سورية تصدر أقل من 6 مليارات ليرة، أي بنسبة 1% من الصادرات إلى إيران وتستورد من إيران بقيمة نحو 16 مليار ليرة.
وفصلت غرفة تجارة دمشق عملية التجارة الجارجية مع طهران، مشيرة إلى أنه على صعيد الجمارك وبمقارنة محددات تنافسية التجارة لكل من سورية وإيران ومؤشر أداء اللوجستيات فإن كفاءة إجراءات الجمارك والحدود سجلت نسبة 2.37 لسورية ونسبة 2.22 لإيران ولنوعية خدمات النقل والبنية الأساسية سجلت نسبة 2.45 لسورية ونسبة 2.36 لإيران وفي مجال سهولة الشحن سجلت نسبة 2.87 لسورية و2.44 لإيران .
ويرى المحلل الاقتصادي، حسين جميل، أن أرقام التجارة بين دمشق وطهران تنامت خلال سنوات الحرب، أكثر من النسب التي عرضتها غرفة تجارة دمشق، قبل أيام، إذ لا يوجد إحصاء دقيق لعملية التبادل التجاري، كما أن الواردات العسكرية والمعدات الحربية، لا تصل إلى سجلات اتحاد غرف التجارة السورية، بحسب جميل.
وأشار المحلل السوري من إسطنبول، إلى أن ما يسمى الخط الائتماني الذي فتحته إيران مع النظام السوري، الذي بدأ بثلاثة مليارات دولار، وزاد، خلال العام الفائت، بنحو 2.4 مليار، دفع طهران للمرتبة الأولى بالنسبة للمصدرين إلى سورية، في ظل توقف العلميات التجارية بين سورية من جهة، وتركيا والدول العربية والأوروبية، من جهة أخرى.
وتوقع جميل، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تتضاعف أرقام الصادرات الإيرانية لسورية، بعد بدء تطبيق اتفاقية التجارة الحرة التي دخلت حيز التنفيذ، الشهر الفائت، والتي خفضت 96% من الرسوم الجمركية بين البلدين.
من جهتها، قالت رانيا أحمد مديرة العلاقات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بنظام الأسد: إن اتفاقية التجارة بين سورية وإيران والموقعة في 8/3/2011 التي تتضمن تخفيض الرسوم الجمركية بين سورية وإيران إلى 4% دخلت حيز التنفيذ، منذ نحو شهر، ولكن سورية تلتزم بتطبيق هذه الاتفاقية منذ العام 2012، حيث باتت الاتفاقية في حيز التنفيذ من كلا الجانبين الآن.
وأوضحت أحمد خلال تصريحات صحافية، أن هناك قوائم منظمة بين البلدين للسلع تتضمن 88 سلعة سورية مستثناة من هذا التخفيض من السلع السورية الموردة إلى إيران و88 سلعة إيرانية كذلك مستثناة من هذا التخفيض، وما عدا هذه السلع المتضمنة في هذه القوائم فإنها تدخل إلى أسواق كلا البلدين برسوم جمركية مخفضة قائلة: إن بدء تطبيق الاتفاقية من الجانب الإيراني سوف يساهم في زيادة حركة التبادل التجاري بين البلدين.
ويرى خبراء سوريون أن إيران بدأت، إلى جانب روسيا، تتحكم بالاقتصاد السوري على الرغم من انهياره اليوم، استعداداً لاقتسام كعكة الخراب، في ما يسمى إعادة إعمار سورية والبقاء على وصاية الأرض والشعب، إلى أمد طويل.
ويقول الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح" قبل البحث في بنية الصادرات والواردات الإيرانية لنظام الأسد، كنا نتمنى معرفة السلع الـ88 المستثناة من التخفيض الجمركي، وهل لدى سورية اليوم من إنتاج تصدره للخارج، سوى ما يقطع عن أفواه السوريين من خضر وفواكه".
ويضيف المصبح "ولكن يبدو أن المجريات على الأرض، تعدت جميع الاتفاقات الاقتصادية التي تم توقيعها بين نظام الأسد وحلفائه، بما فيها طلب النظام رسمياً تعهيد قطاع النفط للروس والكهرباء والمطاحن لإيران، الذي جرى الشهر الفائت، إذ بعد اجتماع وزراء الدفاع في نظام الأسد وإيران وروسيا بطهران قبل أيام، تمت إعلان الوصاية كاملة على سورية، سياسياً واقتصادياً".
ونوه الدكتور المصبح لـ"العربي الجديد" أن تعهيد قرارات الأرض لوزير الدفاع الإيراني، هو بمثابة احتلال مباشر، سبق لإيران أن مهدت له عبر قروض واتفاقات، ورهنت نظام الأسد بديون عبر ما سمته خط الائتمان، كي تتحكم بكامل القرار السوري، مستغلة التراجع الدولي عن القضية السورية وذريعة محاربة الإرهاب، لتوصل من خلال سورية، مشروعها السياسي الطائفي، من العراق إلى لبنان".
ويشير الاقتصادي السوري، على الرغم من ضجة حجم التبادل بين نظام الأسد وإيران، إلى أن صادرات دمشق لطهران لا تشكل 0.1% ويقع ترتيب سورية في المركز 61 من حيث الدول التي تستورد منها إيران، لكن المشكلة في الطرف الثاني من معادلة التجارة الخارجية، أي في مدى استغلال العقوبات الاقتصادية المفروضة، عربياً وأوروبياً على نظام الأسد، وجعل السوق السورية مكباً للإنتاج الإيراني والروسي.