أعلنت وزارة النقل العراقية، الأحد، عن طرح مشروع ميناء الفاو الكبير، الواقع في محافظة البصرة على الخليج العربي جنوب البلاد، للاستثمار، أمام الشركات الأجنبية المتخصصة، بهدف الإسراع في إنجاز المشروع الذي يعاني من بطء بسبب الخبرات البسيطة للشركات المحلية العراقية.
فيما توقع خبراء واقتصاديون أن مشروع الميناء قد يعود على العراق بمنافع مالية تقدر بنحو 15 مليار دينار شهريا، حال اكتماله وعمله بطاقته القصوى.
ويمتلك العراق عددا من الموانئ على مياه الخليج العربي، أبرزها ميناء البصرة وأبو فلوس وأم قصر وخور الزبير والمعقل، بعضها مخصص لتصدير النفط وأخرى لنقل المسافرين والبضائع.
وكانت الحكومة العراقية قد طرحت، في عام 2010، مشروع ميناء الفاو الكبير بالتزامن مع مشروع ميناء مبارك الكويتي المقابل، بعد اعتراض قدمه العراق بشأن الميناء الكويتي، مبينا أنه يضيق على حركة السفن التجارية وناقلات النفط التي تدخل إلى البصرة.
وهو ما اعتبره مراقبون أن ميناء الفاو رد فعل على الخطوة الكويتية ومحاولة لخلق ميناء منافس له، خاصة مع وجود خطط مد سكك حديد من البصرة إلى تركيا لنقل البضائع، وهو مشروع يسعى العراق إلى تنفيذه منذ سنوات، لكن الأزمة المالية وانخفاض أسعار النفط جعلته قيد الانتظار.
وتبلغ كلفة إنشاء الميناء الإجمالية، وفقا لتقرير وزارة النقل العراقية، 4.4 مليارات يورو، قامت الحكومة في بغداد بتمويل المراحل الأولى للمشروع، على أن يتم تأسيس شركة محلية قابضة تتولى تمويل المراحل المتبقية بصيغة الاستثمار، خاصة أن الميناء يكتسب أهمية كبيرة على مستوى التجارة العالمية إذا ما تم إنشاء خط لسكك الحديد يربط منطقة الخليج عبر الأراضي العراقية بشمال أوروبا من خلال تركيا.
وتتولى حالياً شركة دايو الكورية الجنوبية عملية إنشاء كاسر الأمواج الغربي في موقع الميناء، فيما تقوم شركة أرشيرودون اليونانية بإنشاء كاسر الأمواج الشرقي، وبعد ذلك من المقرر المباشرة بحفر حوض الميناء وتعميق القناة الملاحية للميناء.
وتقدر الطاقة الاستيعابية للميناء بنحو 99 مليون طن سنوياً، ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على منطقة الخليج العربي، وقد تم وضع حجر الأساس لهذا المشروع يوم 5 أبريل/نيسان 2010 من قبل وزير النقل العراقي.
ويقع الميناء في منطقة راس البيشة في محافظة البصرة على الخليج العربي، ومن المؤمل إحداث نقلة نوعية في قطاع النقل البحري بالعراق، وقام العراق بمفاتحة دول عدة، من بينها اليابان والصين وجنوب شرق آسيا، للاستفادة من الميناء عبر نقل بضائعها إلى أوروبا عبر العراق، وبالعكس، ليصبح بمثابة ميناء (ترانزيت).
وتشمل المراحل التالية للمشروع، إنشاء خط سكك حديدية يربط الفاو بالخط الوطني، وتعميق الغاطس للممر الملاحي للميناء، وتبلغ عدد الأرصفة، في مرحلته الأولى، 33 ما بين رصيف حاويات وبضائع ومواد حتى عمق 17 م، وبناء مخازن للحبوب وأبراج وساحبات هوائية وأحزمة ناقلة عدد 2 ورافعات نمطية، عدد 22 بطاقات مختلفة، إلى جانب إنشاء مرافق مهمة، بينها مهابط للطائرات وفتح طرق دولية وإقامة معامل لمعالجة المياه القذرة ومحطات للوقود. ويبنى الميناء على مساحة طولها 6700 متر، بعرض 2190 مترا، كما ستكون مساحة رصيف الحاويات 39 ألف متر مربع.
وقال وزير النقل بالوكالة، عبد الحسين عبطان، في بيان إن "يوم الأربعاء المقبل سيشهد عقد مؤتمر استثماري كبير في البصرة خاص بميناء الفاو، بحضور 13 شركة أجنبية، لإحالة أرصفة الميناء للاستثمار، ميناء الفاو سيجعل العراق الأول في المنطقة في مجال الموانئ".
مضيفاً "في حال تم الاتفاق مع الشركات في المؤتمر فسيكون التوقيع فورياً مع الشركة التي ستنال عقد الاستثمار في العام المقبل وسيكون الرصيف الخدمي لميناء الفاو جاهزاً، وتبقى لدينا 25% من كاسر الأمواج، بالإضافة الى حفر المسار، فضلاً عن الأرصفة".
وتابع وزير النقل العراقي بالوكالة أن "ميناء الفاو سيمكننا من أن نكون الأول في المنطقة في مجال الموانئ، وسيوفر فرص عمل كبيرة للعراقيين، ومن دون ميناء الفاو لن نستطيع أن نأخذ مكانتنا الصحيحة في المنطقة".
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، عبد الله نزار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "التوقعات والجدوى الاقتصادية لميناء الفاو الكبير حسب ما خطط له سيوفر ما مقداره 15 مليار دينار عراقي شهرياً، وتشغيل أيد عاملة بحدود 7 آلاف فرصة عمل".
مضيفاً أن "الحكومة العراقية لم تعمل بصورة جدية عندما كانت البلاد تمتلك أموالا فائضة في عام 2010 لسرعة تنفيذ المشروع، وهناك تدخلات دولية تعيق تأخير تنفيذ المشروع لأهميته وتداخلاته مع ميناء في دولة الكويت".
من جانبه، قال النائب عن محافظة البصرة، مازن المازني، لا توجود أية أعمال حقيقية لإنشاء ميناء الفاو حتى الآن، عدا رمي الصخور والرمال في شط العرب، وبناء كاسر الأمواج الشرقي والغربي لم يكتمل بعد، رغم أن نسبة الإنجاز في أحدهما وصلت إلى 90%، لكن أعمالا أخرى كثيرة ما تزال غير منفذة.
وأشار المازني إلى أن "الخبراء يؤكدون أن العمل لإنشاء الميناء قد يستمر أكثر من 6 سنوات"، مبينا أن "وزير النقل وافق على مقترح للجنة النفط والطاقة ونواب محافظة البصرة بتأسيس شركة مساهمة من أبناء البصرة تتبنى عملية إنشاء ميناء الفاو، وتم تشكيل الشركة المساهمة، لكن لا يوجد أي تقدم حتى الآن ولا يوجد عقد مع شركة معينة لإنشاء الميناء، بل يتم تنفيذ التصاميم من قبل الوزارة وإمكانياتها".
وأعتبر أن "طرح المشروع للاستثمار خطوة جيدة ولكنها متأخرة، لأن المشروع طرح منذ ست سنوات، ولغاية اليوم وزارة النقل لم تفلح في سرعة تنفيذه".