دعت أطراف سورية معارضة الاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات المفروضة على روسيا، وفرض عقوبات اقتصادية جديدة، بعد استمرار الطيران الروسي بقصف منشآت اقتصادية وخدمية في محافظتي حلب وإدلب، شمالي غرب سورية.
ويقول الدكتور محمد الدندل، ربما العقوبات الاقتصادية على روسيا، هي السبيل الوحيد المتاح بعد النأي الأميركي واستفرادها بسورية وفق منطق الاستقواء، فروسيا ذات اقتصاد ناهض لكنه هش ولم تكتمل أركانه ليصل إلى حالة من الاستقرار العميق التي تجعل منه اقتصادا يتحمل الأزمات الكبرى ويخرج منها سالما كالاقتصاد الأميركي أو الألماني أو الفرنسي.
ويضيف عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، الدندل لـ"العربي الجديد"، إن زيادة وتشديد معاقبة روسيا اقتصاديا هو الشكل الأجدى لثنيها عن استمرار التدمير والقتل في سورية، فضلاً عن أنه شكل من الاستثمار الناجح استراتيجيا وبكل المعاني السياسية والاقتصادية، لأن الروس لن يستجيبوا للمناشدات السياسية ومنطق الشركة الدولية أو المناشدة الأخلاقية والإنسانية وحقوق الشعوب وحقوق الإنسان، فهذا البعد غائب كليا لدى الروس وحتى حلفائهم كالنظام الإيراني والنظام السوري، فجميعهم لا يفهمون إلا منطقا واحدا ووحيدا هو العاقبة المباشرة الذاتية التي تخصهم كأنظمة وأفراد لما يرتكبون من قتل وتدمير.
وفي حين عوّل الدندل على عودة العلاقات الروسية التركية بإيجاد مخرج للأزمة السورية، تخوّف في الوقت نفسه من صفقة تبدد حق السوريين وتبعدهم عن شركائهم التقليديين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي الذي يزيد حجم التبادل التجاري معه قبل الثورة عن 50% من التجارة الخارجية السورية، ما يستوجب من دول الاتحاد الاستفادة من المرحلة لعودة شركائها، عبر ضرب الاقتصاد الروسي، ودون أية مواجهة مباشرة.
من جهتها، طالبت عضو وفد الشعب السوري إلى مفاوضات جنيف بسمة قضماني الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على شركات روسية ضالعة في تسليم شحنات أسلحة إلى نظام الأسد والذي يقوم بدوره بقصف المناطق المحررة بشكل عشوائي ودون تمييز.
وأضافت قضماني بعد لقائها مع فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ومسؤولين حكوميين في بروكسل أمس، إن أي تراجع من الاتحاد الأوروبي عن عقوباته على روسيا سيقرأ من قبل الكرملين وبشار الأسد كبادرة على إتاحة مساحة أمام نظامه "للعودة إلى المسرح الدولي".
وضربت قضماني على ذلك مثال العقوبات الأوروبية على روسيا بخصوص الأزمة الأوكرانية، حيث فرض الاتحاد الأوروبي تلك العقوبات وطبقها ثم جددها، معبرة عن استغرابها من اعتبار الاتحاد الأوروبي سورية أقل أهمية من أوكرانيا.
وأشارت قضماني، خلال بيان نشره الائتلاف السوري المعارض، إلى أن الذعر الذي سببه تصويت بريطانيا الأسبوع الماضي لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي قد جعل التكتل المكون من 28 بلداً أكثر إصراراً على لعب دور في سورية.
وتشير مصادر إلى أن 70% من منشآت حلب البالغة أكثر من 40 ألف منشأة قبل الثورة، تهدمت أو تم نقلها لمناطق سيطرة الأسد أو إلى خارج القطر، ولم يبق على قيد الإنتاج الجزئي اليوم، سوى 1065 منشأة، منها 170 في مدينة الشيخ نجار، من أصل 3392 منشأة بالمدينة الصناعية مطلع عام 2011 ونحو 360 منشأة بمنطقة الراموسة الصناعية من أصل 1370 وبعض المعامل والمنشآت الصغيرة في تجمع جبرين الصناعي.
ويؤكد الباحث تركي مصطفى أن الحملة الجوية التي تشنها الطائرات السورية والروسية على حلب، استهدفت منشآت خدمية عامة كمشفى شوقي ومشفى القدس، ومركزا للرعاية الطبية ومواقع خدمية تؤمن المياه والكهرباء، فضلاً عن قصف الأسواق.
وأضاف مصطفى لـ"العربي الجديد" أن القصف الجوي السوري الروسي ركز على منشآت اقتصادية خاصة في حي الجلوم سوق بيع الألبسة وتصنيعها والسوق الرئيسي بحي بستان القصر، بعد أن دمر ثلاثة معامل للأدوية بشكل كامل.
ويحذر سوريون من استمرار التهجير جراء القصف والحرب المندلعة بريف حلب منذ أشهر، ما حول معظم أحياء حلب لمناطق أشباح بعد أن كان سكان المحافظة ثلث عدد سكان سورية، مشيرين إلى أن عدد سكان الأحياء المحررة الـ65 اليوم لا يزيد عن 130 ألف نسمة، يعتمد جلهم على المساعدات والسلل الغذائية، بعد تهديم المنشآت والمنازل وتلاشي أي فرص للعمل، في حين يسكن الأحياء الـ15 التي يسيطر عليها النظام نحو مليوني سوري.
وفاقت تكاليف دمار الحرب السورية خسائر الحرب العالمية الثانية، وقدر "المركزي السوري لبحوث السياسات "الخسائر الاقتصاديّة في سورية بنحو 254.7 مليار دولار، أي ما يُعادل 468 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010.