حتى الآن كانت أسواق المال العالمية تعتقد أن أزمة حصار قطر لن تستمر طويلاً، وبالتالي لم تتأثر بدرجة تذكر من الأزمة الخليجية، ولكن بدأ بعض مديري محافظ الاستثمار في كل من نيوريورك ولندن ينتابهم القلق في أعقاب جولة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون التي قابلتها دول الحصار بنوع من التعنت.
وينتاب القلق أسواق المال من التداعيات السالبة للأزمة على صعيدي سحب أرصدة خليجية مستثمرة في الغرب وتعرض بعض العملات الخليجية للاهتزاز مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني، وهي عملات مرتبطة بالدولار.
ويقول خبراء استثمار غربيون، إن أزمة حصار قطر أتت في وقت حرج بالنسبة للمصارف الغربية وبالنسبة لدول منطقة الخليج. فبالنسبة لمراكز المال الغربية، تأتي الأزمة في وقت بدأت فيه المصارف المركزية الغربية تشديد سياساتها النقدية، وهو ما يعني زيادة كلفة الإقراض في وقت تنعدم فيه التدفقات النقدية المتاحة من منطقة الخليج. أما بالنسبة للأخيرة فتأتي في وقت تنخفض فيه إيرادات النفط بسبب انهيار الأسعار، وتتزايد أعباء الإنفاق لدول الخليج بسبب كلف الحرب في اليمن وتزايد الإنفاق على أمنها الداخلي.
وحسب تقرير في صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مديري المحافظ الاستثمارية في مراكز المال الغربية يتخوفون من استمرار أزمة الخليج، لأن استمرارها ربما يجبر بعض الدول الخليجية على تسييل جزء من محافظها الاستثمارية أو موجوداتها في سندات الخزانة الأميركية، وهذا سيؤثر على حجم السيولة المتاحة في أسواق المال.
في هذا الصدد، نسبت "نيويورك تايمز" إلى مدير الاستثمار بشركة "ستيت ستريت غلوبال"، ابهشيك كومار، قوله: "إن دول الخليج لديها استثمارات مهمة في الغرب وإذا اضطرت لبيع جزء منها، فإن ذلك سيكون له أثر سلبي في السوق".
ويلاحظ أن دولة مثل السعودية تعاني أصلاً من فجوة مالية في الإنفاق ومن تراجع في معدل النمو الاقتصادي حسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، ربما تجبرها ظروف الأزمة إلى تسييل جزء من موجوداتها في سندات الخزانة الأميركية المقدرة بحوالى 240 مليار دولار. وذلك حسب تقرير وزارة الخزانة الأخير.
وقد استخدمت السعودية احتياطاتها بنهم شديد خلال السنوات الماضية، لدرجة أن هذه الاحتياطات هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ العام 2011. وذلك حسب التقرير الذي نشرته رويترز الأسبوع الماضي، واستندت فيه إلى الأرقام الرسمية لمؤسسة النقد السعودي" ساما" حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي. وربما لا تتمكن السعودية في المستقبل من الحصول على قروض سهلة بعد هذه الأزمة التي زرعت الشكوك حول مستقبل الاستقرار السياسي في منطقة الخليج، التي كان ينظر لها كملاذ آمن في محيط مضطرب.
وحسب تقرير "نيويورك تايمز"، تتركز مخاوف مديري محافظ المال الغربية من انكماش موجودات دول الحصار في الغرب. وكانت دول الخيج تضخ في سنوات ارتفاع أسعار النفط حوالى 500 مليار دولار سنوياً في النظام المصرفي العالمي.
وتتخوف المصارف الاستثمارية الآن ومع احتمال طول أمد حصار قطر، أن تضطر بعض دول الخليج لسحب جزء من ايداعاتها أو تسييل محافظها لتغطية النفقات.
أما العامل الثاني فيتمثل في الضغوط التي من المحتمل أن تواجهها بعض العملات الخليجية المرتبطة بالدولار وتداعياتها على المستثمرين الأجانب في المنطقة، وكذلك احتمال تآكل الاحتياطات النقدية لهذه الدول من جهة أخرى، من جراء الصرف على الحفاظ على سعر صرفها الثابت مقابل الدولار.
في هذا الصدد، يرى رئيس وحدة ديون الدول الناشئة بشركة "إيتون فانس" مايكل سيرامي، أن سعر صرف بعض العملات الخليجية سيواجه تحديات في حال استمرار أزمة حصار قطر. ويشير سيرامي في تعليقات نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أن هذه الضغوط ستؤثر على المستثمرين في هذه الدول. ولكن تقرير الصحيفة الأميركية، يشير إلى أن قطر تمكنت من إحداث استقرار في سعر صرف الدولار بعد اليومين الأولين من الأزمة، ولكن ماذا عن بقية العملات الأخرى المرتبطة بالدولار؟
ويذكر أن سعر صرف الريال القطري، مستقر حول معدله قبل بدء الحصار وهو 3.63 مقابل الدولار.
وحسب تعليق الخبير الاقتصادي بمؤسسة "كابيتال ايكونومكس"، جيسون توفي، فإنه لا مخاوف على الريال القطري، وذلك نظراً لما تملكه قطر من احتياطات نقدية ضخمة (340 مليار دولار)، مقارنة باحتياجاتها ولما تحصل عليه من ايرادات ثابته من مبيعات الغاز الطبيعي المسال المقدرة بحوالى مائة مليار دولار سنوياً، يضاف إلى ذلك العائدات التي تحصل عليها من استثمارات في عقارات استراتيجية في لندن وعدد من عواصم العالم. وذلك حسب تعليقات سابقة للخبير توفي لـ" العربي الجديد".
ولكن ماذا عن الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني، يرى التقرير أن معظم دول الخليج تستطيع الدفاع عن سعر صرفها الثابت مقابل الدولار، نظرا لما تملكه من احتياطات نقدية ولكن ذلك سيكلفها غالياً، وربما تكون له تداعيات سالبة على المستثمرين فيها وعلى أسواق المال العالمية.
فالدفاع عن الدرهم الإماراتي الذي يبلغ سعر صرفه حالياً 3.67 دراهم مقابل الدولار، سيكلف الاحتياطات الأماراتية مبالغ طائلة، قد تتحملها إمارة ابوظبي وحدها عبر صرف جزء من احتياطاتها النقدية، ولكن ستكون له تداعيات خطيرة على إمارة ليست لديها مبيعات من النفط أو الغاز، مثل دبي، وإنما تعتمد فقط على تدفق الاستثمارات الأجنبية. وفي حال اهتزاز الدرهم الإماراتي، فإن اقتصاد دبي سيهتز بشدة، لأن المستثمر الأجنبي لا يرغب في وضع أمواله في دولة سعر صرفها مهتز وبالتالي سيتعرض للخسارة حينما يحول استثماراته للدولار.
ويقول خبراء في لندن، إن إمارة دبي غير مرتاحة لتطورات الأزمة الخليجية، لأنها إذا استمرت ستضرب اقتصاد الإمارة وتثير شكوكا حول مصداقيتها الاستثمارية.
أما بالنسبة للدينار البحريني، فإن تداعيات اهتزاز سعر صرفه ستكون سلبية مباشرة على مركزها المصرفي الذي تعتمد عليه حتى الآن في الدخل.
ولكن يرى خبراء أن الخاسر الأكبر من استمرار أزمة حصار قطر سيكون السعودية التي تواجه مجموعة من الصعوبات المالية وتسعى إلى تحويل اقتصادها من الاعتماد على النفط إلى "اقتصاد غير نفطي". ويلاحظ أن الريال السعودي تعرض لموجة من المضاربات العنيفة خلال العام 2015، دفعت مؤسسة النقد السعودي "ساما" إلى سن قوانين تجرم المضاربة بالعملة، وهو ما أثار التكهنات بأن السعودية ربما تتخلى عن ربط الريال بالدولار بعد الخسائر المالية الضخمة التي تعرضت لها في الدفاع عن سعر صرف الدولار. وهو ما نفته حكومة الرياض.
ويذكر أن الاحتياطات النقدية لدول الخليج تقدر بمبالغ تراوح بين 2.3 و3 ترليونات دولار. وتعد الاستثمارات القطرية، من بين أكثر الاستثمارات الاستراتيجية في الغرب، إذ إنها تستثمر في عقارات رئيسية في لندن وبعض مراكز المال في لندن ونيويورك.
وتدر هذه الاستثمارات عوائد ثابتة بالاسترليني والدولار. أما السعودية فتتركز معظم استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية أو في شكل حسابات دولارية. وهذه الاستثمارات لا تدر عوائد تذكر.
اقــرأ أيضاً
وينتاب القلق أسواق المال من التداعيات السالبة للأزمة على صعيدي سحب أرصدة خليجية مستثمرة في الغرب وتعرض بعض العملات الخليجية للاهتزاز مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني، وهي عملات مرتبطة بالدولار.
ويقول خبراء استثمار غربيون، إن أزمة حصار قطر أتت في وقت حرج بالنسبة للمصارف الغربية وبالنسبة لدول منطقة الخليج. فبالنسبة لمراكز المال الغربية، تأتي الأزمة في وقت بدأت فيه المصارف المركزية الغربية تشديد سياساتها النقدية، وهو ما يعني زيادة كلفة الإقراض في وقت تنعدم فيه التدفقات النقدية المتاحة من منطقة الخليج. أما بالنسبة للأخيرة فتأتي في وقت تنخفض فيه إيرادات النفط بسبب انهيار الأسعار، وتتزايد أعباء الإنفاق لدول الخليج بسبب كلف الحرب في اليمن وتزايد الإنفاق على أمنها الداخلي.
وحسب تقرير في صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مديري المحافظ الاستثمارية في مراكز المال الغربية يتخوفون من استمرار أزمة الخليج، لأن استمرارها ربما يجبر بعض الدول الخليجية على تسييل جزء من محافظها الاستثمارية أو موجوداتها في سندات الخزانة الأميركية، وهذا سيؤثر على حجم السيولة المتاحة في أسواق المال.
في هذا الصدد، نسبت "نيويورك تايمز" إلى مدير الاستثمار بشركة "ستيت ستريت غلوبال"، ابهشيك كومار، قوله: "إن دول الخليج لديها استثمارات مهمة في الغرب وإذا اضطرت لبيع جزء منها، فإن ذلك سيكون له أثر سلبي في السوق".
ويلاحظ أن دولة مثل السعودية تعاني أصلاً من فجوة مالية في الإنفاق ومن تراجع في معدل النمو الاقتصادي حسب تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، ربما تجبرها ظروف الأزمة إلى تسييل جزء من موجوداتها في سندات الخزانة الأميركية المقدرة بحوالى 240 مليار دولار. وذلك حسب تقرير وزارة الخزانة الأخير.
وقد استخدمت السعودية احتياطاتها بنهم شديد خلال السنوات الماضية، لدرجة أن هذه الاحتياطات هبطت إلى أدنى مستوياتها منذ العام 2011. وذلك حسب التقرير الذي نشرته رويترز الأسبوع الماضي، واستندت فيه إلى الأرقام الرسمية لمؤسسة النقد السعودي" ساما" حتى نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي. وربما لا تتمكن السعودية في المستقبل من الحصول على قروض سهلة بعد هذه الأزمة التي زرعت الشكوك حول مستقبل الاستقرار السياسي في منطقة الخليج، التي كان ينظر لها كملاذ آمن في محيط مضطرب.
وحسب تقرير "نيويورك تايمز"، تتركز مخاوف مديري محافظ المال الغربية من انكماش موجودات دول الحصار في الغرب. وكانت دول الخيج تضخ في سنوات ارتفاع أسعار النفط حوالى 500 مليار دولار سنوياً في النظام المصرفي العالمي.
وتتخوف المصارف الاستثمارية الآن ومع احتمال طول أمد حصار قطر، أن تضطر بعض دول الخليج لسحب جزء من ايداعاتها أو تسييل محافظها لتغطية النفقات.
أما العامل الثاني فيتمثل في الضغوط التي من المحتمل أن تواجهها بعض العملات الخليجية المرتبطة بالدولار وتداعياتها على المستثمرين الأجانب في المنطقة، وكذلك احتمال تآكل الاحتياطات النقدية لهذه الدول من جهة أخرى، من جراء الصرف على الحفاظ على سعر صرفها الثابت مقابل الدولار.
في هذا الصدد، يرى رئيس وحدة ديون الدول الناشئة بشركة "إيتون فانس" مايكل سيرامي، أن سعر صرف بعض العملات الخليجية سيواجه تحديات في حال استمرار أزمة حصار قطر. ويشير سيرامي في تعليقات نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أن هذه الضغوط ستؤثر على المستثمرين في هذه الدول. ولكن تقرير الصحيفة الأميركية، يشير إلى أن قطر تمكنت من إحداث استقرار في سعر صرف الدولار بعد اليومين الأولين من الأزمة، ولكن ماذا عن بقية العملات الأخرى المرتبطة بالدولار؟
ويذكر أن سعر صرف الريال القطري، مستقر حول معدله قبل بدء الحصار وهو 3.63 مقابل الدولار.
وحسب تعليق الخبير الاقتصادي بمؤسسة "كابيتال ايكونومكس"، جيسون توفي، فإنه لا مخاوف على الريال القطري، وذلك نظراً لما تملكه قطر من احتياطات نقدية ضخمة (340 مليار دولار)، مقارنة باحتياجاتها ولما تحصل عليه من ايرادات ثابته من مبيعات الغاز الطبيعي المسال المقدرة بحوالى مائة مليار دولار سنوياً، يضاف إلى ذلك العائدات التي تحصل عليها من استثمارات في عقارات استراتيجية في لندن وعدد من عواصم العالم. وذلك حسب تعليقات سابقة للخبير توفي لـ" العربي الجديد".
ولكن ماذا عن الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني، يرى التقرير أن معظم دول الخليج تستطيع الدفاع عن سعر صرفها الثابت مقابل الدولار، نظرا لما تملكه من احتياطات نقدية ولكن ذلك سيكلفها غالياً، وربما تكون له تداعيات سالبة على المستثمرين فيها وعلى أسواق المال العالمية.
فالدفاع عن الدرهم الإماراتي الذي يبلغ سعر صرفه حالياً 3.67 دراهم مقابل الدولار، سيكلف الاحتياطات الأماراتية مبالغ طائلة، قد تتحملها إمارة ابوظبي وحدها عبر صرف جزء من احتياطاتها النقدية، ولكن ستكون له تداعيات خطيرة على إمارة ليست لديها مبيعات من النفط أو الغاز، مثل دبي، وإنما تعتمد فقط على تدفق الاستثمارات الأجنبية. وفي حال اهتزاز الدرهم الإماراتي، فإن اقتصاد دبي سيهتز بشدة، لأن المستثمر الأجنبي لا يرغب في وضع أمواله في دولة سعر صرفها مهتز وبالتالي سيتعرض للخسارة حينما يحول استثماراته للدولار.
ويقول خبراء في لندن، إن إمارة دبي غير مرتاحة لتطورات الأزمة الخليجية، لأنها إذا استمرت ستضرب اقتصاد الإمارة وتثير شكوكا حول مصداقيتها الاستثمارية.
أما بالنسبة للدينار البحريني، فإن تداعيات اهتزاز سعر صرفه ستكون سلبية مباشرة على مركزها المصرفي الذي تعتمد عليه حتى الآن في الدخل.
ولكن يرى خبراء أن الخاسر الأكبر من استمرار أزمة حصار قطر سيكون السعودية التي تواجه مجموعة من الصعوبات المالية وتسعى إلى تحويل اقتصادها من الاعتماد على النفط إلى "اقتصاد غير نفطي". ويلاحظ أن الريال السعودي تعرض لموجة من المضاربات العنيفة خلال العام 2015، دفعت مؤسسة النقد السعودي "ساما" إلى سن قوانين تجرم المضاربة بالعملة، وهو ما أثار التكهنات بأن السعودية ربما تتخلى عن ربط الريال بالدولار بعد الخسائر المالية الضخمة التي تعرضت لها في الدفاع عن سعر صرف الدولار. وهو ما نفته حكومة الرياض.
ويذكر أن الاحتياطات النقدية لدول الخليج تقدر بمبالغ تراوح بين 2.3 و3 ترليونات دولار. وتعد الاستثمارات القطرية، من بين أكثر الاستثمارات الاستراتيجية في الغرب، إذ إنها تستثمر في عقارات رئيسية في لندن وبعض مراكز المال في لندن ونيويورك.
وتدر هذه الاستثمارات عوائد ثابتة بالاسترليني والدولار. أما السعودية فتتركز معظم استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية أو في شكل حسابات دولارية. وهذه الاستثمارات لا تدر عوائد تذكر.