دفع تغيير نظام التقاعد في الجزائر، العديد من القطاعات الاقتصادية إلى مواجهة هجرة جماعية للعمال والموظفين، وذلك قبل دخول التعديل الذي صادق عليه البرلمان نهاية 2016، حيز التطبيق في شهر يناير/ كانون الثاني 2019.
وألغى التعديل الذي أرجأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العمل به إلى 2019، نظام التقاعد المعمول به سابقاً، إذ أبقت الحكومة على أن يتقاعد الموظف في سن 60 عاماً شريطة العمل لمدة 15 سنة على الأقل.
وألغى التعديل المقترح الصنفين الآخرين من التقاعد، الأول يتعلق باستيفاء العامل مدة عمل لا تقل عن 32 سنة مع التأمين، أما النوع الثاني فيتمثل في التقاعد النسبي الذي يشترط بلوغ 50 سنة على الأقل، على أن يكون الموظف قد مارس العمل 20 سنة قام خلالها بدفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، مع إمكانية تخفيض مدة السن من فترة النشاط بالنسبة إلى العاملات الإناث بـ5 سنوات.
وتبرر الحكومة هذا التعديل بضرورة إقامة "عدالة اجتماعية بين الأجيال" من خلال إطالة عمر الصندوق الوطني للتقاعد الذي تقول الحكومة إنه يترنح ولن يصمد كثيراً.
ويعتبر قطاع التربية أكبر ضحايا تعديل نظام التقاعد في الجزائر، إذ تقدر النقابات عدد المعلمين الذين وضعوا طلبات الإحالة على التقاعد منذ يناير/ كانون الثاني المنصرم بأكثر من 30 ألف معلم في الأطوار الدراسية الثلاثة: الأساسي/ المتوسط/ الثانوي.
وفي السياق، أكدت مصالح الصندوق الجزائري للتقاعد أنها انتهت، يوم الأحد 27 آب/ أغسطس، من معالجة الدفعة الأولى من ملفات طلبات التقاعد المتعلقة بالتقاعد النسبي دون شرط السن التي تم إيداعها من طرف موظفي قطاع التربية، والتي يصل عددها إلى 8 آلاف ملف.
بغداد الحاج، طالب معلم للغة العربية في ثانوية "زينب أم المساكين" في العاصمة الجزائرية، وضع طلب التقاعد عند نهاية السنة الدراسية في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وأرجع هذا القرار بالرغم من بلوغه سن 53 سنة إلى عدم استطاعته إكمال العمل إلى غاية 60 سنة. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "طلب الإحالة إلى التقاعد ليس خياراً بل هو فرار قبل أن يتغير نظام التقاعد، فبعد 28 سنة من التدريس بلغت مرحلة لا أستطيع فيها العمل، خاصة في الظروف التي تعيشها المدرسة الجزائرية اليوم".
الأسباب ذاتها دفعت 35 ألف معلم إلى رفع طلبات الإحالة إلى المعاش، حسب ايدير عاشور، رئيس نقابة "مجلس ثانويات الجزائر"، الذي أضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذا العدد يمثل 30% من عدد المعلمين القدامى وأصحاب الخبرة".
وقال عاشور إن "نقابات التربية حذرت منذ طرح مسودة مشروع قانون تعديل التقاعد، من الهجرة الجماعية للمعلمين، وهو ما حصل فعلاً، والعدد مرشح إلى أن يصل إلى 90 ألفاً مع نهاية 2018، في وقت أعلنت فيه وزارة التربية عن عدم فتح مسابقات للتوظيف بحجة غياب الأموال وتقليص ميزانية القطاع جراء تطبيق سياسة شد الحزام".
وتوقع رئيس نقابة "مجلس ثانويات الجزائر" أن تعرف المدارس عجزاً كبيراً عند بداية السنة الدراسية الشهر المقبل، ما يؤثر سلبا على الانطلاقة.
قطاع ثانٍ بات يعاني من نزيف حاد لمستخدميه وهو قطاع الصحة، إذ يعيش هو الآخر هجرة جماعية للأطباء والممرضين وحتى مستخدمي الإدارات، وذلك بعد خروج تسريبات من اللجنة التي كلفتها وزارة العمل بوضع قائمة "المهن الشاقة" التي تعفى من نظام التقاعد الجديد.
ويكشف الياس مرابط، رئيس النقابة الجزائرية لمستخدمي الصحة العمومية، أن "طلبات الإحالة على التقاعد ارتفعت وسط الأطباء منذ مصادقة البرلمان على تعديل نظام التقاعد، نحو 40%".
وأضاف المتحدث ذاته لـ"العربي الجديد"، أن "الوزارة كانت قد استبقت الأحداث وأمرت مصالحها بعدم قبول ملفات الإحالة على التقاعد منتصف السنة الماضية، بحجة وجود عجز في الكادر البشري، إلا أنها تراجعت عن القرار تحت ضغط نقابات الصحة".
ولفت مرابط إلى أن "القطاع بات يعيش عجزا بلغ 70% بالنسبة للأطباء الأخصائيين بعد ارتفاع عدد الراغبين في طي المئزر الأبيض نهائيا". واعتبر مرابط أن "هذا النزيف يعتبر منطقياً، فكيف يمكن لطبيب اشتغل أكثر من 25 أو 30 سنة في مستشفيات متردية ولا تعرف الأمن الوظيفي أن يواصل العمل حتى يبلغ 60 سنة؟".
يذكر أن وزارة العمل الجزائرية كانت قد كشفت الشهر الماضي أن ما يزيد عن 3 ملايين متقاعد استفادوا من خدمات صندوق التقاعد خلال عام 2017، وأضافت أن "العدد مرشح للارتفاع السنة المقبلة"، ويعتبر هذا الرقم قياسياً في غضون سنة.
اقــرأ أيضاً
وألغى التعديل المقترح الصنفين الآخرين من التقاعد، الأول يتعلق باستيفاء العامل مدة عمل لا تقل عن 32 سنة مع التأمين، أما النوع الثاني فيتمثل في التقاعد النسبي الذي يشترط بلوغ 50 سنة على الأقل، على أن يكون الموظف قد مارس العمل 20 سنة قام خلالها بدفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، مع إمكانية تخفيض مدة السن من فترة النشاط بالنسبة إلى العاملات الإناث بـ5 سنوات.
وتبرر الحكومة هذا التعديل بضرورة إقامة "عدالة اجتماعية بين الأجيال" من خلال إطالة عمر الصندوق الوطني للتقاعد الذي تقول الحكومة إنه يترنح ولن يصمد كثيراً.
ويعتبر قطاع التربية أكبر ضحايا تعديل نظام التقاعد في الجزائر، إذ تقدر النقابات عدد المعلمين الذين وضعوا طلبات الإحالة على التقاعد منذ يناير/ كانون الثاني المنصرم بأكثر من 30 ألف معلم في الأطوار الدراسية الثلاثة: الأساسي/ المتوسط/ الثانوي.
وفي السياق، أكدت مصالح الصندوق الجزائري للتقاعد أنها انتهت، يوم الأحد 27 آب/ أغسطس، من معالجة الدفعة الأولى من ملفات طلبات التقاعد المتعلقة بالتقاعد النسبي دون شرط السن التي تم إيداعها من طرف موظفي قطاع التربية، والتي يصل عددها إلى 8 آلاف ملف.
بغداد الحاج، طالب معلم للغة العربية في ثانوية "زينب أم المساكين" في العاصمة الجزائرية، وضع طلب التقاعد عند نهاية السنة الدراسية في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وأرجع هذا القرار بالرغم من بلوغه سن 53 سنة إلى عدم استطاعته إكمال العمل إلى غاية 60 سنة. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "طلب الإحالة إلى التقاعد ليس خياراً بل هو فرار قبل أن يتغير نظام التقاعد، فبعد 28 سنة من التدريس بلغت مرحلة لا أستطيع فيها العمل، خاصة في الظروف التي تعيشها المدرسة الجزائرية اليوم".
الأسباب ذاتها دفعت 35 ألف معلم إلى رفع طلبات الإحالة إلى المعاش، حسب ايدير عاشور، رئيس نقابة "مجلس ثانويات الجزائر"، الذي أضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذا العدد يمثل 30% من عدد المعلمين القدامى وأصحاب الخبرة".
وقال عاشور إن "نقابات التربية حذرت منذ طرح مسودة مشروع قانون تعديل التقاعد، من الهجرة الجماعية للمعلمين، وهو ما حصل فعلاً، والعدد مرشح إلى أن يصل إلى 90 ألفاً مع نهاية 2018، في وقت أعلنت فيه وزارة التربية عن عدم فتح مسابقات للتوظيف بحجة غياب الأموال وتقليص ميزانية القطاع جراء تطبيق سياسة شد الحزام".
وتوقع رئيس نقابة "مجلس ثانويات الجزائر" أن تعرف المدارس عجزاً كبيراً عند بداية السنة الدراسية الشهر المقبل، ما يؤثر سلبا على الانطلاقة.
قطاع ثانٍ بات يعاني من نزيف حاد لمستخدميه وهو قطاع الصحة، إذ يعيش هو الآخر هجرة جماعية للأطباء والممرضين وحتى مستخدمي الإدارات، وذلك بعد خروج تسريبات من اللجنة التي كلفتها وزارة العمل بوضع قائمة "المهن الشاقة" التي تعفى من نظام التقاعد الجديد.
ويكشف الياس مرابط، رئيس النقابة الجزائرية لمستخدمي الصحة العمومية، أن "طلبات الإحالة على التقاعد ارتفعت وسط الأطباء منذ مصادقة البرلمان على تعديل نظام التقاعد، نحو 40%".
وأضاف المتحدث ذاته لـ"العربي الجديد"، أن "الوزارة كانت قد استبقت الأحداث وأمرت مصالحها بعدم قبول ملفات الإحالة على التقاعد منتصف السنة الماضية، بحجة وجود عجز في الكادر البشري، إلا أنها تراجعت عن القرار تحت ضغط نقابات الصحة".
ولفت مرابط إلى أن "القطاع بات يعيش عجزا بلغ 70% بالنسبة للأطباء الأخصائيين بعد ارتفاع عدد الراغبين في طي المئزر الأبيض نهائيا". واعتبر مرابط أن "هذا النزيف يعتبر منطقياً، فكيف يمكن لطبيب اشتغل أكثر من 25 أو 30 سنة في مستشفيات متردية ولا تعرف الأمن الوظيفي أن يواصل العمل حتى يبلغ 60 سنة؟".
يذكر أن وزارة العمل الجزائرية كانت قد كشفت الشهر الماضي أن ما يزيد عن 3 ملايين متقاعد استفادوا من خدمات صندوق التقاعد خلال عام 2017، وأضافت أن "العدد مرشح للارتفاع السنة المقبلة"، ويعتبر هذا الرقم قياسياً في غضون سنة.