مع قرب انتهاء موسم الصيف الذي حفز، إلى حد كبير، السياحة في تونس، ينشغل مهنيو القطاع، هذه الأيام، بمصير فنادقهم، خاصة مع بدء تراجع وتيرة تدفق السياح الأجانب إلى البلاد، ما يجدد الآمال بشأن وعود أطلقتها شركات عالمية، على رأسها توماس كوك.
وعلى إثر قرار السلطات البريطانية برفع حظر السفر عن مواطنيها إلى تونس، نهاية يوليو/تموز الماضي، بما في ذلك العاصمة ومعظم المقاصد السياحية، تلقت وزارة السياحة وعودا من شركة السياحة العالمية توماس كوك، بإعادة تونس ضمن برامجها، خلال الأشهر القادمة.
وتعوّل جامعة النزل (اتحاد يضم ملاك الفنادق) ومن ورائها وزارة السياحة، على تعافي الوجهة التونسية وعودة جاذبيتها، لإقناع كبار متعهدي الرحلات برفع وتيرة رحلاتهم في اتجاه تونس، إلى جانب مواصلة البحث عن الأسواق الجديدة.
وأكد الرئيس التنفيذي لتوماس كوك السياحية، بيتر فانكهاوزر، عقب القرار البريطاني بإلغاء حظر السفر، إن الشركة ستستأنف رحلات العطلة إلى تونس بعدما خففت بريطانيا حظر السفر إلى هناك.
وقال في تصريح صحافي: "توصلت وزارة الخارجية إلى نتيجة مفادها أن السفر آمن مجددا. ليس لدينا أي برنامج للشتاء، لذلك نعد عرضا جيدا للغاية لتونس وسيستغرق هذا بعض الوقت".
وأثناء انتظار تحقق وعود توماس كوك، يخشى مهنيو السياحة فترة الفراغ في الأشهر الفاصلة بين الصيف والربيع، معتبرين أن عودة ما وصفوه بالعملاق السياحي غير كافية للحفاظ على استقرار قطاع بالكاد ألهبته الخسائر.
وقال المكلف الإعلامي في وزارة السياحة، سيف الشعلالي، لـ "العربي الجديد"، إن خطة الوزارة من أجل ضمان تدفق السياح على مدار السنة لن تتوقف، مشيرا إلى أن أسواقا على غرار بلجيكيا وفرنسا وألمانيا ستضمن لتونس حصة مهمة ضمن رحلاتها، ما يبدد خوف المهنيين.
وأضاف أن أغلب الفنادق التونسية حققت، على مدار الشهرين الماضيين، نسب إشغال تقارب 100%، ما يسمح لها بمجابهة أي تراجع ظرفي أو طارئ.
وبين الشعلالي، أن نتائج القطاع للربع الثاني من العام التي سيكشف عنها قريبا ستؤكد تعافي القطاع السياحي، نتيجة الجهود الحكومية الكبيرة لضمان موقع للسوق التونسية ضمن الخارطة العالمية للسياحة.
واستطاع القطاع السياحي التونسي، خلال الربع الأول من العام، تحقيق معدلات نمو إيجابية، متعافياً من تداعيات الضربات الإرهابية التي هزت القطاع في العام 2015، حيث ارتفع عدد السياح بنسبة 35% في الربع الأول من العام 2017، مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، بدعم من الأسواق التقليدية.
وتشير بيانات حديثة لوزارة السياحة، إلى أن عدد السياح الوافدين إلى تونس يقدر بنحو 4 ملايين و580 ألف سائح حتى 20 أغسطس/آب الماضي، وهو نمو كبير مقارنة بالعام الماضي، ويؤشر إلى أن القطاع السياحي في البلاد يقترب من تحقيق الرقم المستهدف خلال العام الجاري.
ونمت نسبة السياح الأوروبيين بنسبة 16% عن الفترة المقابلة من العام الماضي، وتعد أوروبا من الأسواق التقليدية للوجهة السياحية التونسية، فيما زاد عدد السياح الجزائريين بنحو 60%، مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، وقدر عددهم بنحو 1.45 مليون سائح، ومن المنتظر أن يتجاوز عدد السياح الجزائريين، خلال هذا الموسم، عتبة مليوني سائح.
ونتيجة لهذه الانتعاشة المسجلة على مستوى أداء القطاع ككل، بعد سنوات من التذبذب، بلغت مداخيل السياحة التونسية نحو 1.5 مليار دينار تونسي (نحو 600 مليون دولار)، أي بزيادة تقدر بنحو 19% مقارنة مع العام 2016.
ويعتبر رئيس جامعة الفنادق، خالد الفخفاخ، أن النزل مطالبة بالمحافظة على رصيد مهم من السياح الداخليين، مشيرا إلى أن التونسيين لا يجلبون العملة الصعبة للبلاد، ولكنهم مكنوا فنادق بلادهم من تحقيق عائدات مهمة، في وقف أحجمت الأسواق الخارجية عن القدوم نحو تونس لأسباب أمنية.
وأضاف الفخفاخ لـ "العربي الجديد"، أن دعم السياحة والمحافظة على مردودية جيدة للقطاع يتطلبان إصلاحا موازيا لكل المسارات، مؤكدا أن المهنيين مطالبين، أكثر من أي طرف آخر، بالدفاع عن قطاعهم، بضمان جودة الخدمات وتجديد أنواع العرض القادرة على مزاحمة الدول المنافسة لتونس من دون حرق الأسعار.
واعتبر الفخفاخ، أن حرق الأسعار لجلب السياح استراتيجية أظهرت فشلها وجعلت القطاع السياحي في غاية الهشاشة وشديد التأثر بالأزمات المحلية والإقليمية.
وتعول تونس على عائدات القطاع السياحي لضمان تمويل الموازنة، بعد أن تراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى معدلات قياسية باتت تهدد بوقف واردات المواد الحيوية.