وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، فإن المملكة المتحدة، التي تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم، مع دخل 2.94 تريليون دولار، دفعت فاتورة الأزمة المالية 2008، من خلال المواطنين أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض، بواسطة سياسات التقشف التي نفذها حزب المحافظين الذي تولى السلطة في 2010.
ولا تزال آثار سياسات التقشف ظاهرة اليوم، من خلال وجود الكثير من الأشخاص المشردين، والعائلات التي تعيش تحت خط الجوع في الشوارع.
فقر دائم
وفق معلومات لجنة المعايير الاجتماعية (SMC)، فإن 14.2 مليون شخص في المملكة
المتحدة، يعيشون تحت خط الفقر من أصل إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 66 مليون نسمة.
أي أن 12 بالمائة من السكان في البلاد، يكافحون للبقاء على قيد الحياة ضمن ما يعرف بـ "الفقر المستمر". ووفقًا لبيانات مجموعة عمل مكافحة فقر الأطفال (CPAG)، والتي تتخذ من لندن مركزا لها، فإن 4.1 ملايين طفل يعيشون في فقر مدقع بالبلاد منذ نهاية 2017.
بينما هناك 9 طلاب في المملكة المتحدة، من أصل 30 طالبا، لا يتمكنون من الحصول على التغذية بشكل كاف.
وبحسب البيانات الصادرة عن جمعية "جوزيف راونتري" في بداية ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فقد ازداد فقر الأطفال في البلاد بأكثر من نصف مليون، خلال السنوات الخمس الماضية، حيث بلغ 4.1 ملايين طفل.
مدير الجمعية، كامبل روب، أوضح أن "العديد من العائلات في وضع حرج، وأنهم يواجهون صعوبة في دفع فواتيرهم، ولا يجدون الطعام ليتناولوه.. هذه العائلات تواجه ضغوطاً لا تصدق".
ووفق منظمات غير حكومية رائدة في المملكة المتحدة، فإن عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر، بازدياد مستمر، وساهم في رفع أعدادهم انخفاض المساعدات الاجتماعية منذ 2010.
الاستقطاعات
وفق بيانات معهد الدراسات المالية (IFS) بلندن، فإن الاستقطاعات المالية المطبقة في البلاد منذ 2010، ستتسبب في وصول عدد الأطفال الذين يعيشون في الفقر إلى 4.3 ملايين بحلول 2020.
وأشارت البيانات، إلى أن 67 بالمائة من الأطفال الذين يعيشون في الفقر، يوجد شخص واحد على الأقل يعمل بدوام كامل، ومع ذلك، فإن دخل غالبية الأسر لا يكفي لتلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالهم.
وأظهر تقرير لـ "فيليب ألستون"، وهو المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر في الأمم المتحدة، نشر خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن سياسات الحكومة بالمملكة المتحدة دفعت المزيد من الناس تحت خط الفقر.
وأشارت نتائج التقرير، إلى أن سياسات الضرائب والمساعدة الاجتماعية في المملكة المتحدة، قد دفع الثمن الأكبر منها أصحاب الحالات المادية الصعبة.
في سياق متصل، تتنامى مشكلة زيادة الأشخاص المشردين الذين اضطروا للعيش في الشوارع بالمملكة المتحدة.
ووفقا لبيانات مؤسسة "هومليس لينك" الخيرية البريطانية، فقد ارتفع عدد المشردين الذين اضطروا للبقاء في الشارع منذ 2010 بنسبة 169 بالمائة.
وتشير التقديرات إلى أن 4 آلاف و751 شخصا، اضطروا للعيش في الشوارع ببريطانيا باستثناء مقاطعة ويلز، واسكتلندا، وشمالي أيرلندا.
ويظهر بحث لمؤسسة "شلتير" الخيرية، وجود حوالي 320 ألف مشرد في جميع أنحاء المملكة المتحدة؛ وأن عدد المشردين في المملكة ارتفع بنسبة 4 بالمائة في 2018 مقارنة بالعام السابق، أي أن حوالي 13 ألف شخص، انضموا إلى المشردين هذا العام.
ويعد وجود شخص واحد من بين 200 شخص في المملكة المتحدة، يعيش مشردا في بلد يمتلك اقتصادا ضخما وأكبر مركز مالي في العالم، أمرا مريبا ويثير القلق.
بنوك الطعام
وتشير بيانات منظمة Trussell Trust المدنية في المملكة المتحدة، إلى أن بنوك الطعام التابعة للمنظمة قدمت ما مجموعه مليون و182 ألفا و954 وجبة بالمملكة المتحدة في الفترة بين 1 أبريل/ نيسان 2016 و31 مارس/آذار 2017، وأن هذا الرقم قد بلغ مليوناً و109 آلاف و309 في العام السابق.
وتمتلك منظمة Trussell Trust البريطانية، 43 بالمائة من بنوك الطعام في جميع أنحاء البلاد، ويبلغ عدد بنوك الطعام التابعة لها حاليا 420 بنكا غذائيا.
وبالنظر إلى بنوك الطعام الأخرى التي أنشأتها المؤسسات الخيرية، يقدر عدد المستفيدين منها بأكثر من مليون شخص، ويتم تقديم المساعدات الغذائية للأشخاص بانتظام كل يوم.
وكانت بنوك الطعام من محاور الخلافات الرئيسة بين الأحزاب السياسية قبل الانتخابات العامة المبكرة التي أجريت في 8 يونيو/حزيران 2017.
وأعلنت كلية التمريض الملكية (RNC)، والتي تعد واحدة من أكبر كليات التمريض في المملكة المتحدة، في بيان لها قبيل الانتخابات، أن عددا متزايدا من الممرضات اضطر إلى استخدام هذه البنوك الغذائية.
كما توجه زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين، في فترة ما قبل الانتخابات، بالأسئلة التالية لوزيرة الداخلية البريطانية أمبير رود قائلا: هل سبق لك أن ذهبت إلى بنك الطعام؟ هل رأيت الناس ينامون في محطات القطار؟ بعد تطبيق حكومتكم للاستقطاعات هل رأيت مستوى الفقر؟".
(الأناضول)