وجاء قرار رئيس الحكومة بعد مشاورات مكثفة مع زعماء الأحزاب السياسية، يوم أمس، الإثنين، 3 ديسمبر/كانون الأول، والتي أسمعته مطالبها وشروطها المختلفة للخروج من الأزمة، التي تعصف بالبلاد منذ ثلاثة أسابيع.
ولم يعلن رئيس الحكومة عن المدة التي سيستغرقها تجميد هذه الزيادات، وإن كان بعض ممثلي السترات الصفراء المتشائمين يتوقعون أن تستمر إلى الأول من شهر إبريل/نيسان القادم، في حين أنّ مصادر برلمانية تتحدث عن تجميد لمدة ستة أشهر، وهو الوقت الكافي لإجراء مشاورات مكثفة مع الأحزاب، ثم اتخاذ قرارات تخفف من الاحتقان.
وإذا كان هذا الإعلان الذي أرادته الحكومة نوعا من تفهمها مطالب المضربين، والذي جاء، أيضا، بسبب ضغوط نواب الأغلبية الذين كانوا هدفا للسترات الصفراء في كل مكان، مما أثار الارتياح، إلا أنه لا يكفي للرد على مطالب السترات الصفراء، ولا لمختلف الأحزاب والنقابات العمالية.
فالجميع يعتبر أن هذا الإعلان "الهزيل" أتى متأخرًا، وهو ما يستدعي إجراءات وتنازلات أخرى من الحكومة في اتجاه السترات الصفراء التي انضمت إليها حركات احتجاجية أخرى منها سائقو سيارات الإسعاف والتلاميذ، الذين نجحوا في إيقاف كلي أو جزئي للدراسة في أكثر من مائة ثانوية في عموم فرنسا.
ومن جهة أخرى، يرى ممثلو السترات الصفراء أن الحكومة بدأت تتراجع عن تشددها الذي اعتبرته في السابق غير قابل للتغيير، ولكن هذا التراجع يجب أن يكون شاملا، فثمة زيادة منتظرة في الكهرباء وفي أشياء أخرى، يجب التراجع عنها، وهو موقف كزافيي برتران، رئيس جهة الشمال، وهو من حزب "الجمهوريين"، الذي دعا الحكومة لوقف كل الضرائب المقررة.
وفي انتظار إعلان إدوارد فيليب، هذا اليوم، من مقرّ الرئاسة الأولى، عن الإجراءات المرافقة لهذا التجميد في رفع أسعار المحروقات، والتي قد ترضي فئات كبيرة من المتظاهرين، يواصل ممثلو السترات الصفراء الاستعداد للتظاهر في باريس يوم السبت القادم، في الجولة الرابعة، ويقترحون ساحات "دونفير روشرو" و"الباستيل" وهو ما تخشاه نقابات الشرطة، التي سيحصل أفرادها الذين شاركوا في الحفاظ على الأمن خلال التظاهرات على مكافآت مالية، والتي تحدثت، صراحة، عن حالة تشبه العصيان وعن احتمال سقوط قتلى من المتظاهرين ومن رجال الأمن.
وإذا كان الرئيس إيمانويل ماكرون لا يزال، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الحراك الاجتماعي، صامتا، مثيرا غضب المتظاهرين والسياسيين، حتى من داخل أغلبيته، فإن الكثيرين من نواب الأغلبية يعيبون على رئيس الحكومة عدم انخراطه في إيجاد حلّ، من الساعات الأولى، أي من يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني. وهو موقفٌ ساهم في انهيار شعبية الرجلين، حيث لم يعد الرئيس ورئيس حكومته يحظيان سوى بنسبة 23 في المائة للأول و26 في المائة للثاني.
وفي هذه الأثناء، لا يخفي بعض ممثلي السترات الصفراء رغبتهم بالمشاركة في الانتخابات القادمة، سواء عبر اللحاق بأحزاب "اليمين المتطرف"، خصوصًا حزب "التجمع الوطني" أو "فرنسا غير الخاضعة". وهو ما تخشاه أحزاب سياسية، ومنها حزب الرئيس، التي تخشى من إمكانية استعادة التجربة الإيطالية التي كنست الأحزاب والنقابات.