وترفع "محطة رمسيس" في القاهرة حالياً شعار "مفيش تذاكر" و"الحجز في نفس يوم السفر"، ردّاً على سؤال الركاب الراغبين في الحجز لقضاء إجازة عيد الفطر مع ذويهم.
وكانت هيئة سكك حديد مصر قد أعلنت عن طرح 344 ألف تذكرة إضافية، لمواجهة الطلبات المتزايدة من الركاب خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، لكن على أرض الواقع لم تظهر هذه التذاكر، واستمرت رحلة البحث عن تذكرة داخل أروقة محطة "رمسيس"، ولكن بدون فائدة، في المقابل توجد التذاكر بوفرة في السوق السوداء بأرقام خيالية، لدى أمناء الشرطة والعساكر، حيث يبيعونها خارج منافذها الرسمية، بالتعاون مع موظف شباك التذاكر.
كما أنها متوفرة لدى عدد من الموظفين بهيئة السكة الحديد، بالإضافة إلى المقاهي والفنادق القريبة من المحطة، إذ توجد لديها العشرات من التذاكر يومياً لكافة قطارات الوجه القبلي، ويعتبر الجميع الأعياد موسماً للحصول على الأموال بطرق غير شرعية.
ويذكر أن هيئة سكك حديد مصر قامت في سرية تامة برفع قيمة التذاكر بنسبة 30% من دون تقديم أي خدمات جديدة للمواطنين، وتعد محافظات القاهرة الأكثر تأثراً بتلك التذاكر، وتشمل قائمة الأسعار الجديدة زيادة تذاكر خط القاهرة الأقصر، لتصبح الأولى مكيف 142 جنيهاً بدلاً من 109، والثانية مكيف 85,5 جنيهاً بدلاً من 57 جنيهاً، والأولى vip تصبح 224,25 جنيهاً بدلاً من 195، والثانية vip تصبح 132,25 جنيهاً بدلاً من 115، وتذاكر القطارات المميزة تصبح 62,5 جنيهاً بدلاً من 25 جنيهاً، وتم رفع تذاكر خط القاهرة أسوان، لتصبح الأولى مكيف 171,6 جنيهاً بدلاً من 132، والثانية مكيف 100.5 جنيه بدلاً من 67، والأولى vip تصبح 270,25 بدلاً من 235، والثانية vip تصبح 155,25 جنيهاً بدلاً من 135، وتذكرة القطارات المميزة تصبح 70 جنيهاً بدلاً من 28 جنيهاً.
وتشهد محطة سكة حديد مصر برمسيس خلال تلك الأيام زحاماً شديداً من جانب المواطنين الراغبين في حجز تذاكر السفر لمحافظات الوجه القبلي لقضاء إجازة عيد الفطر مع ذويهم، حيث تخطت طوابير الركاب أبواب المحطة، ويتردد يومياً المئات منذ الصباح الباكر إلى شبابيك بيع التذاكر، أملاً في الحصول على تذكرة لضمان قضاء العيد مع الأهل، ولكن إجابات العاملين في تلك الشبابيك قضت على آمالهم.
وتسبب ذلك في حالة من الغضب والتذمر، وصلت في بعض الأحيان إلى المشاجرات الكلامية، واتهام الهيئة بالفشل في توفير التذاكر والتواطؤ مع تجار السوق السوداء، لإجبار الركاب على شرائها من الخارج.
وأمام ذلك لجأ عدد كبير من المواطنين إلى الأتوبيسات، واستئجار الميكروباصات لتوصيلهم إلى محافظاتهم، خاصة الصعيد، واستغل عدد من مواقف القاهرة الأزمة، في ظل عدم وجود تذاكر ورغبة الأهالي في قضاء العيد مع ذويهم، إذ وصلت تذكرة الأتوبيس من القاهرة إلى الأقصر إلى 200 جنية بدلاً من 130، والقاهرة أسوان إلى 250 جنيهاً.
فيما وصل إيجار الميكروباص الواحد سعة الـ 14 راكباً إلى أكثر من 4 آلاف جنيه، وتزيد تلك الأسعار كلما اقتربت أيام العيد، وذلك في ظل عدم مراقبة الحكومة للمواصلات الداخلية، خاصة في أيام العيد، وانشغالها بالأحداث السياسية داخل البلاد.
وشنّ أعضاء لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب هجوماً شديداً على وزير النقل الدكتور هشام عرفات، واتهموه بالتقاعس في عدم مواجهة تلك المشكلة المتكررة كل عام، وفشل الحكومة في مواجهتها، بسبب الاختفاء المريب لتذاكر القطارات من منافذ البيع داخل المحطات.
وهو الأمر الذي خلق سوقاً سوداء لها، لتباع بأعلى الأسعار، لا سيما مع قدوم العيد وزيادة حركة السفر، حتى أصبح الحصول على تذكرة أحد القطارات أمنية صعبة المنال.
وأشار أعضاء اللجنة إلى أن اختفاء تذاكر القطارات يرتبط بالفساد المتوغل داخل مرفق السكة الحديد، إذ طالب محمد عبد الله زين الدين وكيل اللجنة مباحث السكة الحديد بضرورة إحكام الرقابة على أسعار التذاكر خلال أيام عيد الفطر المبارك، وطالب المسؤولين في وزارة النقل وفي هيئة السكة الحديد بالكف عن المسكنات والتصريحات الوردية التي يطلقونها مع بداية موسم حجز تذاكر العيد كل عام، والبحث عن حلول واقعية تنهي معاناة المواطنين في الحصول على تذكرة يعودون بها إلى ذويهم.
وأبدى عدد من المواطنين، التقى بهم "العربي الجديد"، في محطة رمسيس بالقاهرة، استياءهم من اختفاء التذاكر من منافذها الرسمية، ووجودها بالسوق السوداء، إذ أكد ياسر السيد "موظف" أنه رغم رفع أسعار التذاكر إلا أنها غير موجودة في شباك التذاكر وموجودة في السوق السوداء، مشيراً إلى أن عسكري الشرطة الموجود في المحطة يستطيع الحصول على تذكرة في أقل من خمس دقائق، ونحن نقف يومياً بالساعات.
والتقط محمد التيجاني "عامل مقاولات" الحديث قائلاً: "إن أبناء الصعيد يعانون منذ زمن طويل من أزمة المواصلات، خاصة القطارات التي دائماً ما تنفد تذاكرها قبل أن يبدأ الحجز عليها، ثم نقوم بشرائها من السوق السوداء، وحتى بعد رفع قيمتها لا نجدها، ونضطر للسفر عن طريق أتوبيسات الشركات الخاصة، التي ترفع السعر بحسب رغبتها"، مطالباً الحكومة بمراعاة ظروف الفقراء ومحدودي الدخل، فقرار زيادة أسعار تذاكر القطارات جاء في توقيت غير مناسب، نظراً إلى حدوثه قبل مناسبة عامة تشهد إقبالاً كثيفاً على خدمة القطارات.
وقال رمضان محمد "موظف": "وقفت في طابور طويل، وحين وصلت إلى شباك التذاكر فوجئت بعدم وجود تذاكر على القطار المتوجه إلى محافظة أسوان، وبعدها حصلت على تذكرة من السوق السوداء"، فيما يتهم حمدي عبد الرحمن "عامل" أصحاب المحال التجارية والأكشاك والمقاهي، سواء في محطة السكة الحديد أو القريبة منها، بالاتفاق مع موظفين بالسكة الحديد للحصول على تذاكر منهم، وبيعها في السوق السوداء، فضلاً عن وجود فنادق بعينها وسط القاهرة تبيع هذه التذاكر، مطالباً بتشديد الرقابة على محطة سكك حديد القاهرة.