تجوب قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل محافظات البلاد من الجنوب إلى الشمال، في إطار حشد صفوف العمال لإنجاح الإضراب العام المقرر يوم 17 يناير/كانون الثاني المقبل.
في السياق، زارت قيادة الاتحاد محافظتَي توزر ومدنين خلال الأيام القليلة الماضية عمدت خلالها إلى رص صفوف النقابيين وحشدهم لإنجاح الإضراب، فيما يتجه صباح غد الخميس، الأمين العام نورالدين الطبوبي، إلى محافظة قابس جنوب شرقي البلاد، ليلقي خطابا أمام
مصدر نقابي أوضح أن الخطاب سيتمحور حول الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الراهن بالبلاد، وسيؤكد التزام الاتحاد بالدفاع عن القطاع العام والوظيفة العامة وللحفاظ على المؤسسات العمومية، كما سيشحذ الهمم من أجل إعلاء قيمة العمل وخدمة الاقتصاد الوطني.
ولا يفصل التونسيين سوى أسبوعين فقط عن أول إضراب عام للسنة الجديدة، والثاني من نوعه خلال فترة قصيرة بعد إضراب 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وتعمل قيادة الاتحاد على أن يكون حاشداً وأكبر من التجمع السابق الذي تم أمام مقر مجلس نواب الشعب.
ويبدو أن الجلسات التمهيدية والصلحية التي جمعت رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالأمين العام للاتحاد قد باءت جميعها بالفشل، حيث يتمسك اتحاد الشغل بنفس الزيادة لعمال الوظيفة العامة على غرار الزيادة التي أسندت للقطاعَين العام والخاص، في حين تقترح الحكومة مبالغ أقل، معتبرة أن الإمكانات المالية للدولة لا تسمح في الوقت الحالي.
ويتمسك اتحاد الشغل بالزيادات بسبب سوء الوضع المعيشي لموظف القطاع العام على وقع ارتفاع حاد للأسعار وتفاقم تكاليف الحياة، إلى جانب فرض الحكومة ضرائب ثقيلة طيلة
وأمام انسداد أفق الحوار بين الحكومة والاتحاد، دخل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي على الخط في محاولة لتعديل التوازنات الاجتماعية من جهة، وللعب دور سياسي من جهة أخرى بعد انفراط عقد قرطاج2.
ولم تفض جلسة قرطاج بين الأطراف الاجتماعية والأحزاب الحاكمة ورئيسي الحكومة والبرلمان، إلى اتفاق يُذكر، غير أنها فتحت المجال أمام عقد جلسات أُخرى محتملة قد تكون تحكيمية أو صلحية قبل الإضراب الموعود.
عبدالكريم جراد، الأمين العام المسؤول عن الحماية الاجتماعية بالاتحاد العام التونسي للشغل، قال إن الاتحاد مستعد للحوار والتفاوض في أي إطار، لكن من دون المس بحقوق الموظفين والأجراء، وليس على حساب المؤسسات العامة، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإضراب العام قائم ولم يتغير أي شيء بعد جلسات التفاوض واجتماع قرطاج.
وأشار إلى أن الحكومة تماطل بهدف إرضاء الأطراف الدولية المانحة، ولئن كانت الحكومة تعتبر عدم زيادة العاملين في الوظيفة العامة نجاحاً أمام الإملاءات الخارجية، فإنها في الحقيقة قد عمّقت فشلها.
ولفت جراد إلى أن قيادة الاتحاد تريد تجنيب البلاد الإضراب العام لتفادي التشنج الاجتماعي الذي ارتفعت وتيرته أخيراً، وهو الذي يؤكد فشل الحكومة في حل الملفات الاجتماعية، ومنها ملف الوظيفة العامة الذي لن تحله الزيادة المقترحة التي تمثل تعديلاً طفيفاً في المقدرة الشرائية للمواطن، ولن يتم تجاوز الصعوبات إلا بالإصلاحات المقترحة ومحاربة الفساد.
وإلى جانب حشد العمال في الجهات والمحافظات استعداداً لليوم الموعود، وجه اتحاد الشغل دعوات لإحياء ذكرى انتفاضة الخبز بعد غد الجمعة، للتذكير بأحداث إضرابات الخبز وضحاياه، وهو الاسم الذي أطلق على الاضطرابات التي عرفتها تونس في نفس التاريخ من عام 1984، وهي مناسبة تذكر التونسيين بالتصادم الذي حصل بين السلطات والشعب بسبب زيادة الأسعار.