طالب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب، بإجراء إصلاحات جبائية، من شأنها زيادة دافعي الضرائب، عبر تقليص الإعفاءات ودعم الاستثمار المنتج، بهدف تحقيق ما وصفه بـ"العدالة الاجتماعية".
وأشار المجلس، وهو مؤسسة دستورية استشارية، في تقرير اطلعت عليه "العربي الجديد" إلى ضرورة فرض ضرائب على الثروة غير المنتجة مثل العقارات غير المأهولة والأراضي غير المبنية والتركة والسلع الفاخرة، لافتا إلى أن قصور النظام الجبائي يرجع إلى "ضعف فعالية بعض الضرائب والاقتطاعات".
ويأتي التقرير قبل نحو شهر من مؤتمر وطني حول الجباية، يعقد بين الثالث والخامس من مايو/أيار المقبل، يتوقع أن يشهد بلورة للاستراتيجية الضريبية في المملكة خلال الفترة المقبلة.
وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إن النظام الجبائي (الضريبي) المنشود، يجب أن يشكل رافعة لبناء النموذج التنموي الجديد، الذي يفترض أن يسمح بضمان شفافية تطبيق القواعد على الجميع، وإعادة توجيه منظومة خلق القيمة المضافة نحو الاقتصاد المنتج، وتقليص التفاوتات الاجتماعية، وتكثيف النسيج الاقتصادي، وتشجيع بروز جيل جديد من الفاعلين آلاقتصاديين.
ودعا إلى توسيع الوعاء الجبائي، عبر تفعيل مبدأ مساهمة جميع الأشخاص الذاتيين والاعتباريين (الشركات) في تحمل التكاليف العمومية، مطالبا بتطبيق "ضريبة منخفضة وجزافية على الأنشطة ذات الدخل المحدود، بهدف تخفيف العبء على هذه الفئة من الخاضعين للضريبة وتبسيط المنظومة الضريبية بالنسبة إليها".
وقال إنه "يمكن أن تخضع هذه الفئة، بشكل اختياري، لهذه الضريبة الجزافية، مع فتح المجال أمامها للانخراط في منظومة التغطية الاجتماعية ".
وأشار إلى ضرورة ربط الاستفادة من الامتيازات (الإعفاءات) الجبائية بخلق فرص العمل، وتفادي منح امتيازات لأنشطة قد يترتب عنها انعكاسات سلبية تؤدي إلى الإضرار بقطاعات أخرى.
وتأتي توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بينما تتصاعد مطالب الشركات الكبرى بتوزيع العبء الضريبي في المملكة. وأعرب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، في أكثر من مناسبة أخيرا، عن أن توزيع العبء الضريبي لا يجري بشكل عادل.
واوضح الاتحاد أن عددا قليلا من الشركات يتحمل سداد الحصيلة الكبرى من الضرائب، بينما يعاني المنتجون، في المقابل، من منافسة القطاع الموازي (السوق غير الرسمي)، والاستيراد الذي يستفيد من اتفاقيات التبادل الحر، والتهريب عبر الحدود.
ويشيع في المغرب تصريح أغلب الشركات بتسجيل خسائر في نهاية العام، ما يعفيها من أداء الضريبة، كما تطالب فقط بأداء مساهمة دنيا.
واعتبر محمد برادة، وزير المالية الأسبق، ومنسق اللجنة العلمية المشرفة على الإعداد للمؤتمر الجبائي في مايو/آيار المقبل، أن النظام الجبائي الحالي، تحول إلى نظام فئوي، يفضي إلى زيادة الضغط على عدد قليل من الملزمين بالضريبة على الشركات وعلى الدخل.
وقال برادة في ندوة عقدت، مساء الجمعة الماضي، في الدار البيضاء، حول الإصلاح الجبائي، إن 0.8 في المائة من الشركات تؤدي 80 في المائة من الضريبة على الشركات، بينما تأتي 60 في المائة من إيرادات الضريبة على الدخل من الحجز من المنبع (رواتب) الموظفين والعمال.
وأضاف أنه "من الضروري توسيع الوعاء الضريبي، وتوجيه الدعم للاستثمارات التي تساعد على خلق فرص عمل وتقليص الفوارق الاجتماعية".
لكن محمد الرهج الخبير في الشأن الضريبي، أشار في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة مراعاة حماية القدرة الشرائية للأسر عند تطبيق أي إجراءات من شأنها توسيع الوعاء الضريبي.
وقال الرهج إنه يتوجب أن يساهم الإصلاح الجبائي في تحقيق هدف العدالة، الذي تسعى إليه المملكة منذ الإصلاح الذي انطلق قبل 34 عاما.
وتصاعدت، في الفترة الأخيرة، مطالب العديد من القطاعات الاقتصادية، بضرورة ألا تتسبب الإجراءات الحكومية لتوفير موارد مالية للدولة، في زيادة أعباء القطاعات أو الحد من القدرة الشرائية للمواطنين، حيث تنعكس الضرائب على زيادة الأسعار، ما يحد من حركة الأسواق.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية ومديريتا الضرائب والجمارك، وممثلون عن التجار، قد اتفقوا، في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الماضي، على وقف العمل بنظام الفاتورة الإلكترونية الجديد، من دون إلغائها، وذلك بعد احتجاج التجار في العديد من الأسواق على تطبيق هذا النظام، ملوّحين بإضرابات عدة.