لم تغيّر التساقطات المطرية التي شهدها المغرب في الأيام الأخيرة، توقعات المزارعين الذين يرون أن محصول الحبوب لن يأتي في مستوى التوقعات، ما سيؤثر على معدل النمو الاقتصادي في العام الحالي.
وشرعت مؤسسات رسمية وخاصة في المغرب، في مراجعة معدل النمو الاقتصادي انخفاضاً، بعدما تأخرت الأمطار بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، وهي فترة حاسمة في مآل الموسم الزراعي، خاصة بالنسبة لمحصول الحبوب.
وخفّض المركز المغربي للظرفية "مركز مستقل"، في مذكرة له، معدل النمو الاقتصادي في العام الحالي، إلى 2.4 في المائة، بعدما كان توقع في بداية العام بلوغه 3.5 في المائة. ولاحظ أن غياب التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة خلال الربع الأول من 2019، بالإضافة إلى عوامل ظرفية أخرى، قد خيبت كل التوقعات حول أداء الاقتصاد الوطني.
ودفع مستوى التساقطات المطرية بالبنك المركزي المغربي، إلى خفض توقعه للنمو في العام الحالي إلى 2.7 في المائة، في ظل ترقب بلوغ محصول الحبوب حدود 60 مليون قنطار (القنطار يعادل 100 كيلوغرام).
ويترقب البنك الدولي نمو الناتج الإجمالي المحلي للمملكة في العام الحالي 2.9 في المائة، وهو نفس المستوى الذي توقعته المندوبية السامية للتخطيط. غير أنه من المرتقب أن تخفض المندوبية معدل النمو، في ظل تراجع القيمة المضافة الزراعية.
ويتوقع العديد من المزارعين الذين استطلعت "العربي الجديد" آراءهم، أنه رغم التساقطات المطرية الحالية، فإن محصول الحبوب لن يتعدى 50 مليون قنطار.
وإضافة إلى الأمطار، يعتبر المركز المغربي للظرفية، أن الاقتصاد الوطني سيتأثر بالوضع الاقتصادي لدى شركائه، خاصة منطقة اليورو، التي تراجعت توقعات النمو فيها من 1.9 إلى 1.6 في المائة، بسبب الحرب التجارية.
ويرى الاقتصادي نجيب أقصبي، أن السياسة الزراعية التي تبنّاها المغرب في الأعوام الأخيرة، لم تحرر الإنتاج الزراعي من التأثير الحاسم للتساقطات المطرية. ويضيف أنه رغم الجهود التي بذلت من أجل دعم الاستثمارات في القطاع، فإن حصة الزراعة في الناتج الإجمالي المحلي، ما زالت في حدود 15 في المائة.
ويلفت المزارع الإبراهيمي، إلى أنه في ظل تأخر التساقطات المطرية في الموسم الحالي، ارتفعت تكاليف مدخلات الأعلاف، حيث انتقل سعر قنطار الشعير مثلا من 15 دولارا إلى أكثر من 30 دولاراً. ويأتي ذلك، حسب الإبراهيمي، في سياق متسم بارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة السولار الذي يصل سعره في الفترة الأخيرة إلى حوالي دولار للتر الواحد.
ولم تتوقف أسعار الوقود عن الارتفاع، منذ منتصف فبراير/شباط الماضي، فيما يخيّم الغموض على مصير قرار الحكومة وضع سقف لأرباح شركات المحروقات.
ورفعت شركات توزيع الوقود منتصف إبريل/نيسان الجاري، أسعار البنزين للمرة الخامسة في نحو شهرين، الأمر الذي برره "تجمع البتروليين"، الذي يمثل مصالح الموزعين في المملكة، بزيادة أسعار النفط في السوق الدولية، فضلا عن تكاليف النقل والتخزين، ما يؤثر في تحديد السعر النهائي في السوق المحلية.
وزاد سعر السولار بنحو 10 سنتيمات (الدرهم يحوي 100 سنتيم) في محطات الوقود بالدار البيضاء، ليتراوح بين 9.59 و9.64 دراهم (الدولار يساوي 9.58 دراهم)، بينما قفز سعر البنزين بحوالي 50 سنتيما إلى 11.3 درهما.
وقال الحسين اليمني، رئيس اتحاد البترول والغاز، في تصريح سابقة لـ"العربي الجديد": "يتوجب على الحكومة التراجع عن قرار تحرير الأسعار الذي اتخذته في عام 2015، والعمل على إعادة تشغيل مصفاة البترول المتوقفة مند ذلك التاريخ، عبر تسهيل بيعها للمستثمرين، ما سيساعد على تعزيز المنافسة في السوق وخفض الأسعار".
ويستورد المغرب 93 في المائة من المنتجات النفطية المكررة، بعد إغلاق مصفاته الوحيدة "سامير"، ما ساهم في ارتفاع فاتورة واردات البلاد من الطاقة إلى 82.3 مليار درهم في العام الماضي، مقابل 69.5 مليار درهم في 2017.
ويصل استهلاك المغاربة سنوياً، إلى 91.2 مليون برميل، وفق تقرير برلماني صدر العام الماضي 2018.
وتأتي الزيادة الجديدة في أسعار الوقود، رغم تصريحات الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، في الثالث والعشرين من مارس/آذار الماضي، التي أشار فيها إلى التوصل إلى اتفاق مع شركات توزيع الوقود، لتحديد أسعارها وهوامش أرباحها لمدة عام.