طوابير طويلة تمتد أمام المصارف، ومراكز تعبئة الغاز المنزلي، وكذا محطات الوقود. تقنين قاس تعيشه مناطق لبنانية، وخاصة في الأطراف، بعدما حلّت العتمة حتى على العاصمة بيروت الأسبوع الماضي. الدولار يرتفع أمام الليرة بنسب تعدت الـ60%، والأسعار تزيد في الأسواق وسط اقتطاع عدد كبير من المؤسسات نسبة كبيرة من الأجور، وتحذيرات من انقطاع الإنترنت حتى مارس/ آذار الماضي.
إنه الخراب، حل على لبنان وسط غياب تام للمحاسبة، وبالتزامن مع استمرار الأحزاب التي توارثت الحكم منذ انتهاء الحرب الأهلية، في خلافاتها حول الحصص الوزارية في الحكومة التي لم تتشكل حتى اليوم، بالرغم من مضي أكثر من ثلاثة أشهر على إسقاط "الانتفاضة" حكومة الرئيس سعد الحريري.
ومع كل هذه الفوضى، وانعدام أي توجه من أي مسؤول لتحمل مسؤولية الأزمة، أو حتى الاعتراف بأسبابها، جاء تصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأن المصارف التجارية غير مجبرة على الدفع بالدولار وإنما هي ملزمة فقط بالدفع بالليرة، ليشكل صاعقة إضافية تدمّر أي ثقة أو أمل بتباطؤ مسار الأزمة النقدية في البلاد.
وبالتالي، أكد المتابعون أن هذه الإجراءات هي عملياً تحويل قسري للحسابات والودائع من الدولار إلى الليرة، بما يخالف كافة القوانين المرعية الإجراء.
عملياً، وبالرغم مما قاله سلامة، تلقى مودعون تحذيرات، الاثنين، من عدد من المصارف بتوقفها عن الدفع بالدولار "قريباً"، وحصر المدفوعات بالليرة ولكن وفق السعر الرسمي. ما يعني أن المودعين سيخسرون أكثر من ثلث قيمة ودائعهم، مع تسلمها بسعر 1507 ليرات، في حين أن سعر الدولار لدى الصرافين وصل، الاثنين، إلى 2450 ليرة.
وفوق كل هذا التخبط، بدأت محطات الوقود بخفض كميات البنزين المسلمة للمواطنين منذ مساء الأحد، مع تطور الأزمة إلى إغلاق عدد من المحطات أبوابها منذ صباح الاثنين.
وأشارت مصادر في القطاع النفطي إلى أن هذه الأزمة سببها عدم قدرة غالبية أصحاب المحطات على تأمين الدولار لشراء المحروقات. فيما رد عدد من المتابعين هذا الأمر إلى عمليات احتكارية، مع توقع انهيار سعر الليرة إلى 3 آلاف أمام الدولار، بحيث يتم تخزين المحروقات لبيعها في ما بعد والاستفادة من فارق سعر الصرف.
كذا الحال في ما يتعلق بالغاز المنزلي، حيث تقوم الشركات المستوردة بعمليات التفافية للاستفادة من فارق سعر الصرف والحفاظ على المعدلات المرتفعة لأرباحها، ما يتسبب بنقص هذه المادة من السوق، ورفع سعرها في غالبية مراكز التسليم والمحال التجارية.