لم تعد حكومة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأولى، قادرة على إخفاء حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومحدودية هامش مناورتها، عكس سابقاتها من الحكومات، التي ظلت ترسل التأكيدات المتكررة، وتغنت مراراً وتكراراً بأنها تتحكم في الأزمة الاقتصادية.
ويأتي ذلك بعد بلوغ الأرقام والمؤشرات الاقتصادية حداً يؤكد أن أزمة الجزائر المالية تتجه نحو التصاعد أكثر، بعد تراجع عائدات النفط، وعجز الجزائر عن التحكم في حجم الإنفاق، ما يجعل الجزائر تتوغل في أزمة مالية قاتمة وتنتظر سيناريوهات قاتمة.
وما يزيد من الضغط على الحكومة الجديدة، الاحتجاجات الشعبية الساخطة المتواصلة التي تُعَدّ المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أحد أبرز شعاراتها.
6 مليارات دولار
هو ما خسرته الجزائر في فاتورة الصادرات لسنة 2019، بعدما تراجعت إلى 35 مليار دولار مقابل 41 مليار دولار سنة 2018، أي بتراجع بلغ 6 مليارات دولار، بنسبة انخفاض تقارب 25%، حسب إحصائيات الجمارك الحكومية، وذلك بعد تواصل انهيار إيرادات النفط، الذي هوت صادراته من 38.87 مليار دولار سنة 2018، إلى 33.24 مليار دولار سنة 2019 أي بتراجع بلغ 14 بالمائة.
6.11 مليارات دولار
هو رقم يمثل قيمة العجز الذي سجله الميزان التجاري الجزائري السنة الماضية، مسجلاً ارتفاعاً بقرابة ملياري دولار، بعدما استقر سنة 2018 عند 4 مليارات دولار، وذلك بسبب استقرار الواردات فوق عتبة 40 مليار دولار مقابل تراجع الصادرات الجزائرية، ما أحدث فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات.
55 مليار دولار
حجم العجز المُتوقع في تمويل نشاطات الدولة خلال السنوات الثلاث القادمة، حسب أرقام رئيس الحكومة عبد العزيز جراد، الذي توقع ارتفاع العجز في الخزينة العمومية إلى 6656.5 مليار دينار، أي ما يعادل 55 مليار دولار، وذلك بعدما افتتحت الخزينة السنة الحالية بتسجيل عجز قياسي غير مسبوق بنهاية فبراير/ شباط الماضي، بلغ نحو 10 مليارات دولار، مقابل 4.5 مليارات دولار خلال ذات الفترة من السنة الماضية.
62 مليار دولار
هو احتياطي صرف الجزائر من العملة الصعبة عند بداية 2020، حسب تصريحات وزير المالية، عبد الرحمن راوية، وبهذا الرقم يسجل احتياطي الصرف تراجعاً بـ 10 مليارات دولار في أقل من سنة، حيث استقر الاحتياطي مع نهاية إبريل/ نيسان 2019، عند 6. 72 مليار دولار مقابل 88. 79 مليار نهاية 2018، و33. 97 مليار دولار نهاية 2017.
وتوقعت الحكومة في قانون المالية لسنة 2020، تراجع احتياطي الصرف إلى 6. 51 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
30 بالمائة
هي جلّ ما فقده الدينار الجزائري منذ بداية 2014 من قيمته، بسبب انتهاج الجزائر لسياسة "تعويم العملة الموجه" لكبح فاتورة واردات البلاد، حيث أصبح سعر الدولار الواحد نحو 113 دنانير، بعدما كان لا يتعدى عتبة 80 ديناراً قبل سنة 2014، فيما بلغ سعر صرف العملة الأوروبية 123 ديناراً، بعدما كان لا يتعدى 105 دنانير. أما في السوق السوداء، فقد تعدى سعر صرف الدولار 180 ديناراً، واليورو 200 دنانير.
8 مليارات دولار
هو المبلغ الذي حسمته الحكومة الجزائرية من مخصصات التجهيز في ميزانية 2020، التي هوت إلى 2879 مليار دينار، أي ما يعادل 23.93 مليار دولار، مقارنة بسنة 2019، التي كانت فيها ميزانية التجهيز 3602 مليار دينار، أي ما يعادل 31 مليار دولار، وذلك في ظل سياسة "التقشف" التي ستؤدي إلى تراجع كبير في مخصصات المشاريع الكبرى التي سيعرف بعضها التوقف الحتمي، كما كان الحال مع توسعة خطوط "مترو الجزائر" التي توقفت، بالإضافة إلى إلغاء بناء 5 مستشفيات جامعية كبرى.
12 بالمائة
هي نسبة البطالة عند نهاية سبتمبر/أيلول 2019، التي أعلنتها الحكومة في مخطط عملها، وهو رقم يراه الخبراء بعيداً كل البعد عن الحقيقة. فحسب المطلعين على سوق التشغيل، يتوقعون أن تكون البطالة في حدود 15 بالمائة، خاصة مع دخول البلاد في قرابة 10 أشهر من الجمود السياسي والاقتصادي، صاحبه تجميد لمعامل رجال الأعمال المسجونين، بالإضافة إلى تجميد الاستيراد الذي شلّ العديد من المصانع.
1.7 بالمائة
هو رقم حجم النمو الذي سجله الاقتصاد الجزائري سنة 2019. رقم يختزل حجم الشلل الذي يصيبه، رغم الوعود المتكررة للحكومات المتعاقبة، برفع النمو، بحجم رقمين.
وهذا الرقم الضئيل مهدد بالتراجع حسب صندوق النقد الدولي، الذي يبدو متشائماً حول مستقبل الجزائر الاقتصادي، ما جعله يرسل وفدين في أقل من أسبوع، يتحريان الإصلاحات التي يعتزم تبون إدخالها، لبعث الاقتصاد المتعثر.
وشملت أجندة مباحثات الوفدين ملفات "ملغمة" ظلت محل خلاف بين الجزائر وصندوق النقد الدولي، وفي مقدمتها "رفع الدعم" عن الأسعار والخدمات، إذ لا تتردد المؤسسة النقدية العالمية في كل مرة في الكشف عن موقفها الرافض لسياسة الدعم التي تنتهجها الجزائر في ما يتعلق بأسعار الطاقة والمواد واسعة الاستهلاك، ودعم خدمات الصحة والتعليم.
وكشف مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" في تصريحات سابقة، أن "لقاء الوفد مع تبون وجراد سمح للطرف الجزائري بتوضيح خريطة الحكومة الإصلاحية في المجال المالي والصناعي والضريبي وتعديل سياسة الدعم، ما سيعطي ضمانة خارجية للجزائر".
أضاف المصدر أن "الصندوق ينظر بكثير من الرفض إلى بعض السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة الجزائرية".