وعقب الإعلان عن ظهور حالات مصابة مؤكدة بالفيروس، لم تقف الخسائر الخليجية عند حد البورصات فقط، بل امتدت إلى أسواق النفط والسياحة.
وتراجعت أسعار النفط بشكل حاد مع انتشار هذا الفيروس، فيما هبطت حجوزات الطيران والطلب على السياحة والسفر من وإلى دول الخليج بنسب تراوحت بين 80% إلى 90%، حسب بيانات حديثة.
ويظهر تقرير للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية الخليجية (مستقل)، اطلعت "العربي الجديد" عليه، حول أضرار كورونا بالاقتصادات الخليجية، أن "المنطقة ستستمر بهذه المعاناة على المدى المتوسط حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، وقد يمتد الأثر إلى الربع الثاني.
وفي حال استمر ظهور حالات مصابة بالمرض في دول الخليج وتحول إلى وباء، فإن الخسائر ستزيد، خاصة أنها تعتمد على النفط مصدراً رئيسياً لإيراداتها.
الكويت
وتحدث التقرير الذي صدر، أول من أمس، عن أضرار كل دولة على حدة، إذ أشار إلى أن ميزانية الكويت ستعاني بشكل فادح من تراجع أسعار النفط خلال الفترة الحالية، ما قد يؤدي بنهاية العام المالي المقبل إلى تفاقم العجز المالي أكثر من المقدر في الميزانية المقبلة، وبالتالي يستنزف هذا العجز الاحتياطيات النقدية للبلاد ويدخلها في دوامة الاستدانة والركود الاقتصادي.
وكانت الكويت أكثر دولة خليجية أعلنت عن حالات إصابة بفيروس كورونا، الأمر الذي دفع البورصة إلى أسوأ موجة هبوط على مستوى الأسواق المالية خليجيا وعربيا.
وشهدت بورصة الكويت جلسة دامية خلال أولى جلسات التداول، الأحد الماضي، عقب انتهاء عطلة الأعياد الوطنية في البلاد، حيث انهار المؤشر الأول للسوق بأكثر من 10%، ما دفع إدارة السوق إلى وقف التداول على أسهم المؤشر حتى نهاية الجلسة.
وبنهاية جلسة الأحد، خسرت بورصة الكويت نحو 15 مليار دولار، لتنخفض قيمتها السوقية من 115.5 مليار دولار بنهاية جلسة الاثنين قبل الماضي، لتصل إلى 100 مليار دولار بنهاية جلسة الأحد، وهذا أسوأ وأكبر انخفاض للبورصة الكويتية منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ولكن سرعان ما عادت مؤشرات البورصة الكويتية، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين إلى الارتفاع. وزاد مؤشر البورصة الكويتية، أمس، بنسبة 2.28 في المائة.
وفي ما يخص قطاع السياحة، أشار تقرير للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية الخليجية إلى أن السياحة المحلية في الكويت ستزيد معاناتها بسبب الفيروس الذي دفع السلطات إلى وقف التأشيرات السياحية وغير السياحية لمواطني عدد من الدول، وهو ما يرسل إشارات بان الكويت لا ترغب في أي سائحين خلال الفترة الحالية تجنبا للفيروس.
السعودية
وفي السعودية، لا يقل الوضع قتامة بل كانت خسائرها أكبر حسب مراقبين، حيث تعاني المملكة من عزوف المشترين من دول شرق آسيا عن شراء النفط السعودي والخليجي، وذلك في ظل معاناة هذه الدول من انتشار الفيروس بها وتراجع الطلب لديها على النفط في ظل أجواء الحجر الصحي التي تطبقها.
وأظهرت بيانات للهيئة العامة للإحصاء (حكومية)، الأحد الماضي، نمو اقتصاد السعودية 0.3 في المائة في 2019، وهو ما جاء دون التوقعات، بسبب تقلص القطاع النفطي بشكل حاد، في حين تسارع القطاع غير النفطي.
وجاء الناتج المحلي الإجمالي أقل من مستوى 0.9 في المائة الذي توقعته السعودية رسميا، بينما تراجع القطاع النفطي 3.6 في المائة. 3.8 في المائة.
وأظهرت البيانات تراجع صادرات السعودية 10.4 في المائة على أساس سنوي، بسبب انخفاض صادرات النفط 14 بالمائة.
وحسب مراقبين، ارتباك الأسواق بسب كورونا سيعمق بشكل كبير من عجز الميزانية السعودية.
وفي ما يخص قطاع السياحة، فبعد أن بدأ ينتعش هذا القطاع الوليد في المملكة عاد إلى التراجع مرة أخرى وذلك في ضوء قرارات المملكة بمنع منح التأشيرات السياحية وتأشيرات العمرة إلى البلاد، ما سيخفض حجم السياحة الواردة إلى المملكة بنسبة 80% خلال الفترة المقبلة، حسب بيانات حديثة، وهي ضربة أخرى للميزانية السعودية التي كانت تستهدف تنويع مصادرها.
وسجلت البورصة السعودية أكبر الخسائر خليجيا من حيث القيمة السوقية، يوم الأحد الماضي حيث تكبدت 214 مليار ريال (57 مليار دولار)، وفق بيانات البورصة، قبل أن ترتفع المؤشرات خلال اليومين الماضيين، إذ زاد المؤشر أمس، 2.82 في المائة.
الإمارات
لم تفلت الإمارات من مقصلة خسائر البورصة بداية الأسبوع الجاري على خلفية الذعر من كورونا، ولكن الأخطر هو القلق الذي انتاب الحكومة استقبال معرض إكسبو دبي 2020 خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فقد تؤثر هذه الأحداث على أعداد السائحين القادمين إلى الإمارات خلال فترة المعرض.
وقال متحدث باسم المعرض في تصريحات سابقة لوكالة الأناضول، إن المنظمين يواصلون متابعة الوضع على صعيد فيروس كورونا الجديد عن كثب، ويأملون نجاح الجهود العالمية لاحتوائه.
وطلبت مجموعة الإمارات، التي تتبعها شركة طيران الإمارات والعديد من الكيانات العاملة في مجال الشحن والنقل الجوي، من العاملين بها، الحصول على عطلات بأجر ومن دون أجر، بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي نال من حركة السفر في الدولة الخليجية ومناطق متفرقة من العالم.
ويأتي ذلك، بالإضافة إلى تأثر حركة التجارة والتصدير عبر الموانئ التي تعد رافدا وموردا أساسي لميزانية الدولة، حسب مراقبين. كما طاولت أضرار الفيروس أسواق الدول الخليجية الأخرى قطر وسلطنة عمان والبحرين ولكن بدرجة أقل من الدول الخليجية الثلاث الأخرى.
ورغم أن بورصة قطر أفلتت من خسائر يوم الأحد الأسود لأنها كانت في عطلة رسمية، إلا أن مؤشرها تلون بالأحمر على مدار اليومين الماضين، إذ تراجع، أول من أمس، بنسبة 2.89 في المائة، وأمس، بنحو 0.4 في المائة.