حدد جيك جولي رئيس تحليل الاستثمار في بنك أوف نيويورك ميلون، وهو أحد أكبر بنوك الاستثمار وشركات إدارة الأصول في العالم ومقره نيويورك، ثلاثة سيناريوهات محتملة لدخول الاقتصاد الأميركي في ركود، يأخذ كل منها في عين الاعتبار الأزمة المصرفية، ومسيرة بنك الاحتياط الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة.
وأكد جولي في تصريحات صحافية أن هناك أمرين واضحين، تتفق عليهما السيناريوهات الثلاثة، وهما أن دخول الاقتصاد الأكبر في العالم في الركود، عاجلًا أو آجلًا، هو الاحتمال الأكبر، بالإضافة إلى أنه سيستمر، على الأرجح، لفترات مطولة.
لكن جولي كشف عن تفاؤله بشأن الأسهم والبورصة، مؤكداً أنه يتوجب على الجميع الحذر، لحين تجاوز تلك الفترة.
السيناريو الأول: أزمة الائتمان – احتمالية الحدوث 50%
يتوقع جولي وفريقه حدوث أزمة ائتمان حال رفع البنك الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين أو ثلاث مرات أخرى، ما سيؤدي بالضرورة إلى اضطراب مصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا جراء تشديد شروط الائتمان بشكل كبير.
وسيدفع ذلك الأمر الولايات المتحدة إلى الركود خلال النصف الثاني من العام الجاري، وبالطبع ستتردد أصداء هذه الأزمة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، كما ستتأزم سوق العمل الملتهبة، وتنتشر عمليات تسريح العمالة على نطاق واسع.
السيناريو الثاني: تأخر الهبوط – احتمالية الحدوث 30%
في هذا السيناريو، توقف البنوك المركزية العالمية الرئيسية رفع أسعار الفائدة استجابةً للأزمة المصرفية، ونظراً لأن أسواق العمل لا تزال ضيقة بشكل استثنائي، وأن نمو الأجور بدأ يتسارع من جديد، فقد ترتفع مستويات التضخم مرة أخرى، وتظل على ارتفاعها لبعض الوقت.
وفي ظل ذلك، ومع إعادة الفتح في الصين، سيزداد التضخم مرة أخرى في السلع الأساسية، وهو ما سيضطر البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة أكثر فأكثر، وهو ما سيقود الولايات المتحدة للدخول في ركود، خلال النصف الثاني من العام 2024.
السيناريو الثالث: الهبوط الناعم – احتمالية حدوث 20%
وعلى الرغم من أن هذا هو السيناريو المفضل لصاحب التوقعات، إلا أنه السيناريو الأقل احتمالاً. ويتلخص السيناريو في تراجع معدلات التضخم، دونما الحاجة إلى مزيد من تشديدات البنك الفيدرالي، بالإضافة إلى حدوث نسبة أقل من الخسارة في الوظائف، مع تباطؤ نمو الأجور شيئًا فشيئًا، جنبًا إلى جنب مع تباطؤ التضخم.
ويؤكد جولي على صعوبة حدوث ذلك الاحتمال، ولكنه يوضح في الوقت نفسه أن ثمة ديناميات أخرى غريبة تحدث في اقتصاد ما بعد الكوفيد، "فسوق العمل لا يتصرف كما كان يتوقعه الخبراء من قبل، ومن الممكن أن يرى العالم الاقتصاد الأميركي يتراجع بطريقة لم نعهدها من قبل"، كما يقول جولي.
ويعقد مجلس الاحتياط الفيدرالي اجتماعاته اليوم وغداً، وتنتظر الأسواق رفعا جديداً لسعر الفائدة الأساسي في البلاد، للمرة العاشرة على التوالي، مع نهاية اجتماعات الأربعاء، في أحدث محطات حملة البنك لكبح جماح التضخم، التي بدأت في الربع الأول من العام الماضي، وتسببت في وصول الفائدة لأعلى مستوياتها في عقد ونصف.
ومع ترجيح كبير لرفع الفائدة، يهتم المتعاملون والاقتصاديون بشكل أكبر بما سيعلنه البنك الفيدرالي ورئيسه جيروم باول في بيانه خلال المؤتمر الصحافي، نظراً لتزايد احتمالات دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، بعد رفع الفائدة الأميركية خمسمائة نقطة أساس، خلال عامٍ تقريباً.