لم يحن الوقت تماماً لاختفاء الخرافة من الشارع المصري، واعتبار بعض التقاليد القديمة ضرباً من التاريخ. فبين الحين والآخر، ترصد عدسات المصورين بعضاً مما يلجأ إليه البسطاء في بعض المناطق الشعبية والريفية من تلك السلوكيات، مثل إقامة حفلات "زار" لطرد شبح الفقر وتوفير الرزق والعمل أو الذرية لأهل الدار.
وبالرغم من قناعات الكثيرين بأن الزار يُعدّ أحد ضروب الدجل والشعوذة؛ فإنه بدأ في العودة للظهور حتى في أوساط بعض المتعلمين، وإن كان في صورة تهكّمية؛ مثل حملة كنس مسجد السيدة زينب على الحكومة عام 2005. كما شهد ميدان التحرير في أيام ثورة يناير، إقامة بعض حفلات الزار الثورية الساخرة لطرد مبارك من الحكم. أي أنّ بعض الناس لا تأخذ طقوسه على محمل الجد، بل كوسيلة للسخرية والتسلية لا أكثر.
أما الزار الأصلي، فهو موروثٌ تراثي أفريقي انتقل إلى مصر عن طريق الحبشة (إثيوبيا) في القرن التاسع عشر. وبدأ بالأساس كوسيلة لطرد الأرواح الشريرة والجان. ولفظ الزار "أمهري" وهو دليل على أصله الحبشي. وتسمى قائدة فرقة الزار أو المعلمة بالكودية أو الشيخة، وهي تمثّل الشخص القوي الذي يبث الخوف في قلوب الجن ليطرده من الجسد أو المكان المتلبس به.
وفي النوع الجديد، ذهبت بعض النساء إلى تحليل بطالة أولادها ومرض زوجها وقعوده عن العمل بأنها من فعل الشياطين المربوطين بسحر صنعه لها ولعائلتها بعض الجيران الحاقدين، كما تقول، أم سيد، المرأة ذات الأصل الصعيدي المقيمة بحي الطالبية بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وهي سيّدة مختصة بفكّ تعاويذ الزار.
دعت أم سيد، كودية للزار تعرفها عن طريق أهلها بالصعيد، وتقول إنها امرأة ذات "سرّ باتع"، أي قادرة على طرد الجن وإبطال السحر وعكس الشر، بعد أن خرب ارتفاع سعر الدولار والبنزين والميزانية وجعل أصحاب العمل يستغنون عن العمال، وضاعت الميزانيات التي لم تعد تحتمل غلاء الأسعار.
في بعض البلاد، مثل السعودية، يعد الزار من الطقوس المحرمة التي يعاقب متعاطوها بعقوبات مختلفة قد تصل إلى حكم الإعدام في بعض الحالات. ويعترض سلفيو منطقة الجيزة على أفعال أم سيد، ولكن لا يجرؤ أحدهم على التحرك لإنهاء الأمر خوفاً من الاتهام بالتطرف أو تكفير المجتمع والتورط في مواجهة مع الأجهزة الأمنية، وفقاً لكلام بعضهم.
تقوم الكودية أو الرئيسة، كما تسميها النساء الحاضرات، تعظيماً لها، بقيادة الرقصات وتوجيهها، إذ تدور مع إيقاع الدفوف وقرع الصاجات وغناء غريب لا يتبين للكثيرين تفاصيله، ولا يفقهون معانيه. ويُعتقَد أن ذلك الغناء الغامض من الأمور التي دخلت مع الموروث الوثني للزار.
وبالرغم من أن أم سيد أقامت الزار لدفع شبح الفقر؛ فإنها قامت بقروض مالية من بعض الأقارب والجيران لتوفير أجور فرقة الزار والطعام الوفير الذي يجب أن يقدم للفرقة وللرئيسة كقربان أو مكافأة مقابل عملها المضني في طرد الجان والعفاريت. وتختلف الطقوس والرقصات وشطحاتها اختلافاً طفيفاً بين مناطق الريف والصعيد، تبعاً لتقبل البيئة ومستوى الوعي لما تقدمه فرقة الزار من فقرات.
اقــرأ أيضاً
وبالرغم من قناعات الكثيرين بأن الزار يُعدّ أحد ضروب الدجل والشعوذة؛ فإنه بدأ في العودة للظهور حتى في أوساط بعض المتعلمين، وإن كان في صورة تهكّمية؛ مثل حملة كنس مسجد السيدة زينب على الحكومة عام 2005. كما شهد ميدان التحرير في أيام ثورة يناير، إقامة بعض حفلات الزار الثورية الساخرة لطرد مبارك من الحكم. أي أنّ بعض الناس لا تأخذ طقوسه على محمل الجد، بل كوسيلة للسخرية والتسلية لا أكثر.
أما الزار الأصلي، فهو موروثٌ تراثي أفريقي انتقل إلى مصر عن طريق الحبشة (إثيوبيا) في القرن التاسع عشر. وبدأ بالأساس كوسيلة لطرد الأرواح الشريرة والجان. ولفظ الزار "أمهري" وهو دليل على أصله الحبشي. وتسمى قائدة فرقة الزار أو المعلمة بالكودية أو الشيخة، وهي تمثّل الشخص القوي الذي يبث الخوف في قلوب الجن ليطرده من الجسد أو المكان المتلبس به.
وفي النوع الجديد، ذهبت بعض النساء إلى تحليل بطالة أولادها ومرض زوجها وقعوده عن العمل بأنها من فعل الشياطين المربوطين بسحر صنعه لها ولعائلتها بعض الجيران الحاقدين، كما تقول، أم سيد، المرأة ذات الأصل الصعيدي المقيمة بحي الطالبية بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، وهي سيّدة مختصة بفكّ تعاويذ الزار.
دعت أم سيد، كودية للزار تعرفها عن طريق أهلها بالصعيد، وتقول إنها امرأة ذات "سرّ باتع"، أي قادرة على طرد الجن وإبطال السحر وعكس الشر، بعد أن خرب ارتفاع سعر الدولار والبنزين والميزانية وجعل أصحاب العمل يستغنون عن العمال، وضاعت الميزانيات التي لم تعد تحتمل غلاء الأسعار.
في بعض البلاد، مثل السعودية، يعد الزار من الطقوس المحرمة التي يعاقب متعاطوها بعقوبات مختلفة قد تصل إلى حكم الإعدام في بعض الحالات. ويعترض سلفيو منطقة الجيزة على أفعال أم سيد، ولكن لا يجرؤ أحدهم على التحرك لإنهاء الأمر خوفاً من الاتهام بالتطرف أو تكفير المجتمع والتورط في مواجهة مع الأجهزة الأمنية، وفقاً لكلام بعضهم.
تقوم الكودية أو الرئيسة، كما تسميها النساء الحاضرات، تعظيماً لها، بقيادة الرقصات وتوجيهها، إذ تدور مع إيقاع الدفوف وقرع الصاجات وغناء غريب لا يتبين للكثيرين تفاصيله، ولا يفقهون معانيه. ويُعتقَد أن ذلك الغناء الغامض من الأمور التي دخلت مع الموروث الوثني للزار.
وبالرغم من أن أم سيد أقامت الزار لدفع شبح الفقر؛ فإنها قامت بقروض مالية من بعض الأقارب والجيران لتوفير أجور فرقة الزار والطعام الوفير الذي يجب أن يقدم للفرقة وللرئيسة كقربان أو مكافأة مقابل عملها المضني في طرد الجان والعفاريت. وتختلف الطقوس والرقصات وشطحاتها اختلافاً طفيفاً بين مناطق الريف والصعيد، تبعاً لتقبل البيئة ومستوى الوعي لما تقدمه فرقة الزار من فقرات.