اختلف كثيرون حول لقب أو تعيين الفنانين سفراء للنيّات الحسنة، وما يترتب على هذا المنصب من أعمال ضرورية لمساعدة المجتمعات العربية التي تُعاني من جراء الحروب الدائمة، والخدمات الحياتية والمعيشية اليومية الصعبة. بعضهم وجد في المبادرات التي تطلقها الأمم المتحدة سبيلاً لمساعدة المحتاجين في العالم العربي عبر تعيين هؤلاء سفراء لقضايا إنسانيّة، والقيام بجولات خاصة من أجل تقديم هذه المساعدات. وبعضهم الآخر وصفها بأنها مجرد "كليشيهات" لا تتعدى الضربة الإعلامية العابرة لمدّ الفنانين بشهرة إضافية في استغلالٍ للحالات الإنسانية من أجل كسب مزيد من الجمهور.
التباين في عملية المساعدات، كان غالباً لسنوات بين المؤسسات الدولية نفسها وبين الفنانين. لم تُنشر أجندة عمل واضحة، ولا تأكيد من الفنانين أنفسهم حول ماهية المهمة الأساسية المُسندة إليهم في هذا الشأن، ولا حتى المُدة التي يقضيها السفير مبعوثاً إنسانياً للمنظمة. وأحياناً، كل ما تقوم به هذه المؤسسات أو الجمعيات، هو دعوة الفنان إلى مؤتمر أو ندوة تعقدها، نظراً لموقعه المعنوي المساعد، فيما لم تشهد المناطق أو المخيمات في الوطن العربي، متابعة عينية حثيثة من قبل الفنانين أنفسهم بعد زيارة أولى يقومون بها إلى المخيم، لتحقيق إنجازات عملية مباشرة أخرى بعد الزيارة.
قبل أشهر، أثار حضور الممثّلة، أنجلينا جولي، إلى مخيم اللاجئين السوريين في لبنان مجموعةً من التساؤلات، حول أسباب هذه الزيارة التي استمرّت لساعات قليلة جداً. جدل دار بين من اهتم لحضور جولي ووقوفها تحت المطر والاستماع إلى معاناة الناس، وبين من رأى في هذه الزيارة مجرد ضخ معنويات، قد لا تعني اللاجئ كثيراً وهو الذي ينتظر العودة إلى قريته أو منزله وحسب، بعد أن خسر كل شيء.
يقيم المغني اللبناني، رامي عياش، حفل عشاء نهاية الشهر الحالي، دعماً لمشروعه الخيري الذي أطلقه قبل سنوات وحمل اسم "عياش للطفولة". الفنان الشاب وجد في المبادرة التي أطلقها تجاوباً من قبل بعض المهتمين بهذا الشأن، وتعاون من أجل ذلك مع جمعيات طبية مُتخصصة للمساعدة في تأمين كلفة العلاجات الخاصة بمرضى القلب من الأطفال تحديداً، لإيمانه بضرورة مساعدة الأطفال في تخطي الأزمات الصحية المكلفة. عياش، ومن خلال شهرته التي يستغلها معنوياً، من أجل العمل الخيري الذي يقوده، استطاع تأمين متطلبات عشرات الحالات الإنسانية لأطفال يعانون من مشاكل في القلب. وفي سبتمبر/ أيلول العام الماضي، شارك عياش مع مؤسسة "روتاري" من أجل الغرض نفسه في لقاء عقد أمام وسائل الإعلام، وأعلن خلاله عن الخطوات التي ستلبي احتياجات الأطفال بالاتفاق مع أطباء متخصصين في هذا المجال.
يؤكد رامي عياش، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه لم يسع إلى المناصب أو لتولي مهمة السفير، وبأن كل ما يقوم به هو مبادرة فردية تجاه أطفال معوزين، سواء على الصعيد الصحي أو الاجتماعي وحتى الموسيقي الفني. إذ تتكفّل "عياش للطفولة" بتأمين دراسة للأطفال في بعض مجالات الفنون كالغناء والعزف. وهؤلاء الأطفال سيشاركون في الحفل السنوي الذي سيقام نهاية الشهر الحالي، وهو بالطبع مُخصَّص للدعم بحسب عياش. يقول عياش "هناك مبادرات ومساعدات تصل الجمعية من أجل متابعة عملنا ضمن المؤسسة. كما أحاول المشاركة في تنظيم حفلات يعود ريعها لصالح تدبير وتأمين مستلزمات الأطفال، خصوصاً الحالات المستعجلة لمرضى القلب مثلاً". لكن مهمة رامي عياش تختلف عن مهمة غيره من الفنانين الذين عيّنوا سفراء لقضايا إنسانية، بعضها لم يأت بنتيجته المرجوة.
وكانت الفنانة ماجدة الرومي قد أعلنت في شهر حزيران/ يونيو الماضي، عن تنحّيها عن لقب أول سفيرة عربية لمنظمة "الفاو" الإنسانية بعد سنوات قضتها الرومي في هذا المنصب، من دون تحقيق أي أنجاز عملي على الأرض، الأمر الذي أثار استغرابها، فيما التزمت منظمة "الفاو" الصمت تجاه قرار الرومي بالاعتذار.
كما عينت الفنانة كارول سماحة عام 2014 من قبل جمعية GNRD الدولية التابعة للأمم المتحدة كسفيرة للنيات الحسنة. وقامت سماحة خلال عامين بزيارة اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء في الأردن، وزارت مناطق العشوائيات في مصر، وقدمت بعض المساعدات الخاصة للاجئين. وشاركت سماحة في تبني مشروع القرطاسية المدرسية قبل عامين لأطفال يتامى في لبنان، كما شاركت سماحة في مؤتمر للأطفال عُقد في جنيف، وألقت كلمة حول مفهوم السلام ومعاناة الأطفال جراء الحروب والأزمات الاجتماعية.
وقام الفنان العراقي كاظم الساهر بمجموعة من المبادرات بعد تعيينه سفيراً للطفولة من قبل الأمم المُتحدة "اليونيسف". وزار الساهر، مؤخراً، مخيمات اللاجئين السوريين في البقاع (شرقي لبنان)، كما طرح سلسلة من المبادرات الخاصة عبر برنامج "ذا فويس" الذي شارك في لجنة مدربيه.
أما الفنانة نجوى كرم فقامت بمبادرات فردية خاصة في دعم بعض المؤسسات الخيرية في لبنان، فأحيت حفلات خاصة لمرضى التوحد من الأطفال. وقدمت قبل عامين مجموعة من سيارات الإسعاف المُجهزة إلى مؤسسة الصليب الأحمر فرع لبنان. وتعمل كرم بعيداً عن الأضواء لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مرض السرطان، وفي أغنيتها المُصورة مؤخراً "يخرب بيتك"، غنّت إلى جانبهم لتسليط الضوء على معاناتهم، وفق ما صرحت.