للوهلة الأولى، تبدو توردسيلاس مدينة عادية على ضفاف نهر دويرو، في مقاطعة بلد الوليد (فالادوليد) في إسبانيا؛ تضم حياً قديماً يحوي "الساحة القديمة" (بلاثا مايور) التي بُنيت أثناء حكم ملك إسبانيا، فيليب الثالث في القرن السابع عشر، بالإضافة إلى كنائس تعود إلى العصور الوسطى. لكنها تملك مكانة مميزة لدى سكان سان باولو وقرطاجنة وأي مدينة أخرى في الأميركتين الوسطى والجنوبية، إذ برز اسمها في معاهدة وُقعت بين إسبانيا (مملكة قشتالة حينها) والبرتغال، لتقسيم أراضي العالم الجديد، أي المُكتشفة خارج أوروبا، في عام 1494، ومهدت الطريق للبرازيل، كي تصبح البلد الوحيد الناطق بالبرتغالية، في أميركا. ولعب الموقع المميز للمدينة دوراً مهماً، في اختيارها مركزاً لتوقيع الاتفاقية التي عُرفت بـ "معاهدة توردسيلاس"، إذ توسطت عقدة طرق ذات أهمية بالغة حينها.
لكن وجود الأحياء الملكية في المدينة وموقعها الجغرافي، ليسا السببين الوحيدين اللذين دفعا ملكة قشتالة، إيزابيلا الأولى، وملك أراغون، فرديناند الثاني، إلى اختيارها لتوقيع الاتفاقية، بل لارتباطها التاريخي بالبرتغال، وفقاً لموقع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي). إذ في القرن الرابع عشر، عاشت ملكة البرتغال ماري وابنها بياتريس في المدينة. ويُتوقع أن هذه الخطوة شكلت بادرة سياحية حينها، أي أن البرتغاليين أبدوا ارتياحاً أكبر على أرض محايدة.
وكان لدى الملكة إيزابيلا والملك فرديناند سبب وجيه لاسترضاء البرتغال، إذ على الرغم من أن اتفاقية توردسيلاس نوقشت خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران عام 1494، فقد استغرقت عاماً كاملاً من الأخذ والرد، وهددت بشن حرب بين البلدين وتهديد دور إسبانيا في الفتوحات الأطلسية. وبدأ التفاوض على المعاهدة، بعدما واجه المستكشف الإسباني كريستوبال كولون (كريستوف كولومبوس بالإنكليزية) عاصفة شديدة، خلال عودته من رحلته الأولى إلى ما ظنها حينها الهند. واضطر كولون إلى إلقاء مرساته قرب ليشبونة، وبالتالي اضطر إلى مشاركة أخبار اكتشافاته للمرة الأولى مع ملك البرتغال، جون الثاني. واقتناعاً منه بأن الجزر الجديدة المُكتشفة تقع في إطار معاهدة ألكاكوفاس – توليدو (1479) التي منحت أراضي جنوب جزر الكناري للبرتغال، أعلن جون الثاني عن هيمنة البرتغال عليها.
في الوقت نفسه، تمكن البحار الإسباني الذي رافق كولون، مارتن ألونسو بينزون، من جرّ قاربه إلى الشاطئ الإسباني. وأعلم، فوراً، الملوك الكاثوليك في برشلونة، عن الأراضي المكتشفة حديثاً. وبناءً على هذه المعلومة، أرسل الملوك رسلاً إلى البابا ألكسندر السادس، وطالبوا بالهيمنة على الأراضي. أصدر البابا ثلاثة مراسيم، ألغت إحداها معاهدة ألكاكوفاس – توليدو. وعوضاً عن المعاهدة التي تقسم الأطلسي بالتوازي بين البرتغال وإسبانيا على طول خط أفقي، رُسمت الحدود عامودياً من القطب إلى القطب، عبر المحيط الأطلسي.
شعر البرتغاليون حينها بالغضب، إذ فقدوا ملكية الجزر الجديدة، وخسروا أي مجال للمناورة عند الشروع في رحلاتهم إلى أفريقيا. تبع ذلك موجة من المباحثات الدبلوماسية بين البرتغال وإسبانيا، وأي من الطرفين لم يرد الحرب، لكنهما عملا على صيانة وتنظيم أسطوليهما خلال المحادثات.
اقــرأ أيضاً
لكن وجود الأحياء الملكية في المدينة وموقعها الجغرافي، ليسا السببين الوحيدين اللذين دفعا ملكة قشتالة، إيزابيلا الأولى، وملك أراغون، فرديناند الثاني، إلى اختيارها لتوقيع الاتفاقية، بل لارتباطها التاريخي بالبرتغال، وفقاً لموقع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي). إذ في القرن الرابع عشر، عاشت ملكة البرتغال ماري وابنها بياتريس في المدينة. ويُتوقع أن هذه الخطوة شكلت بادرة سياحية حينها، أي أن البرتغاليين أبدوا ارتياحاً أكبر على أرض محايدة.
وكان لدى الملكة إيزابيلا والملك فرديناند سبب وجيه لاسترضاء البرتغال، إذ على الرغم من أن اتفاقية توردسيلاس نوقشت خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران عام 1494، فقد استغرقت عاماً كاملاً من الأخذ والرد، وهددت بشن حرب بين البلدين وتهديد دور إسبانيا في الفتوحات الأطلسية. وبدأ التفاوض على المعاهدة، بعدما واجه المستكشف الإسباني كريستوبال كولون (كريستوف كولومبوس بالإنكليزية) عاصفة شديدة، خلال عودته من رحلته الأولى إلى ما ظنها حينها الهند. واضطر كولون إلى إلقاء مرساته قرب ليشبونة، وبالتالي اضطر إلى مشاركة أخبار اكتشافاته للمرة الأولى مع ملك البرتغال، جون الثاني. واقتناعاً منه بأن الجزر الجديدة المُكتشفة تقع في إطار معاهدة ألكاكوفاس – توليدو (1479) التي منحت أراضي جنوب جزر الكناري للبرتغال، أعلن جون الثاني عن هيمنة البرتغال عليها.
في الوقت نفسه، تمكن البحار الإسباني الذي رافق كولون، مارتن ألونسو بينزون، من جرّ قاربه إلى الشاطئ الإسباني. وأعلم، فوراً، الملوك الكاثوليك في برشلونة، عن الأراضي المكتشفة حديثاً. وبناءً على هذه المعلومة، أرسل الملوك رسلاً إلى البابا ألكسندر السادس، وطالبوا بالهيمنة على الأراضي. أصدر البابا ثلاثة مراسيم، ألغت إحداها معاهدة ألكاكوفاس – توليدو. وعوضاً عن المعاهدة التي تقسم الأطلسي بالتوازي بين البرتغال وإسبانيا على طول خط أفقي، رُسمت الحدود عامودياً من القطب إلى القطب، عبر المحيط الأطلسي.
شعر البرتغاليون حينها بالغضب، إذ فقدوا ملكية الجزر الجديدة، وخسروا أي مجال للمناورة عند الشروع في رحلاتهم إلى أفريقيا. تبع ذلك موجة من المباحثات الدبلوماسية بين البرتغال وإسبانيا، وأي من الطرفين لم يرد الحرب، لكنهما عملا على صيانة وتنظيم أسطوليهما خلال المحادثات.