تمثل الانتخابات في مصر مناسبة مواتية لا يفوتها مرتزقة الفن وعشاق التزلف للسطة كي يدلوا بدلوهم في مهرجان الإسفاف والابتذال والتلوّث السمعي.
الغناء للإخوان والسلفيين
بعد ثورة يناير، كان موقف ووضع تيار الإسلام السياسي قويًّا، فاختاروا هذه النوعية من الغناء من أجل حشد الأنصار نحو الصناديق. فلم يكن الإخوان والسلفيون بعيدين عن ألحان المهرجانات وأنماطها الإيقاعية والدلالية. كان الأسلوب الغنائي لشعبان عبد الرحيم هو الإمام الهادي الذي سار عليه هؤلاء الإسلاميون، فنشر حزب النور أغنيته "يا مصر صباحك نور، ومبروك تاني عبور، مع حزب النور". كما روَّج الإخوان لأغنيات مثل: "نهضتنا" و"مرسي رئيس لبلادي". وغنَّى أنصار حمدين صباحي في عام 2012 أغنيتين هما: "أنا صوتي لصباحي" و"الشعب يريد". وفي انتخابات 2014، ألفوا لحمدين أغنية تقول: "ياعم كامل، ويا خالة بشرى، طالع صباحي، من بين جماهير تنادي"، وأيضاً أغنية "هنكمل حلمنا".
الغناء لأحمد شفيق
ولما ظهر أحمد شفيق، غنى له أنصاره بأنه "الراجل الشهم الجريء". وقد زاد المطرب عصام شعبان عبد الرحيم نجل المطرب الشعبي المشهور في كلمات الأغنية أن شفيق "يجري في دمه الشعب المصري". أما أبو الفتوح فهو الذي "لا سرق أراضي ولا عاش مطاطي" كما ذكرت أغنية لأنصاره. ثم يحضر عمرو موسى من جديد في روائع شعبولا بأغنية "بحب عمرو موسى المخلص الحسيس، وإن شاء الله هينجح وهو ده الرئيس.. وإييييه".
الغناء للرئيس الانقلابي
وحين يتآمرون لإسقاط ثورة يناير في انقلاب يونيو 2013؛ تبدأ آلة الدعاية الضخمة للسيسي في تدشين أدبيات جديدة تناسب الفرعون الجديد؛ فهو الذي أنقذ ونجّى وحمى وقاد، و"نسائهم حبلى بنجمه". وتتراوح أغنيات الترويج للسيسي بين المنتجة من التيار الديني كأغنية "حراس صاحيين" وأغنية "آمين آمين" التي ألفهما حزب النور الراعي الإسلامي لمشروع السيسي، حيث خرجت بها مكبرات الصوت على السيارات يغنيها رجال ملتحون أشدّاء البأس في معركة التمكين للاستبداد. ثم تنتشر مجموعات أخرى من الأغنيات لمطربين مغمورين ضعيفي الموهبة والضمير مثل "الشعب كله بيحبك" وهي من كلمات وغناء شخص يدعى حسن أبو سيف. كما غنت مطربة تدعى "بسنت" باللغة الإنكليزية كلمات الأغنية السابقة ذاتها. إضافة إلى أغنية "بالمفيد المختصر" للراقصة بوسي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات المصرية التي يتنافس فيها الزعيم مع نفسه! ستكون الأرصفة والطرقات على موعد جديد مع حفلات التلوث السمعي، وسيظهر كالعادة "الأديب الأدباتي الانتخباتي" الذي كان يسخر منه الشيخ إمام مع أحمد فؤاد نجم منذ حوالي أربعة عقود.