بعد أسابيع من الجدل، اختارت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم المنتج والمؤلف محمد حفظي ليكون الرئيس الجديد لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، استعدادًا للدورة الـ40، التي تُقام بين 15 و24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018. والاختيار مفاجئ بالنسبة إلى غالبية السينمائيين المصريين، وفي الوقت نفسه يحمل أملاً في الارتفاع بمستوى المهرجان، الذي يعاني مشاكل عديدة.
أما مفاجأة اختيار محمد حفظي، فمنبثقة من أمرين اثنين:
أولاً، سيكون، وهو في الـ43 من عمره، الرئيس الـ8 للمهرجان، المؤسَّس عام 1976. بهذا، لن يكون فقط أصغر من تولّى المهمة، بل أيضاً بفارق عقدٍ ونصف العقد، على الأقلّ، عن أعمار رؤساء سابقين للمهرجان، أمثال كمال الملاخ وسعد الدين وهبة وسمير فريد، أو الرئيسة الأخيرة ماجدة واصف، الذين كانوا في النصف الثاني من خمسينيات أعمارهم عند تولّيهم المهمّة.
تلك المفارقة جعلت كثيرين يصفون محمد حفظي بـ"السينمائي الشاب"، وهو وصف يأتي ـ غالبًا ـ من مقارنته بمن سبقوه.
ثانيًا: عادةً، تميل وزارة الثقافة ومؤسّسات الدولة الرسمية إلى اختيار ممثل أو ممثلة لرئاسة المهرجان، اعتقادًا منها أن هذا يزيد من جماهيريته داخليًا، ويسمح بجذب مزيدٍ من النجوم إلى فاعلياته. لذا، اختير حسين فهمي وعزت أبو عوف وعمر الشريف (والأخير كان رئيسًا شرفيًا) في الأعوام السابقة، وكانت المرشَّحة الأولى لرئاسة المهرجان هذا العام الممثلة ليلى علوي، قبل أن تعتذر.
بناءً عليه، يُعتبر اختيار منتج وسيناريست، وفي سنّ صغيرة نسبيًا، غريبًا.
اقــرأ أيضاً
في مقابل هذا كلّه، هناك رهانات عديدة على كون اختيار محمد حفظي إضافة كبيرة للمهرجان، فنيًا ودعائيًا:
فهو مُشارك في الوسط السينمائي كسيناريست منذ بداية الألفية الـ3 هذه، ويعمل كمنتج منذ 10 أعوام، منح خلالها فرصًا عديدة لمخرجين وصنّاع أفلام جدد، أمثال عمرو سلامة في "زي النهاردة" (2008)، وأحمد عبد الله في "ميكروفون" (2011) "وفرش وغطا" (2013)، وماجي مرجان في "عشم" (2012)، وآيتن أمين في "فيلا 69" (2013)، وشريف البنداري في "علي معزة وإبراهيم" (2016)، ومحمد حمّاد في "أخضر يابس" (2016)، ومحمد دياب في "اشتباك" (2016).
هذه أفلام (وغيرها أيضًا) يرتكز فيها محمد حفظي، أساسًا، على وجود احتمالات سينما مختلفة، قادرة على خلق علاقة مع الجمهور. لذا، يراهن دائمًا على رؤى المخرجين الجدد، وتجديد روح الأفلام بهم.
تلك العقلية التي تراهن على الجديد والمبتكر يحتاج "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" إليها بشدّة. فمنذ أعوام عديدة، أصبح عاجزًا عن مجاراة مهرجانات أخرى في المنطقة العربية، في قدرته على جذب نجوم عالميين، وأحيانًا يعجز عن الحصول على "عروض أولى" للأفلام. بالتالي، فهو يحتاج إلى تعويض ذلك بمواهب مختلفة في البرمجة والإدارة، وحفظي مناسب للرهان على الشباب والأفكار غير النمطية.
معظم الأفلام التي أنتجها محمد حفظي عرضت في مهرجانات دولية، وفاز بعضها بجوائز، كـ"فيلا 69" الحاصل على جائزة أفضل فيلم عربي في "مهرجان أبو ظبي"، و"ميكروفون" الفائز بـ"التانيت الذهبي" لـ"أيام قرطاج السينمائية"، و"اشتباك" الذي افتتح مسابقة "نظرة ما" في مهرجان "كانّ".
احتكاكه المباشر كمنتج بالمهرجانات العربية والدولية سمح له بتكوين خبرة وعلاقات خارجية عديدة، في 10 أعوام كاملة، مع صنّاع أفلام، ومسؤولي إدارة وبرمجة الأفلام والأسواق السينمائية في أقسام المهرجانات وفاعليات الصناعة حول العالم.
اقــرأ أيضاً
لذا، وبناء على هذا كلّه، يأتي الرهان على خبرته وعلاقاته الخارجية كبيرًا، بهدف منح "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" خصوصية أكبر، في مستوى الأفلام والنقاشات والبرامج وورش العمل التي ستقام فيه.
ربما لا يكون محمد حفظي نفسه وجهًا جاذبًا للجمهور، للدعاية للمهرجان ولأفلام المهرجان وانتشاره. لكن المؤكّد أن علاقته بنجوم سينمائيين مصريين، وتحديدًا الشباب منهم، الذين منحهم فرص البطولة الأولى في مسيرتهم، ستكون مؤثّرة في كيفية دعم المهرجان جماهيريًا، إذْ سيحاولون مساعدته، وسيشعر كثيرون منهم بالارتباط ـ للمرة الأولى ـ بالمهرجان الرئيسيّ في بلدهم.
كما أن شراكته وتعاونه المتكرِّرين مع موزّعين ومنتجين مشاركين في أفلامه سيُتيحان مساحة أكبر لعرض الأفلام في الصالات السينمائية في القاهرة، وفي مناطق جغرافية مختلفة، ما يجعلها متاحة لشريحةٍ أكبر من الجمهور، لا تتمركز فقط في دور العرض الخاصة بوزارة الثقافة، كما كان يحدث في العامين الماضيين، ويؤثر على نسب مشاهدة الأفلام والحضور الجماهيري.
كذلك، فإن إحدى المشاكل الدائمة للمهرجان، التي يتناولها كثيرون في تعليقاتهم وحواراتهم، وبشكل مباشر أحيانًا، كما فعل مؤخّرًا الناقد طارق الشناوي في لقاءات تلفزيونية مختلفة، تكمن في وجود "علاقات عامّة" تسمح للبعض بتحقيق "مصالح ذاتية" عبر رئيس المهرجان، الموجود كواجهة فقط.
لذا، يرى كثيرون أن اختيار محمد حفظي كشخصٍ بعيدٍ عن دائرة الشبهات وعلاقات وزارة الثقافة، وكسينمائيّ صنع الجانب الأكبر من مسيرته كـ"منتج سينما مستقلة"، سيُفيد المهرجان، بشكل كبير، بالاستناد إلى إمكانيات الدولة والمؤسّسات الرسمية لـ"دعم السينما والمهرجان معًا"، من دون تحقيق مصالح أو مجاملات شخصية.
هذه الأسباب كلّها، المتعلّقة بالخبرة والأفكار الجديدة والعلاقات (المهنية والاحترافية) الداخلية والخارجية، والاحتكاك المباشر بالمهرجانات الدولية، تدعم اختيار محمد حفظي رئيسًا لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، وتدفع إلى الاقتناع بأن الدورة الـ40 ستكون، فعليًا، جديرة بالمتابعة، كاحتفالٍ مناسب بالأفلام والصناعة السينمائية.
أولاً، سيكون، وهو في الـ43 من عمره، الرئيس الـ8 للمهرجان، المؤسَّس عام 1976. بهذا، لن يكون فقط أصغر من تولّى المهمة، بل أيضاً بفارق عقدٍ ونصف العقد، على الأقلّ، عن أعمار رؤساء سابقين للمهرجان، أمثال كمال الملاخ وسعد الدين وهبة وسمير فريد، أو الرئيسة الأخيرة ماجدة واصف، الذين كانوا في النصف الثاني من خمسينيات أعمارهم عند تولّيهم المهمّة.
تلك المفارقة جعلت كثيرين يصفون محمد حفظي بـ"السينمائي الشاب"، وهو وصف يأتي ـ غالبًا ـ من مقارنته بمن سبقوه.
ثانيًا: عادةً، تميل وزارة الثقافة ومؤسّسات الدولة الرسمية إلى اختيار ممثل أو ممثلة لرئاسة المهرجان، اعتقادًا منها أن هذا يزيد من جماهيريته داخليًا، ويسمح بجذب مزيدٍ من النجوم إلى فاعلياته. لذا، اختير حسين فهمي وعزت أبو عوف وعمر الشريف (والأخير كان رئيسًا شرفيًا) في الأعوام السابقة، وكانت المرشَّحة الأولى لرئاسة المهرجان هذا العام الممثلة ليلى علوي، قبل أن تعتذر.
بناءً عليه، يُعتبر اختيار منتج وسيناريست، وفي سنّ صغيرة نسبيًا، غريبًا.
في مقابل هذا كلّه، هناك رهانات عديدة على كون اختيار محمد حفظي إضافة كبيرة للمهرجان، فنيًا ودعائيًا:
فهو مُشارك في الوسط السينمائي كسيناريست منذ بداية الألفية الـ3 هذه، ويعمل كمنتج منذ 10 أعوام، منح خلالها فرصًا عديدة لمخرجين وصنّاع أفلام جدد، أمثال عمرو سلامة في "زي النهاردة" (2008)، وأحمد عبد الله في "ميكروفون" (2011) "وفرش وغطا" (2013)، وماجي مرجان في "عشم" (2012)، وآيتن أمين في "فيلا 69" (2013)، وشريف البنداري في "علي معزة وإبراهيم" (2016)، ومحمد حمّاد في "أخضر يابس" (2016)، ومحمد دياب في "اشتباك" (2016).
هذه أفلام (وغيرها أيضًا) يرتكز فيها محمد حفظي، أساسًا، على وجود احتمالات سينما مختلفة، قادرة على خلق علاقة مع الجمهور. لذا، يراهن دائمًا على رؤى المخرجين الجدد، وتجديد روح الأفلام بهم.
تلك العقلية التي تراهن على الجديد والمبتكر يحتاج "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" إليها بشدّة. فمنذ أعوام عديدة، أصبح عاجزًا عن مجاراة مهرجانات أخرى في المنطقة العربية، في قدرته على جذب نجوم عالميين، وأحيانًا يعجز عن الحصول على "عروض أولى" للأفلام. بالتالي، فهو يحتاج إلى تعويض ذلك بمواهب مختلفة في البرمجة والإدارة، وحفظي مناسب للرهان على الشباب والأفكار غير النمطية.
معظم الأفلام التي أنتجها محمد حفظي عرضت في مهرجانات دولية، وفاز بعضها بجوائز، كـ"فيلا 69" الحاصل على جائزة أفضل فيلم عربي في "مهرجان أبو ظبي"، و"ميكروفون" الفائز بـ"التانيت الذهبي" لـ"أيام قرطاج السينمائية"، و"اشتباك" الذي افتتح مسابقة "نظرة ما" في مهرجان "كانّ".
احتكاكه المباشر كمنتج بالمهرجانات العربية والدولية سمح له بتكوين خبرة وعلاقات خارجية عديدة، في 10 أعوام كاملة، مع صنّاع أفلام، ومسؤولي إدارة وبرمجة الأفلام والأسواق السينمائية في أقسام المهرجانات وفاعليات الصناعة حول العالم.
لذا، وبناء على هذا كلّه، يأتي الرهان على خبرته وعلاقاته الخارجية كبيرًا، بهدف منح "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" خصوصية أكبر، في مستوى الأفلام والنقاشات والبرامج وورش العمل التي ستقام فيه.
ربما لا يكون محمد حفظي نفسه وجهًا جاذبًا للجمهور، للدعاية للمهرجان ولأفلام المهرجان وانتشاره. لكن المؤكّد أن علاقته بنجوم سينمائيين مصريين، وتحديدًا الشباب منهم، الذين منحهم فرص البطولة الأولى في مسيرتهم، ستكون مؤثّرة في كيفية دعم المهرجان جماهيريًا، إذْ سيحاولون مساعدته، وسيشعر كثيرون منهم بالارتباط ـ للمرة الأولى ـ بالمهرجان الرئيسيّ في بلدهم.
كما أن شراكته وتعاونه المتكرِّرين مع موزّعين ومنتجين مشاركين في أفلامه سيُتيحان مساحة أكبر لعرض الأفلام في الصالات السينمائية في القاهرة، وفي مناطق جغرافية مختلفة، ما يجعلها متاحة لشريحةٍ أكبر من الجمهور، لا تتمركز فقط في دور العرض الخاصة بوزارة الثقافة، كما كان يحدث في العامين الماضيين، ويؤثر على نسب مشاهدة الأفلام والحضور الجماهيري.
كذلك، فإن إحدى المشاكل الدائمة للمهرجان، التي يتناولها كثيرون في تعليقاتهم وحواراتهم، وبشكل مباشر أحيانًا، كما فعل مؤخّرًا الناقد طارق الشناوي في لقاءات تلفزيونية مختلفة، تكمن في وجود "علاقات عامّة" تسمح للبعض بتحقيق "مصالح ذاتية" عبر رئيس المهرجان، الموجود كواجهة فقط.
لذا، يرى كثيرون أن اختيار محمد حفظي كشخصٍ بعيدٍ عن دائرة الشبهات وعلاقات وزارة الثقافة، وكسينمائيّ صنع الجانب الأكبر من مسيرته كـ"منتج سينما مستقلة"، سيُفيد المهرجان، بشكل كبير، بالاستناد إلى إمكانيات الدولة والمؤسّسات الرسمية لـ"دعم السينما والمهرجان معًا"، من دون تحقيق مصالح أو مجاملات شخصية.
هذه الأسباب كلّها، المتعلّقة بالخبرة والأفكار الجديدة والعلاقات (المهنية والاحترافية) الداخلية والخارجية، والاحتكاك المباشر بالمهرجانات الدولية، تدعم اختيار محمد حفظي رئيسًا لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، وتدفع إلى الاقتناع بأن الدورة الـ40 ستكون، فعليًا، جديرة بالمتابعة، كاحتفالٍ مناسب بالأفلام والصناعة السينمائية.