قرصنة الأفلام السينمائية مستمرة. هذا عمل يدرّ أرباحًا طائلة. محاولات عديدة تقوم بها بلدان ومؤسّسات دولية لحماية المنتج السينمائي من القرصنة تبوء بالفشل. العالم العربي زاخرٌ بها. لكن هذا لن يكون دليلاً على ارتفاع نسبة الـ"سينيفيلية"، لأنّ الغالبية الساحقة من الأفلام المقرصنة على أسطوانات مدمجة في العالم العربي، والمطلوبة بكثرة، تنتمي إلى التشويق والمغامرة والتسلية، ولا علاقة لها بالثقافة السينمائية.
قرصنة الأفلام صناعة وتجارة أيضًا، لن تقلّ أهمية عن صناعة الأفلام وتجارتها. هذا واقع. أعداد الأسطوانات المقرصنة، التي تباع في مدن عربية، هائلة. كثيرون يريدون مُشاهدة أفلامٍ ومسلسلات تلفزيونية في منازلهم. هذا حقّ لهم. القرصنة تُفيدهم. هذا مُضرّ بصناعة الأفلام وتجارتها. لكن ثمن أسطوانة مدمجة "قانونيّة"، بالأنواع الحديثة والمختلفة كلّها، مرتفعٌ. الراغبون في المُشاهدة غير متمكّنين من شراء ما يحتاجون إليه بشكلٍ قانوني، رغم أن الأقراص القانونية تحتوي على إضافاتٍ تُفيد المُشاهد السينمائيّ، المتعطش إلى المعرفة والثقافة، عبر المُشاهدة.
بعض القرصنة مفيد. محلات قليلة للغاية تبيع أسطوانات مقرصنة لأفلام أوروبية وآسيوية وأميركية لاتينية وعربية غير استهلاكية أو تجارية. هذا مهمّ. "سينيفيليون" عديدون يريدون أفلامًا تُعتبر أساسية في صناعة الصورة. الأسطوانة المقرصنة زهيدة الثمن، وهذا يُتيح لهم إمكانيات أكبر لمُشاهدات كثيرة. محلات تبيع أسطوانات مقرصنة تهتمّ بجودة مطلوبة، صوتًا وصورة. تُنزل على الأسطوانة ترجمة عربية جيدة. التقنيات الحديثة عامل إيجابيّ. هناك برامج إلكترونية مختلفة تساعد على تحقيق هذا كلّه. الـ"سينيفيليّ" يرتاح إلى القرصنة، لأنها تُفيده. إصدار أقراص "دي. في. دي." لأفلامٍ عربية، بحسب شروط "الملكية الفكرية" وقوانينها، نادر الحدوث، ودونه تكلفة كبيرة. الاختبارات الجدّية قليلة، لذا يرتفع سعر الأسطوانة القانونية.
القرصنة حلٌّ. لكنّ التقنيات الحديثة تتغلّب على حلّ كهذا، إذْ تتكاثر مواقع إلكترونية غربيّة، تمنح المهتمّ فرصة مُشاهدة المطلوب، من سينمات مختلفة، بجودة فنية عالية. رغم هذا، تستمرّ صناعة القرصنة. كثيرون غير معنيين بالمواقع، وبعض هذه الأخيرة يحتاج إلى اشتراكاتٍ، ويكون صارمًا في عرض الأفلام، فهو ملتزم حقوق الملكية الفكرية. مواقع أخرى تتفوّق على قرصنة الأسطوانات المُدمَّجة، بتمكّنها من قرصنةٍ أجود منها.
العالم يتبدّل. هذا لن يكون إيذانًا بنهاية عصر المُشاهدة السينمائية في الصالات الخاصّة بها. ولن يكون خاتمة مُشاهدة الأفلام على أسطوانات مدمجة قانونية، بأنواعها التقنية المختلفة. ولن يكون إقصاءً لدور التلفزيون في عرض الأفلام الأهمّ سينمائيًا، رغم أن محطات تلفزيونية عربية غير مكترثة البتّة بهذا.
لكن تطوّر التقنيات أسرع من أن يُواجَه، والـ"سينيفيلية" غير عابئة بقوانين تحول، غالبًا، دون المُشاهدة.