لم تولِ حكومة العدالة والتنمية، صناعة الدراما والسينما، كل هذا الاهتمام، فقط لجني الأرباح، إذ ثمة إجماع على أن للدراما التركية دوراً مهماً، بزيادة عدد السياح الذين تطمح تركيا لوصولهم لـ 50 مليوناً خلال مئوية تأسيس الدولة، ولها دور أيضاً لتسويق البضائع، من مفروشات وسيارات وألبسة، بل وكل ما يتم التركيز عليه في صناعة الدراما والسينما التركية.
بل ثمة من يذهب إلى أبعد من ذلك، فيرى في الإنتاج المرئي التركي، تسويقاً لتجربة العدالة والتنمية، بالإبقاء على الحريات وعدم عبث "الحكومة الإسلامية " بدستور الدولة العلماني. ويرى أنصار هذا الرأي، أن تركيا تستخدم الدراما خاصة، كأداة لتسويق تجربتها السياسية، والتي ربما لن تقف عند حد "قاطرة الدول الإسلامية".
بيد أن الترويج، يأتي عادة عبر ثنائية الفن والاقتصاد، فشركة "الأبحاث والتحليلات" على سبيل الذكر، تشير إلى أن الدراما التركية تواصل الحفاظ على جماهيرها، من مئات آلاف المشاهدين حول العالم، وقد سجلت أعلى التقييمات في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط. وهي اليوم تحقق أرقاماً قياسيةً جديدة في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية وجنوب أفريقيا وآسيا.
وتركز فيما تركز، على ارتفاع عائدات الدراما وحلم وصولها إلى ملياري دولار عام 2023. وتلمّح بأحسن الظروف، للتحدي والهدف، بأن تصل الدراما التركية لمناطق تتحدث باللغة الإنكليزية، بعد أن تمكنت من مناطق اللغة العربية والإيرانية وحتى الهندية والصينية، وغزت بنجاح، دول أميركا اللاتينية.
وبدأت أدوار الدراما والسينما التركية، بتصويب النظرة الخاطئة التي كرستها، ربما دراما وسينما "الأعداء" ففي حين كان يصور إمام المسجد على أنه مخادع ومرتش، والفتاة المحجبة على أنها خادمة أو مشردة بالشوارع، أعادت الدراما لفئات المجتمع حقوقهم عبر تنوع الأدوار، وإن كان مأخذ "تسويق الأكراد" مازال يؤخذ على تلك الصناعة.
وبالمقابل، عززت الدراما من موقع "القوميّة" لدى الأتراك، قبل أن تنتقل بأهدافها للخارج، ففي حين سوقت بعض الكتب والشاشات التركية، التركيَّ بأنه جاء من الجبال بالصدفة وأنه وصل بلاد الأناضول بلباسه البدائي الذي يشبه لباس العصر الحجري، ردت الدراما على نحو غير مباشر ومدروس، من خلال تصوير حياة السلاطين وما تخللها من فتوحات وتطور، أيضاً لترد على ما كان يروّج عنهم من لهو وحب نساء وظلم.
فكان ربما "حريم السلطان" أبهى مقالٍ نقل حياة السلطان سليمان القانوني، في مزيج واختلاط، بين أنّ القانوني، أمضى حياته على ظهر فرسه فاتحاً، حيث وصل بفتوحاته لأقاصي بلغاريا والمجر ودول غرب أوروبا بعد فتح صربيا والبوسنة، وبين غرامياته عبر الإغراق بتصوير "حريمه وغرف نومه وعشقه للسلطانة هيام".
والمتابع لدور الدراما بتشكيل الوعي وتصويب بعض مغالطات التاريخ، يتذكر بأنه أنتج التلفزيون مسلسل "جيهان قلعة" ذا الحلقات الأربع الذي تناول دور مصطفى كمال أتاتورك وعلاقته بمعركة جيهان قلعة، ليتم إسقاط الهالة وربما القدسية التي تم تناقلها عن مؤسس الجمهورية. ليتبعه مسلسل "فيلينتا" الذي تناول مشاركة الدول الغربية وبريطانيا خاصة، باختراق الدولة العثمانية عبر الخيانات، وحرص الأتراك على الدولة، على عكس ما أشاعته كتب التاريخ والأعمال التلفزيونية والسينمائية.
ليأتي ربما العمل الأهم والأكثر مشاهدة وإنتاجاً بتاريخ الدراما التركية "قيامة أرطغرول" الذي تناول نشأة الدولة العثمانية، ليرسخ رسائل ومقولات عدة، ربما أن هذه الدولة جاءت امتداداً لدولة وحضارة، وأن من أسسوا هذه الدولة أسسوها على أصول أخلاقية وثقافية إسلامية.
وتتالت الأعمال التي تسوّق الطبيعة والصناعة وتركيا القوية التي تسعى، حتى إقليمياً، لإحقاق الحق، ليكون ربما "وادي الذئاب" في مقدمتها، لما حمله من أهداف ومقولات، تعدت المحلي لتصل حدود "الرؤية والهدف التركي" لما حولها من دول المنطقة.
دبلجة الدراما التركية يعود الفضل فيها إلى دور المترجم السوري الراحل، عبد القادر عبد اللي، الذي كان أول من نقل الدراما التركية إلى العربية انطلاقاً من مسلسل "نور" وأتبعه بعشرة أعمال أخرى، وكذا شركات الدوبلاج السورية، والتي كانت أول وأكثر من سوّق الدراما التركية بالمنطقة العربية، لتحتل مساحة واسعة في العرض التلفزيوني، وخاصة بمنطقة الخليج العربي.
بيد أن من المغالطات بهذا الصدد، أن البعض يعتقد أن التلفزات العربية أول، أو أكثر من يعرض الدراما التركية، إذ تقول الحقائق، أن المنطقة العربية، هي من أقل الأسواق، شراء وعرضاً للدراما التركية، وخاصة بعد أن أرخت السياسة بظلالها على الفن، ومقاطعة تلفزيون "ام بي سي" الذي احتكر لفترة، قبل أن يدخل تلفزيون أبوظبي، على خط الدراما التركية، ليصاب بعدوى سابقه، وتظهر إملاءات السياسة على أدائه وانتقائه وما يعرض.
وليس صحيحاً ما يقال عن اكتساح الدراما التركية للقنوات العربية، إذ الحقائق تقول، إن التلفزات العربية جاءت كآخر عارض ومشترٍ للدراما التركية، حيث بدأت عام 2006 عبر شركة "ساما" السورية، ومن ثم تمخضت عنها شركة "الفردوس" قبل أن يدخل كثيرون، كشركات على العمل في الدوبلاج، لذا لا يمكن نسب النجاح بانتشار الدراما التركية خارج المنطقة العربية، للدبلجة أو للعرض العربي، إلا أن اللهجة السورية، وخاصة بعد انتشار ونجاح الدراما السورية عام 2003، أعطت ربما نكهة، وكان لها دورٌ في انتشار الدراما التركية في العالم العربي.
اقــرأ أيضاً
بل ثمة من يذهب إلى أبعد من ذلك، فيرى في الإنتاج المرئي التركي، تسويقاً لتجربة العدالة والتنمية، بالإبقاء على الحريات وعدم عبث "الحكومة الإسلامية " بدستور الدولة العلماني. ويرى أنصار هذا الرأي، أن تركيا تستخدم الدراما خاصة، كأداة لتسويق تجربتها السياسية، والتي ربما لن تقف عند حد "قاطرة الدول الإسلامية".
بيد أن الترويج، يأتي عادة عبر ثنائية الفن والاقتصاد، فشركة "الأبحاث والتحليلات" على سبيل الذكر، تشير إلى أن الدراما التركية تواصل الحفاظ على جماهيرها، من مئات آلاف المشاهدين حول العالم، وقد سجلت أعلى التقييمات في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط. وهي اليوم تحقق أرقاماً قياسيةً جديدة في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية وجنوب أفريقيا وآسيا.
وتركز فيما تركز، على ارتفاع عائدات الدراما وحلم وصولها إلى ملياري دولار عام 2023. وتلمّح بأحسن الظروف، للتحدي والهدف، بأن تصل الدراما التركية لمناطق تتحدث باللغة الإنكليزية، بعد أن تمكنت من مناطق اللغة العربية والإيرانية وحتى الهندية والصينية، وغزت بنجاح، دول أميركا اللاتينية.
وبدأت أدوار الدراما والسينما التركية، بتصويب النظرة الخاطئة التي كرستها، ربما دراما وسينما "الأعداء" ففي حين كان يصور إمام المسجد على أنه مخادع ومرتش، والفتاة المحجبة على أنها خادمة أو مشردة بالشوارع، أعادت الدراما لفئات المجتمع حقوقهم عبر تنوع الأدوار، وإن كان مأخذ "تسويق الأكراد" مازال يؤخذ على تلك الصناعة.
وبالمقابل، عززت الدراما من موقع "القوميّة" لدى الأتراك، قبل أن تنتقل بأهدافها للخارج، ففي حين سوقت بعض الكتب والشاشات التركية، التركيَّ بأنه جاء من الجبال بالصدفة وأنه وصل بلاد الأناضول بلباسه البدائي الذي يشبه لباس العصر الحجري، ردت الدراما على نحو غير مباشر ومدروس، من خلال تصوير حياة السلاطين وما تخللها من فتوحات وتطور، أيضاً لترد على ما كان يروّج عنهم من لهو وحب نساء وظلم.
فكان ربما "حريم السلطان" أبهى مقالٍ نقل حياة السلطان سليمان القانوني، في مزيج واختلاط، بين أنّ القانوني، أمضى حياته على ظهر فرسه فاتحاً، حيث وصل بفتوحاته لأقاصي بلغاريا والمجر ودول غرب أوروبا بعد فتح صربيا والبوسنة، وبين غرامياته عبر الإغراق بتصوير "حريمه وغرف نومه وعشقه للسلطانة هيام".
والمتابع لدور الدراما بتشكيل الوعي وتصويب بعض مغالطات التاريخ، يتذكر بأنه أنتج التلفزيون مسلسل "جيهان قلعة" ذا الحلقات الأربع الذي تناول دور مصطفى كمال أتاتورك وعلاقته بمعركة جيهان قلعة، ليتم إسقاط الهالة وربما القدسية التي تم تناقلها عن مؤسس الجمهورية. ليتبعه مسلسل "فيلينتا" الذي تناول مشاركة الدول الغربية وبريطانيا خاصة، باختراق الدولة العثمانية عبر الخيانات، وحرص الأتراك على الدولة، على عكس ما أشاعته كتب التاريخ والأعمال التلفزيونية والسينمائية.
ليأتي ربما العمل الأهم والأكثر مشاهدة وإنتاجاً بتاريخ الدراما التركية "قيامة أرطغرول" الذي تناول نشأة الدولة العثمانية، ليرسخ رسائل ومقولات عدة، ربما أن هذه الدولة جاءت امتداداً لدولة وحضارة، وأن من أسسوا هذه الدولة أسسوها على أصول أخلاقية وثقافية إسلامية.
وتتالت الأعمال التي تسوّق الطبيعة والصناعة وتركيا القوية التي تسعى، حتى إقليمياً، لإحقاق الحق، ليكون ربما "وادي الذئاب" في مقدمتها، لما حمله من أهداف ومقولات، تعدت المحلي لتصل حدود "الرؤية والهدف التركي" لما حولها من دول المنطقة.
دبلجة الدراما التركية يعود الفضل فيها إلى دور المترجم السوري الراحل، عبد القادر عبد اللي، الذي كان أول من نقل الدراما التركية إلى العربية انطلاقاً من مسلسل "نور" وأتبعه بعشرة أعمال أخرى، وكذا شركات الدوبلاج السورية، والتي كانت أول وأكثر من سوّق الدراما التركية بالمنطقة العربية، لتحتل مساحة واسعة في العرض التلفزيوني، وخاصة بمنطقة الخليج العربي.
بيد أن من المغالطات بهذا الصدد، أن البعض يعتقد أن التلفزات العربية أول، أو أكثر من يعرض الدراما التركية، إذ تقول الحقائق، أن المنطقة العربية، هي من أقل الأسواق، شراء وعرضاً للدراما التركية، وخاصة بعد أن أرخت السياسة بظلالها على الفن، ومقاطعة تلفزيون "ام بي سي" الذي احتكر لفترة، قبل أن يدخل تلفزيون أبوظبي، على خط الدراما التركية، ليصاب بعدوى سابقه، وتظهر إملاءات السياسة على أدائه وانتقائه وما يعرض.
وليس صحيحاً ما يقال عن اكتساح الدراما التركية للقنوات العربية، إذ الحقائق تقول، إن التلفزات العربية جاءت كآخر عارض ومشترٍ للدراما التركية، حيث بدأت عام 2006 عبر شركة "ساما" السورية، ومن ثم تمخضت عنها شركة "الفردوس" قبل أن يدخل كثيرون، كشركات على العمل في الدوبلاج، لذا لا يمكن نسب النجاح بانتشار الدراما التركية خارج المنطقة العربية، للدبلجة أو للعرض العربي، إلا أن اللهجة السورية، وخاصة بعد انتشار ونجاح الدراما السورية عام 2003، أعطت ربما نكهة، وكان لها دورٌ في انتشار الدراما التركية في العالم العربي.