تحوّل عالم السوشيال ميديا والإنفلونسرز، أخيراً، إلى فكرة لمسلسل يحمل عنوان "اعترافات فاشونيستا"، ويُعرض حاليًا على فضائية MBC4 السعودية. يجمع العمل الممثلة اللبنانية ستيفاني عطالله بدور "ملاك"، والسورية مرام علي بدور "سحر".
يعتمد المخرج مازن فياض، في هذا المسلسل، على العالم الافتراضي في حبكة الرواية لـ"ملاك" و"سحر"... صديقتان حققتا نسبة متابعة عالية على مواقع التواصل، ما دفع بشركات تسويق وإعلانات إلى توظيفهما واستثمار تأثيرهما في حملات دعائية وترويج لمستحضرات خاصة.
المشهد مألوف بين جيل المتابعين على المواقع نفسها، خصوصاً في ما أصبح يعرف بعالم "الفاشوينستا" اللواتي تحولن إلى "مرجعية" خاصة بمظهر وأناقة وجمال المرأة في العالم، وحققن إضافة إلى ملايين المتابعين شهرة واسعة قلبت مفاهيم اليوميات والحياة الخاصة لديهن.
المنافسة بين "الصديقتين"، سحر وملاك، تتحول من الحلقة الأولى إلى حرب غير معلنة بينهما. تحاول سحر النيل من صديقتها ملاك، من خلال نشر صور قديمة لها، تُظهر الأخيرة تعاني من السمنة، وذلك بواسطة حساب احتيالي. لكن سرعان ما تكتشف ملاك لعبة صديقتها؛ فتقرر مواجهتها وثنيها عن غيرتها، الأمر الذي يصعّد وتيرة الأحداث منذ الحلقة الأولى، كمحاولة لجذب المشاهد وإبقائه متابعاً. لكن ذلك لا يمنع من تسجيل تحفظات حول الإطار العام للقصة، القائمة دائماً على "التلميع"، الذي تحول إلى محاولات متواضعة لتجميل كل ما يتعلق بالعالم الافتراضي، والمؤثرات/ الإنفلونسرز، وإخفاء بعض العيوب، أو المآخذ التي تعترض طريقهن.
محاولة المسلسل، بدايةً من العنوان "اعترافات فاشونيستا"، تقودنا بالضرورة إلى العامل النفسي الذي يسهم في خروج هذه الشخصيات إلى الضوء، ثم استثمارهن من قبل شركات تجارية، ليبقى "الهاجس" الأبرز في أحداث المسلسل قائماً على "غيرة النساء"، وتفوق الواحدة على الأخرى بشتى الطرق، مهما كانت "وسائل" هذا الصراع سطحية، وهذا ما يؤسس لجيل آخر يتابع "الفشونيستات"، وربما يشاهد المسلسل أيضاً، وهو يدرك أن الغلبة كما على مواقع استثمار شهرة أو "تأثير" هؤلاء، لا يتعدى الإطار التجاري الربحي.
بالإمكان وصف المسلسل بالاستغلال السريع لظواهر أصبحت واقعاً يومياً في حياة الناس عموماً، لكن كل ذلك لا يعفي من إغفال الرأي الآخر "المعرفي" بهذه الظواهر، عن طريق العلم والثقافة المنزلية بداية، بعيداً عن تعزيز البعد الإنساني في الكادر وتوظيفه كوسيلة تجارية ليس إلاّ.
هكذا، باختصار، يمكن استغلال بعض "الظواهر" المجتمعية في العالم، من خلال مسلسل أو برنامج يرمي إلى زيادة نسب المشاهدة فقط، وذلك عبر عناوين وطروح دعائية، تفرض عليه المتابعة. تماماً كما هو حال "موضة" مسلسلات الجريمة الخاصة بالمنصات، والتي زاد إنتاجها بنسبة واضحة في الوقت الحالي، وهدفها الأوحد زرع الترفيه تحت عنوان التشويق الفضفاض، من دون مراعاة أن الواقع العربي يعاني من الحروب والهجرة، وحتى من تداعيات العالم الافتراضي في السنوات الأخيرة.