من بين محاولات "أفلام الرعب" في السينما المصرية، يُعدّ فيلم "خطّ دم" (2020) لرامي ياسين، المعروض حصرياً على منصّة "شاهد" (تمثيل: نيللي كريم وظافر العابدين)، أغرب التجارب على الإطلاق. ما يحدث عادة، في أفلامٍ عدّة، آخرها "الحارث" (2020) لمحمد نادر (إنتاج "شاهِد" أيضاً)، محاولة "تمصير" أجواء وعوالم رعب أجنبية، فتكون المشكلة تكرار وعدم مصداقية الأجواء، وشعور المتفرّج أنّه "شَاهَد هذا سابقاً". لكنّ الأفلام، في أقلّ الأحوال، مستقلّة بحدّ ذاتها، ويمكن فهم أحداثها وقواعد عالمها من داخلها.
هذا الأمر، البديهي جداً، يبدو ميزة الآن. فمع "خطّ دم"، هناك شيء غير مسبوق، فالفيلم يعتمد بشكل كامل على الخِبرة السابقة للمُتفرّج مع الأفلام الأجنبية ذات النوع نفسه، ولا يشرح عالمه اعتماداً على أنّ "المُشاهد يعرف حتماً، لأنّه شَاهَد أفلاماً كثيرة لمصّاصي الدماء". تبدأ أحداث "خطّ دم" بشكل غامض: طفل صغير واقعٌ في غيبوبة طويلة، إثر تعرّضه لحادث سيارة تسبّب به شقيقه التوأم. هناك جدل بين الأب والأم بخصوص قرار خطر سيتّخذانه، إعطاؤه حقنة دمٍ تُعيده إلى الحياة، لكنّها تُحوّله إلى مصّاص دماء.
حتى منتصف الأحداث تقريباً، تظهر مشاكل عدّة، أهمّها "المنطق": ما هي دوافع الأب والأم لاتّخاذ قرار كهذا؟ يُفسِّر الفيلم هذا الأمر بحوار قصير، مَفاده أنّ الحقنة ستكون "من أجل الأخ الآخر"، الذي لن يستطيع العَيش من دون أخيه. منطقٌ أحمق للغاية، أنْ تجعل طفلاً يتربّى مع مصّاص دماء، خوفاً عليه من الوحدة. بالإضافة إلى ذلك، هناك أسئلة عدّة تتراكم، من دون أن يُجيب الفيلم عليها، كيف تواجد مصّاصو الدماء في عالم الفيلم؟ ما هو المكان الذي يذهب إليه الأب لإحضار دمٍ كهذا؟ كيف عرف الأبوان عن هذا أصلاً؟ حين يحدث لاحقاً، يتبيّن أنْ الأب مصّاص دماء. فهل حدث هذا أثناء سفره إلى رومانيا، أو قبل ذلك بوقتٍ طويل؟ هل يعرف الأب والأم النسخة التي سيتحوّل إليها طفلهما؟ هل لديهما خطّة لمواجهة عواقب هذا الأمر وتأثيره؟
هذا كلّه يدور حول "المنطق" فقط، بعيداً عن سوء تنفيذ الفيلم تقنياً، والـJump Scares الكرتونية في لحظات كثيرة، والبرودة الشديدة التي تغلِّف أحداثه، المُصوّرة في رومانيا لا في مصر، من دون سبب واضح. طبعاً، هناك أداء الممثلين، السيئ والغريب جداً، وتحديداً ظافر العابدين والتوأم بيتر وجون رامي. في النصف الثاني من "خطّ دم"، تبرز مشكلة تجعل كلّ ما قبلها سهلاً. فالفيلم لا يجيب أبداً على أيّ سؤال مُعلّق، له علاقة بأحداثه ومبرّرات أبطاله، ولا يُخبر، ولو عابراً، عن قواعد عالمه. فجأة، يُعرف أنّ الطفل لن يكبر لأنّه مصّاص دماء، كأنّ المعلومة معروفة. حسناً؛ ولكنْ، كيف لم يفكر الأبوان في ذلك قبلاً؟ فجأة أيضاً، يُعرَف أنّ الشمسَ تحرق الجلدَ، وأنّه لا يُمكن الخروج نهاراً، وأنّ الآخرين سيتحوّلون إلى مصّاصي دماء إذا تمّ "عَضّهم" في رقابهم، إلخ.
يستعرض "خطّ دم" كليشيهات كهذه بحتمية أنّ "هذا ما يحدث"، كأنّ ما يحدث معلومات علمية معروفة سابقاً، لا قواعد وضعها صنّاع أفلام مصّاصي الدماء، وتتغيّر من فيلمٍ إلى آخر. وصنّاعه يُصرّون على اعتباره "أول فيلم مصّاص دماء مصري"، وهذا خطأ، لأنّ فيلماً كوميدياً مصرياً بعنوان "أنياب" (1981)، لمحمد شبل، سابق له في المجال نفسه.