تتجه الشركة المالكة لخدمة البثّ "كويبي" Quibi نحو الإغلاق بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، بعد نحو 6 أشهر من إطلاقها، رغم جذبها أبرز الأسماء في هوليوود و"وول ستريت" وتطلعها إلى إحداث تغيير في مجال محتويات الفيديو، مع برامج أصلية مدّتها عشر دقائق عالية النوعية تقدّم بواسطة تكنولوجيا مخصّصة بالكامل للهواتف الذكية والأجهزة المحمولة.
واجهت الخدمة مشاكل عدة منذ طرحها في الولايات المتحدة وكندا في إبريل/نيسان الماضي بعدما جمعت 1.7 مليار دولار أميركي من أهم الاستديوهات وشركات الاستثمار في "وول ستريت". إذ فشلت في جذب العدد المرجو من المشتركين، وتخوض معركة قانونية أمام شركة الفيديو التفاعلي "إكو" التي تتهمها بانتهاك براءة الاختراع خاصتها وسرقة الأسرار التجارية.
وفي رسالة مفتوحة إلى الموظفين والمستثمرين يوم الأربعاء، قال مؤسّس "كويبي" جيفري كاتزنبرغ والرئيسة التنفيذية ميغ ويتمان: "لم نفشل بسبب قلة المحاولة، فقد درسنا واستنفدنا من كلّ خيار أتيح لنا".
وأشار كاتزنبرغ وويتمان إلى وجود سبب أو اثنين لفشل الخدمة الطموحة: إما أن فكرة "كويبي" لم تكن متينة كفاية لتكون خدمة مستقلة في مجال البث التدفقي، أو أن إطلاقها وسط جائحة "كوفيد-19" كان توقيتاً سيئاً. وقالا: "للأسف، لن نعرف أيهما السبب على وجه التحديد، لكننا نراه مزيجاً من الاثنين".
من جهة ثانية، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الخميس، بأن كاتزنبرع وويتمان قررا إغلاق الشركة في محاولة لإعادة أكبر قدر ممكن من رأس المال إلى المستثمرين، عوضاً عن إطالة عمرها والمغامرة بخسارة المزيد، وذلك نقلاً عن أشخاص وصفتهم بالمطلعين على المسألة. وأوضح الأشخاص نفسهم أن الموظفين سيسرحون وسيحصلون على مكافأة نهاية الخدمة، بينما ستدرس "كويبي" بيع حقوق بعض محتواها إلى مؤسسات إعلامية وشركات تكنولوجية.
وكشف مصدر مطلع، لـ"وول ستريت جورنال"، قول كاتزنبرغ إن الشركة قررت إعادة 350 مليون دولار أميركي من رأس المال بدلاً من اتباع استراتيجية جديدة كان من الممكن أن تجذب مشتركين إضافيين ولكنها تتطلب استثماراً ضخماً، وذلك في مؤتمر عبر الهاتف مع المستثمرين يوم الأربعاء.
وتجدر الإشارة إلى أن "كويبي" أنفقت أموالاً ضخمة في تطوير محتواها، إذ أعدت برامج استعانت فيها بأبرز نجوم هوليوود مثل كريسي تيغان وآنا كندريك وكريستوف والتز وليام هيمسوورث وستيفين سبيلبيرغ وجينيفر لوبيز. واستفاد كاتزنبرغ في هذا المجال من علاقاته التي أنشأها في هوليوود، حين كان مديراً لاستديوهات "ديزني".
وبعيداً من أزمة فيروس كورونا الجديد، برزت أمام "كويبي" تحديات عدة؛ كان المستخدمون يملكون أصلاً خدمة مجانية للفيديوهات القصيرة، وهي "يوتيوب" المملوكة لشركة "ألفابِت". لكن "كويبي" راهنت على إمكانية فرضها رسوم اشتراكات مقابل محتوى عالي الجودة.
والخدمة التي تكلّف 4.99 دولارات أميركية شهرياً خاضت مجالاً تتصاعد فيه المنافسة بشدة أمام منصات "ديزني بلاس" و"آبل تي في بلاس" و"بيكوك" و"إتش بي أو ماكس" التي طُرحت كلها العام الماضي. ووصفت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية منصة "كويبي" بـ"أولى ضحايا حروب البثّ التدفقي"، علماً أنها لم لم تكسب سوى بضع مئات الآلاف من المشتركين في 6 أشهر.
وفي السياق نفسه، نبهت شبكة "سي أن أن" الأميركية من أن "كويبي" لن تكون الضحية الأخيرة في الحروب بين منصات البثّ التدفقي. كما أن شكوك عدة أثيرت حول نموذج الخدمة التي قدمتها "كويبي"، إذ فشلت في تقديم المحتوى الذي يرغب المستخدمون في الدفع مقابله. وشرح مارك سويني، من "ذا غارديان"، أن المحتوى القصير يكون عادة مجانياً، كالمتوفر عبر "تيك توك" و"فيسبوك". لكن المنصات التي تفرض رسوماً مالية، مثل القنوات التلفزيونية أو "نتفليكس"، تقدّم للزبائن أفلاماً ومسلسلات وبرامج طويلة نسبياً.
واعتبرت كايتي بايكر، من موقع "ذا رينغر" المتخصص في الشؤون التقنية، أن "كويبي" كانت "مناورة فاشلة منذ البداية"، مدللة إلى الأسباب نفسها التي ذكرها سويني وإن بأسلوب آخر. كما اختصرت "لوس أنجليس تايمز" بالقول إن الخدمة فشلت في محاولتها أن تكون ملاذاً للمبتكرين، مركزة على الخسارة الكبيرة في الأموال التي خصصت للإنتاج فضلاً عن الخسارات في الوظائف.
يذكر أن موقع "ذي إنفورمايشن" كشف أن كاتزنبرغ يسعى إلى بيع محتويات "كويبي"، وتواصل مع عدد من مسؤولي "آبل" و"فيسبوك" و"أن بي سي يونيفرسال" مثلاً، لكن محاولاته ذهبت سدى.