أعلن الصحافي التونسي زياد الهاني، الخميس، عبر "فيسبوك" عن انتهاء عمله مع إذاعة إي أف أم، وهو ما اعتبره الكثيرون جزءاً من حملة التضييق على الأصوات المعارضة لنظام الرئيس قيس سعيّد في الإعلام التونسي.
وقال الهاني عبر "فيسبوك": "سأظل أردد ما حييت بأن لا نهضة ولا تقدم لأي أمّة دون حرّية... وبأن حرّية الإعلام هي بوابة كل الحريات، وصوت كل من لا صوت له، وسلاح الكلمة المتصدية للمظالم والاستبداد والمنتصرة للحقيقة... سأظل أردد بكل جوارحي، يسقط الانقلاب وتحيا تونس عروس البلدان".
وكان الهاني قد استدعي إلى التحقيق ست مرّات خلال أقل من عام، بسبب آرائه التي يقدّمها في البرنامج الصباحي " Emission impossible"، الذي يبث على إذاعة إي أف أم، كما أنّه أوقف في السجن لمدة 12 يوماً، قبل أن يحكم عليه بالحبس لستة أشهر مع وقف التنفيذ.
وجاءت هذه القرارات كجزء من توجه لدى السلطات التونسية للتضييق على الإعلام التونسي، وتحديداً البرامج السياسية الحوارية التي تنتقد أداء الحكومة التونسية وقرارات الرئيس التونسي وسيطرته على الدولة. هذا المسار يؤكده نأي معظم القنوات التلفزيونية المحلية عن إنتاج برامج سياسية.
وكانت قناة حنبعل تي في قد أطلقت في سبتمبر/ أيلول الماضي برنامجاً سياسياً بعنوان "100 دقيقة"، يقدمه المذيع برهان بسيس، لكنّها عادت وأوقفته بعد 3 أشهر. برّرت إدارة القناة السبب بضعف نسب المشاهدة، فيما رأى بعض المتابعين للشأن السياسي والإعلامي أن وقف البرنامج يعود إلى قرار من المحطة بتجنب الدخول في نزاعات مع السلطات التونسية.
بدورها، اختارت قناة الحوار التونسي الابتعاد عن إنتاج برامج سياسية، على الرغم من أنّها حقّقت نجاحاً كبيراً في السابق. وهو ما يراه كثيرون جزءاً من سياسة النأي بالنفس التي تتبعها القناة، خاصة أن مالكها سامي الفهري سبق أن تعرض إلى المحاكمة والسجن أكثر من مرة بسبب اتهامه بالفساد، وأن الخشية من فتح هذه الملفات مجدداً دفع بإدارة القناة إلى الاكتفاء ببث برامج ترفيهية وأعمال درامية.
كذلك اختارت إدارة قناة "نسمة الجديدة" عدم بث برامج سياسية رغم النجاح الكبير الذي عرفته برامجها السابقة أثناء إدارتها من قبل الأخوين نبيل وغازي القروي. لكن، ومنذ إصدار الرئيس قيس سعيّد قراراته الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021، فرّ الشقيقان خوفاً من الملاحقة القضائية، فيما غيرت القناة اسمها وبرمجتها، مكتفيةً ببث المسلسلات التركية وبرامج اجتماعية واقتصادية.
أمّا الاستثناءان الوحيدان فهما القناة التاسعة الخاصة التي تواصل بث برنامجها السياسي الإخباري اليومي "روندفو 9"، والذي يشارك فيه رياض جراد، المدافع عن خيارات الرئيس التونسي قيس سعيد، إضافة إلى التلفزيون التونسي الذي يبث برنامجاً يومياً بعنوان "حدث وتحليل"، وينظر إليه الكثيرون كشكل من أشكال الدعاية اليومية للنظام.
تشهد البرامج السياسية تراجعاً كبيراً رغم النجاح الذي عرفته في السنوات العشر الأولى التي تلت الثورة، وهو ما يُعتبر ترجمة عملية لرغبة السلطات بالقضاء على كل أشكال النقاش السياسي في الإعلام التونسي.