استمع إلى الملخص
- **محتوى الفيلم وتركيزه**: الفيلم يركز على انهيارات إيمي وإدمانها وعلاقتها بجدتها سينثيا، متجاهلاً طفولتها والبيئة الثقافية التي ساهمت في تميزها في غناء الجاز.
- **أفلام وثائقية سابقة عن إيمي**: أفلام وثائقية سابقة مثل "Amy" و"Reclaiming Amy" قدمت إيمي كضحية، وفشلت في تقديمها كفنانة موهوبة، مما أثار انتقادات واسعة.
في يناير/كانون الثاني عام 2023، أُعلنَ عن فيلم جديد عن حياة المغنيّة البريطانيّة إيمي واينهاوس (1983 - 2011) تحت عنوان Back to Black، وهو أيضاً عنوان إحدى أشهر أغنياتها. صدر الفيلم أخيراً بإمضاء المخرجة البريطانيّة سام تايلور جونسون (Sam Taylor-Johnson)، صاحبة فيلم Fifty Shades of Grey (صدر عام 2015)، وكانت قد قدمت فيلماً جيداً عن طفولة جون لينون في عام 2009.
موجة عريضة من الاحتجاجات انطلقت مع انطلاق الحملة الترويجيّة للفيلم، كان ملمحها العام جملة من إحدى أغاني إيمي واينهاوس تقول: "لا، لا، لا"، وهي عبارة أتت إجابةً لدى واينهاوس عن طلب أن تخضع لعلاج إدمان الكحول والمخدرات في المصحّة. دعت الحملة إلى مقاطعة الفيلم الذي تؤدي دور البطولة فيه الممثلة ماريسا أبيلا. الملاحظات حول العرض الترويجي للفيلم لم تكن ظالمة، وكانت تخوفات معجبي واينهاوس صائبة، إذ قدم Back to Black الفتاة الموهوبة بصورة تتناسب مع ماكينة الترفيه العالمية، وحولها إلى مجرد كاريكاتير لمرأة مترنحة ومضطربة شعرها أشعث وكحلتها تلطّخ عينيها بسبب دموعها.
يُلخص Back to Black المحطات الرئيسية في حياة إيمي واينهاوس التي رحلت عن عالمنا بسبب تسممٍ كحوليّ في منزلها شمال لندن عن 27 عاماً. وكانت قد حصلت على ست جوائز غرامي خلال مسيرتها الفنيّة القصيرة، ودخلت على إثرها موسوعة غينيس. لم يقترب العمل من طفولتها، ولم يعالج تفرُّدها وأسبابه، أو البيئة الاجتماعية والثقافية التي ساهمت في قدرتها على غناء الجاز. كان التركيز مصبوباً على انهياراتها وانتصاراتها وإدمانها وتقلباتها المزاجية الحادّة.
لواينهاوس جذور عميقة في موسيقى الجاز: جدتها ووالدها وأقارب كثيرون كانوا يعتاشون من غناء وعزف الجاز في حانات الطبقة المتوسطة وما دون. ولعلاقتها مع جدتها، سينثيا، نصيب الأسدِ في العمل، ما ساعد في تخفيف النقد السلبي على العمل.
في عام 2002، وقعت إيمي واينهاوس عقداً مع شركة 19 Management وصدر ألبومها الأول عام 2003، ممتلئاً بكلماتها التي تبوح بذاتها الأنثوية الواثقة من فنِّها وقدرتها على الأداء، فكانت البداية تحفة مأساوية من ناحية الموضوع، ولا تجديد من ناحية الموسيقى والتوزيع سوى التطور التقنيّ المتاح للجميع. في عام 2006، صدر ألبوم Back to Black وفيه تحوَّل تركيز إيمي إلى ثيمة فرق الفتيات في الخمسينيات والستينيات، مع كثير من أجواء فرانك سيناترا، والموضوع لا يتعدى تأريخاً لفصول حياتها الشخصية ودفاعية مفرطة بعد أن انفصلت عن زوجها الذي دفعها إلى المخدرات.
كانت إيمي واينهاوس موضوعاً غنياً لتغذية آلة صناعة المشاهير والصحافة الصفراء؛ أفلامٌ كثيرة اُنِتجت، كان أشهرها فيلم المخرج آصف كباديا الذي صدر عام 2015 تحت عنوان Amy وحصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي. كاباديا هادئ تجاه المغنية في عمله، ولم يكن تقليدياً، فلا راوي ولا مقابلات شخصية، وبالغ في تقديم إيمي ضحيةً لشركات الإنتاج، وآثار ضغط الصحافة والمعجبين، فكانت تترنح على حافة الجنون دوماً. أتى الرد عليه عام 2021 في فيلم وثائقي أنجزته أسرة وأصدقاء واينهاوس تحت عنوان Reclaiming Amy لإزالة تُهَم الأنانية والاستغلال عنهم.
جميع الأفلام التي قدّمت المغنية البريطانية للمشاهدين كانت تفتقد إلى تفصيل وحيد، هو إيمي واينهاوس نفسها.
كل المواد الأرشيفية التي كانت تُظهر إيمي على حقيقتها بوصفها صاحبة القرار الأول والأخير في تقرير مصيرها تدخُل آلة التقطيع والمونتاج لتتحول من مواد أصلية إلى مواد مثيرة للشفقة. لم يقدم أي عرض لألبوم واينهاوس الأخير كتلميحٍ إلى مغنية كانت ستشكّل محوراً رئيسياً يربط بين عالم الجاز وثقافة البوب الحديثة بانتقالاتها الصوتية الفريدة، التي تشبه انتقالات نجمات السول في الستينيات.