اتفاقية تعاون بين "كاسبيرسكي" الروسية والشرطة الأفريقية

19 نوفمبر 2024
مقر شركة كاسبيرسكي لاب في موسكو، 25 أكتوبر 2017 (كيريل كودريافتسيف/Getty)
+ الخط -

وقّعت شركة الأمن السيبراني الروسية كاسبيرسكي اتفاقية تعاون مع المنظمة الأفريقية للشرطة الجنائية (أفريبول)، وهي المعادل الأفريقي لـ"إنتربول" الدولية للشرطة الجنائية. وتأتي الاتفاقية الرسمية التي وُقعت أمس الاثنين في الجزائر العاصمة، مقر "أفريبول"، لتعزيز جهود مكافحة الجرائم الإلكترونية واستخبارات التهديدات حول أحدث أنشطة المجرمين الإلكترونيين، في وقت يتوسّع فيه النفوذ الروسي في القارة الأفريقية.

وتنص الاتفاقية على تبادل البيانات حول التهديدات السيبرانية واتجاهات الجرائم الإلكترونية، حيث تسلّم "كاسبيرسكي" هذه البيانات إلى "أفريبول" من أجل التحليل الجنائي. ويشمل جانب آخر من التعاون تقديم خبراء الشركة الروسية المساعدة والمعرفة الفنية في التحليل الأمني الإلكتروني.

ونقل بيان "كاسبيرسكي" عن مؤسِّسها ورئيسها التنفيذي، يوجين كاسبيرسكي، أنه "لا يمكن تصوّر مكافحة الجرائم الإلكترونية بشكل فعّال من دون تعاون"، و"من خلال تعزيز تعاوننا مع أفريبول وتزويد الوكالة بالمعلومات والتكنولوجيا اللازمة للاستجابة للتهديدات السيبرانية الناشئة، نأمل في تعزيز مساهمتنا في تعزيز المرونة السيبرانية، وتوفير فضاء سيبراني أكثر أماناً للجميع".

ونقلت الإذاعة الجزائرية عن المدير التنفيذي بالنيابة لـ"أفريبول"، جلال شلبا، أن هذه الاتفاقية خطوة كبيرة من أجل تعزيز الدفاع الرقمي في القارة الأفريقية وحماية الفضاء الرقمي للمواطنين الأفارقة، ومواجهة التهديدات السيبرانية، وتعزيز عمل "أفريبول" في مكافحة الجرائم الإلكترونية. وبالتوقيع على هذه الاتفاقية فإن "أفريبول تخطو خطوة مهمة مع شركة كاسبرسكي لتعزيز المرونة وبناء ثقة رقمية بأفريقيا".

ونقل عنه بيان "كاسبيركي" أن "هذا التعاون يجلب قيمة مضافة كبيرة لكلا المنظمتين: فهو يعزز الإطار التشغيلي لأفريبول في مكافحة الجرائم السيبرانية، بينما يسمح لكاسبيرسكي بلعب دور رئيسي في الأمن الرقمي لقارة ذات أهمية استراتيجية من حيث الأمن السيبراني. معاً، نتخذ خطوة مهمة نحو المرونة والثقة الرقمية في أفريقيا، من خلال حشد أفضل ما لدى الشريكين".

"كاسبيرسكي" بين الجدل الأمني والنفوذ الروسي

تأتي هذه الاتفاقية وسط مخاوف حكومية في دول غربية حول تعاون محتمل بين الشركة الأمنية الروسية والكرملين، الذي يعزّر نفوذه تدريجياً في القارة الأفريقية. في يونيو/حزيران الماضي حظرت واشنطن منتجات الشركة في البلاد، وبرّرت هذا القرار بأن الشركة تشكل خطراً على الأمن القومي، لأنها "تخضع لولاية وسيطرة الحكومة الروسية، وأن برنامجها يوفر للكرملين الوصول إلى معلومات حساسة عن العملاء الأميركيين، بالإضافة إلى السماح بتثبيت برامج ضارة أو حجب التحديثات المهمة"، و"قد تتسبب في مخاطر كبيرة تتعلق بسرقة البيانات والتجسس وخلل في النظام. كما قد تعرّض الأمن الاقتصادي والصحة العامة في البلاد للخطر، مما يؤدي إلى إصابات أو خسائر في الأرواح". وسنّت ألمانيا وكندا قيوداً مماثلة. 

هذه التوتر بين الشركة الروسية والغرب يأتي بالتزامن مع تصاعد في التنافس الأميركي والروسي على تعزيز النفوذ في القارة السمراء، وتوسيع مصالحهما في هذه المنطقة الاستراتيجية، الغنية بالموارد الطبيعية، والسوق الضخمة المُحتملة للمنتجات والخدمات. وتتنوّع أدوات هذا التنافس بين الدعم العسكري، والمساعدات المالية، والدبلوماسية، والقوة الناعمة.

وقد نجحت روسيا فعلاً في بسط نفوذها في دول عدة وسط وغربي أفريقيا، وأصبحت شريكاً استراتيجياً رئيسياً لدول أفريقية كانت إلى وقت قريب ضمن المعسكر الفرنسي، لكن الانقلابات وما رافقها من تغييرات في أنظمة الحكم جعلا موسكو لاعباً قوياً في عدد من الدول الأفريقية. وتنشط مجموعات مرتزقة روسية مثل مجموعة فاغنر، أو مجموعة "أفريكا كوربس" التي خلفتها، في أفريقيا دعماً للحكومات المحلية، فيما يعمل "مستشارون" بحسب موسكو لمساعدة مسؤولين محليين. وفي 2023 زوّدت روسيا أفريقيا بأسلحة بقيمة تزيد عن خمسة مليارات دولار.

المساهمون