قال باحثون إنّ طريقة التعلم التي يتلقاها الأطفال الصغار عن طريق والديهم، هي السبب في قدرتهم على تعلم اللغات بوتيرة أسرع بكثير من المراهقين والبالغين.
في دراسة جديدة، نشرت يوم الجمعة 2 يوليو/ تموز الجاري، في دورية Psychological Science، طور فريق من الباحثين، في جامعة "كارنيغي ميلون" طريقة للتقييم التجريبي لكيفية استخدام الوالدين لما يعرفونه عن لغة أطفالهم عندما يتحدثون معهم.
ووجد الفريق البحثي أنّ الوالدين لديهما نماذج دقيقة للغاية لمعرفة أطفالهما اللغوية، ويستخدمان هذه النماذج لضبط اللغة التي يستخدمانها عند التحدث إليهم، مثل تبسيط الكلام، وإعادة تكرار الكلمات، وتمديد أصوات الحروف المتحركة.
وقال المؤلف الرئيسي في الدراسة، دانيال يوروفسكي، الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة "كارنيغي ميلون" إنّ حقيقة كون الآباء يتحدثون إلى أطفالهم بشكل مختلف عن غيرهم من البالغين بطرق كثيرة، على سبيل المثال؛ تبسيط كلامهم، وإعادة تكرار الكلمات، وتمديد أصوات الحروف المتحركة، كلّ هذه الأمور البسيطة تساعد الأطفال الصغار على اكتساب مهارات جديدة في اللغة. وأضاف يوروفسكي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ البالغين يميلون إلى التحدث إلى الأطفال بشكل أبطأ ونبرة أعلى. كما يستخدمون أيضاً المزيد من النطق المبالغ فيه، والتكرار، وبنية اللغة المبسطة. يتفوق البالغون، أيضاً، في تواصلهم بالأسئلة لقياس مدى فهم الطفل.
ومع زيادة طلاقة لغة الطفل، تزداد بنية الجملة وتعقيدها الذي يستخدمه البالغون.
يشبّه المؤلف الرئيسي في الدراسة هذا الأسلوب بالتقدم الذي يحققه التلميذ عند تعلم الرياضيات في المدرسة، حين تبدأ العملية التعليمية بالجبر ثم الهندسة قبل الانتقال إلى حساب التفاضل والتكامل. ويرى معدو الدراسة أنّ الوالدين يتحدثان إلى الأطفال باستخدام النوع نفسه من البنية، من دون التفكير في الأمر أو ترتيب مسبق.
طور يوروفسكي وزملاؤه لعبة، يساعد من خلالها الوالدان أطفالهما في اختيار حيوان معين من مجموعة من ثلاثة حيوانات، وهي لعبة يلعبها الآباء مع الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و23 شهراً، بشكل روتيني في حياتهم اليومية.
نصف الحيوانات في لعبة المطابقة، كانت حيوانات يتعلمها الأطفال عادة قبل سن الثانية، مثل القطط والبقر والكلاب، وباقي الحيوانات الأليفة والمنزلية. والنصف الآخر من الحيوانات التي يتم تعلمها عادة في وقت لاحق، مثل المفترسات كالأسود والنمور وأنواع أخرى، مثل الطاووس والنسر والصقر.
طلب الباحثون من 41 زوجاً من الأطفال والبالغين ممارسة اللعبة في بيئة طبيعية في المختبر. ثم قاموا بقياس الاختلافات في كيفية تحدث الآباء عن الحيوانات التي اعتقدوا أنّ أطفالهم يعرفونها مقارنة بتلك التي اعتقدوا أنّ أطفالهم لا يعرفونها.
اكتشف الباحثون قدرة مذهلة لدى الأهل في معرفة وفهم لغة الأطفال، وهو ما يمكّنهم من اختيار وسائل بسيطة وتلقائية لتنمية لغة أطفالهم وضبط المعلومات اللغوية التي يقدمونها لهم. كان الأسلوب الأكثر شيوعاً هو استخدام صفات إضافية مألوفة لدى الطفل.
تكونت الدراسة من 36 تجربة، إذ ظهر كلّ حيوان كهدف مرتين، على الأقل، في اللعبة. ومثل المشاركون تركيبة عرقية مماثلة لنسبهم الحقيقية في الولايات المتحدة، إذ كانت تركيبتهم: 56 في المائة من المواطنين البيض، و27 في المائة من ذوي الأصول الأفريقية، و8 في المائة من أصل إسباني.
يعتقد الباحثون أنّ نتائج هذه الدراسة يمكن أن تساعد في فهم كيفية التفكير في إعداد أنظمة التعلم الآلي للغات.