الشاشات والأطفال: كيف تؤثر الأجهزة الإلكترونية على النمو؟

06 نوفمبر 2024
الأجهزة الإلكترونية خطر على الأطفال قبل السنتين (Getty)
+ الخط -

في ظل الضغوط اليومية المتزايدة، يجد الأهل أنفسهم مضطرين للاعتماد على الشاشات الإلكترونية لتلبية احتياجات أطفالهم من التسلية وحتى المساعدة على الأكل والنوم. ورغم التحذيرات المتكررة من تأثيراتها السلبية على الأطفال، وخاصة أولئك الذين لم يتجاوزوا سن السنتين، إلا أن الواقع العملي يفرض على الأهل تحديات تعيقهم عن الحد من استخدامها. وتؤكد العاملة الاجتماعية والمستشارة في علم النفس الاجتماعي، شفيقة عبدو، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن هذه الأجهزة الإلكترونية رغم خطورتها، يمكن ضبط استخدامها بشكل آمن من خلال أساليب عملية يطبقها الأهل ضمن روتينهم اليومي.

خطر الأجهزة الإلكترونية قبل السنتين

تشير عبدو إلى دراسات متعددة تؤكد أن الأطفال دون سن السنتين لا ينبغي أن يتعرضوا للشاشات بأي شكل من الأشكال. فالطفل في هذا العمر يحتاج للتفاعل مع محيطه المباشر لتطوير مهاراته اللغوية والحسية والاجتماعية. وتوضح أن الاعتماد على الشاشات في هذه المرحلة قد يعيق التطور الطبيعي للدماغ، ويؤدي إلى اضطرابات في التعلم والتواصل. حتى التعرض غير المباشر للشاشات، مثل بقاء التلفاز مشغلاً في الخلفية، يؤثر سلباً على نمو الطفل، إذ يُشتت انتباهه ويمنعه من التركيز على المنبهات الحسية المهمة لتطوره. وتشدد عبدو على ضرورة تخصيص وقت للتفاعل اليومي مع الأطفال، إذ يعتبر اللعب البدني والتواصل الحي الوسيلة الأفضل لتعزيز نموهم، مشيرة إلى أهمية تخصيص ثلاث ساعات يومياً على الأقل لنشاطات حركية وتفاعلية.

تأثير الاستخدام المفرط للشاشات

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية لدى الأطفال يسبب تراجعاً في النشاط البدني وقد يؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية، مثل اضطرابات النوم والقلق. تضيف عبدو، بناءً على خبراتها الميدانية، أن الأطفال الذين يمضون ساعات طويلة أمام الشاشات يفقدون رغبتهم في اللعب والحركة، ويصبحون أكثر ميلاً للعزلة الاجتماعية، مما يؤثر سلباً على علاقاتهم وقدرتهم على التواصل مع الآخرين. ومع ذلك، توضح أن استخدام الشاشات بشكل منظم بعد سن السنتين قد يكون له بعض الفوائد التعليمية، مثل تنمية الخيال وتعلم مهارات جديدة، شريطة التحكم في وقت استخدامها.

علامات سوء استخدام الشاشات

تنبه عبدو إلى علامات عدة قد تشير إلى الاستخدام المفرط وغير الصحي للشاشات، مثل التغير المفاجئ في سلوك الطفل، وتجنب الأنشطة الاجتماعية، وزيادة القلق عند الذهاب إلى المدرسة، وتدهور العلاقات مع الأصدقاء أو العائلة، وتراجع المهارات الحركية. ترى عبدو أن الشاشات أصبحت وسيلة سهلة للأهل لإشغال أطفالهم، لكنها تشدد على ضرورة تنظيم استخدامها للأطفال بين سن الثلاث والست سنوات بحيث لا تتجاوز ساعة يومياً. وتوضح أن الأهل يجب أن يكونوا حازمين في وضع حدود زمنية للاستخدام، لأن الاستسلام لمطالب الأطفال سيجعل من الصعب فرض هذه الحدود لاحقاً. وتقترح اعتماد قواعد ثابتة وواضحة بشأن وقت استخدام الشاشات، وأن تُوضَّح للأطفال بشكل بسيط ومفهوم، ليعتادوا على احترامها.

استبدال الشاشات بأنشطة بديلة

تقدم عبدو بعض الحيل العملية التي يمكن أن تساعد الأهل في تقليل اعتماد أطفالهم على الشاشات، منها إشراك الأطفال في تحضير الطعام بدلاً من السماح لهم باستخدام الأجهزة، واستخدام الموسيقى الهادئة لتهدئة الطفل بدلاً من الشاشات، وتعزيز القراءة قبل النوم بديلاً آمناً يساعد الأطفال على الاسترخاء، واستغلال الوقت في السيارة للغناء واللعب التفاعلي بدلاً من مشاهدة الفيديوهات. كما تؤكد على أهمية تواصل الأهل مع أطفالهم باستمرار، وشرح مخاطر الاستخدام غير المنظم للأجهزة الإلكترونية بما يتناسب مع أعمارهم. وتشدّد على ضرورة أن يشعر الأطفال بالراحة في التحدث مع أهلهم إذا واجهوا أي مشكلة أثناء استخدام الإنترنت، لضمان بيئة آمنة وثقة متبادلة. وتنصح عبدو الأهل بعدم السماح للأطفال باستخدام الشاشات أثناء تناول الطعام أو قبل النوم بساعة على الأقل، إذ قد يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية مثل السمنة واضطرابات النوم. كما تشدد على أهمية إبقاء الأجهزة الإلكترونية خارج غرف الأطفال، لضمان نومهم بشكل سليم ومنع تعرضهم لمشاكل صحية على المدى الطويل.

المساهمون