تتدهور العلاقة بين الإعلام الفرنسي والشرطة منذ سنوات، بحسب ما أظهر تقرير جديد. فقد تسلم رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، أوائل مايو/أيار الحالي، تقريراً خلص إلى "تدهور شديد" في العلاقات بين الصحافيين والشرطة متواصل منذ نحو عشر سنوات، كانت الحكومة قد كلفت به لجنة مستقلة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في أعقاب الجلبة التي أحدثتها المادة 24 من قانون الأمن الشامل، والتي استنفرت وسائل الإعلام فأصدرت بيانات حينها تدعو الحكومة إلى سحبها، نظراً لأنها تعرقل عمل الصحافة وحرية نشر المعلومات بما يخص انتهاكات الشرطة.
ويطرح التقرير 32 اقتراحاً من أجل معالجة هذا الوضع. وأوضح أنه "عندما يتعارض طرفان أساسيان جداً في الحياة الديمقراطية للأمة، أو يخاف أحدهما من الآخر، يجب أن نتحرك"، وأضاف أن هذا التدهور في العلاقات يُلاحظ على وجه الخصوص "أثناء التظاهرات، التي تشهد توترات قوية". من بين أبرز المقترحات، يوصي التقرير أولاً بـ"ضمان السلامة الجسدية للصحافيين في التظاهرات تحت جميع الظروف، والسماح لهم بالوقوف وراء خطوط عناصر إنفاذ القانون". كما أوصى "بتذكير عناصر الشرطة بوضوح بأنهم لا يستطيعون من حيث المبدأ معارضة التقاط صور أو أصوات للعمليات التي يقومون بها في الأماكن العامة، ولا يطلبون من باب أولى إزالة مثل هذه التسجيلات".
وفي ما يتعلق بالمادة 24 المثيرة للجدل من قانون "الأمن الشامل"، والتي تنص على الحد من إمكانية بث صور تدخل الشرطة خلال عملياتها في الأماكن العامة، يوصي التقرير "بإحالة تعليمات واضحة إلى الشرطة، مع التذكير بأن هذه الأحكام ليس لها أي تأثير على إمكانية تسجيل صورتهم".
وأعدت هذا التقرير لجنة مستقلة برئاسة المراقب العام السابق للسجون جان ماري ديلارو. وتم تقديمه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لإعادة كتابة المادة 24 من مشروع قانون "الأمن الشامل"، قبل أن تعيد الحكومة توجيه عملها وتطلب تقريراً موسعاً من اللجنة لإعادة كتابة هذا التقرير. وتضمن التقرير مقابلات وشهادات لعدد كبير من الصحافيين ومسؤولين من إنفاذ القانون في مختلف الأجهزة الأمنية الفرنسية. وأعلنت الحكومة أنها "أصدرت تعليمات لوزير الداخلية ووزير الثقافة بضرورة المشاركة في العمل الذي سيؤدي إلى تنفيذ كل هذه التوصيات".
وكانت معظم وسائل الإعلام الفرنسية قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في بيان مشترك، سحب كل صحافييها الميدانيين قالت فيه إنها تخشى عليهم من اعتداء قوات إنفاذ القانون بعد تبني البرلمان المادة المثيرة للجدل من قانون "الأمن الشامل".
وفي إبريل/ نيسان الماضي، صادق البرلمان الفرنسي رسمياً على القانون الذي اقترحه حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، بتأييد من قبل 75 نائبا فيما عارضه 33 أخرون، معظمهم من ممثلي اليسار، برغم كل التحفظات والتظاهرات التي خرجت ضده. وكانت المادة 24 قد خضعت إلى تعديلات كثيرة، كان آخرها في مجلس الشيوخ الفرنسي ذي الغالبية اليمينية، حيث أعاد صياغة المادة وأخرجها من قانون الصحافة في محاولة لتهدئة مخاوف وسائل الإعلام والصحافيين، لكن نواب اليسار اعتبروا أن النص الجديد لا يزال يمنع "المواطنين من ممارسة الانتقاد".