انتقدت المعارضة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، اليوم الثلاثاء، بشدة مشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، واصفةً إياه بأنه "غير دستوري" وبـ"البعيد عن الممارسة الديمقراطية التي كرسها دستور 2011".
جاء ذلك خلال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، التي انطلقت اليوم الثلاثاء، بلجنة التعليم والثقافة بمجلس النواب، بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد.
واعتبر الفريق الحركي على لسان رئيسه إدريس السنتيسي أن الحكومة بصدد البحث عن "تخريجة" لتجاوز الفراغ الذي يعيشه المجلس الوطني للصحافة عبر مشروع قانون "غير دستوري"، مما يتطلب الوقوف عنده بشكل معمق، لافتاً إلى أن البرلمان ينتظر من الوزير الوصي على قطاع التواصل إقناعه باللجوء إلى هذا الاختيار لاسيما أن الدستور صريح في هذا الباب.
وقال السنتيسي إن الحكومة لم تستطع إيقاف المتاعب التي يعيشها قطاع الصحافة بالمغرب، لاسيما في ظل وجود خلافات عميقة بين الجهاز السابق للإشراف على التنظيم الذاتي للمهنة وفيدرالية الناشرين، مطالباً في المقابل وزارة الشباب والثقافة والتواصل بتنظيم مناظرة للتوصل إلى حلول نهائية للصعوبات وحالة الفراغ التي يعرفها المجلس الوطني للصحافة بدل اللجوء إلى حلول مؤقتة.
ويعيش المجلس منذ الرابع من إبريل/نيسان الماضي، تاريخ انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر التي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، حالة فراغ تنذر بفشل تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة في المغرب.
وفي محاولة لتجاوز هذا الوضع أقر المجلس الحكومي، المنعقد في 13 إبريل/نيسان الماضي، مشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
غير أن خطوة الحكومة كشفت عن حجم الخلاف، بعدما دعت "الفيدرالية المغربية لناشري الصحف" و"الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال" التابعة للاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي) رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى تجميد المشروع، في حين أعلنت "الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين" و"النقابة الوطنية للصحافة المغربية" عن تأييدهما لإحداث اللجنة المؤقتة.
وكانت الحكومة المغربية قد أقرت في مرحلة أولى تمديد مدة انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر، وذلك بهدف ضمان السير العادي في أداء المجلس للمهام المنوطة به بموجب مدونة الصحافة والنشر والنصوص المتخذة لتطبيقها، لا سيما ما يتعلق بمنح بطاقة الصحافة المهنية، بالإضافة إلى باقي المهام ذات الصلة بصيانة المبادئ، بما فيها التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والأنظمة المتعلقة بمزاولتها.
وفي وقت برّرت فيه الحكومة قرار التمديد بالحرص على عدم بقاء المجلس في وضعية فراغ قانوني، إلا أن هذه الخطوة كشفت عن عدم تنصيص القانون المحدث للمجلس على مقتضيات احترازية تُفَعّل في حال عدم إجراء انتخاب أعضائه في أوانه.
كما أظهر التمديد حدة الخلافات بين مكونات المجلس ممثلة في التنظيمات المهنية للصحافيين وتنظيمات الناشرين، وهي الخلافات التي تسببت في عدم تنظيم الانتخابات.
من جهته، وصف عضو الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، حسن أومربيط، المشروع بأنه "التفاف حكومي غير مقبول على ما ينبغي أن يكون عليه المجلس الوطني للصحافة"، معتبراً أن الحكومة "تريد صحافة على المقاس لصناعة جوقة للتطبيل والتهليل والرداءة التي لن تخدم التطور الديمقراطي والسياسي والحقوقي لبلادنا في شيء، في مواجهة صحافة حرة ومستقلة ومسؤولة وجادة".
وقال إن مشروع قانون اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر "هو مبادرة خارج الزمن الدستوري، وفيها إساءة لتاريخ الصحافة المغربية، وفيها مسخ لهوية المجلس الوطني للصحافة كتنظيم مهني يقوم على قاعدة الانتخابات وحرية الاختيار".
وتابع: "يبدو أن الحكومة تريد أن تمنح اللجنة عمراً مديداً وصلاحيات تقريرية، وإمكانيةً لتغيير الخريطة وصنعِ واقع جديد تكون فيه الغلبة للأقلية المرفوضة التي عجزت عن تدبير شؤون المجلس وفشلت في تنظيم انتخاباته".
بدوره، اعتبر رئيس المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، عبد الله بوانو، أن مشروع قانون إحداث اللجنة المؤقتة "غير دستوري ولا يمكن أن ندخل في نقاش غير دستوري وغير منطقي"، لافتاً إلى أن هذا المشروع هو نسخة طبق الأصل لمقترح القانون الذي تم سحبه وهو المقترح الذي صيغ خارج أسوار البرلمان وبعيداً عن حرفة المؤسسة التشريعية.
وأكد بوانو أنه كان من المفروض على المجلس الوطني للصحافة، بغض النظر عن تنظيمه للانتخابات أم لا، أن يقدم حصيلته سواء كانت إيجابية أو سلبية بعد نهاية ولايته، وليس الالتفاف على القانون وعلى المهنة برمتها.
ويعتبر المجلس الوطني للصحافة الذي تشكل في 2018، هيئة يعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها والسهر بوجه خاص على ضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني.
ويتألف المجلس من 21 عضواً موزعين على النحو التالي: 7 أعضاء ينتخبهم الصحافيون المهنيون من بينهم مع مراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، و7 ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم، و7 أعضاء هم: ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وممثل عن جمعية هيئات المحامين في المغرب، وممثل عن اتحاد كتاب المغرب، وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.