بين مدرستي الروابي والمشاغبين

أنس أزرق

50FDB18D-D036-40E9-966A-28896A712969
أنس أزرق
09 سبتمبر 2021
مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" يثير الجدل في الأردن
+ الخط -

اتصلت بزميلة عزيزة من العاملات في المجال التربوي، فسألتني: "هل شاهدت مسلسل (مدرسة الروابي للبنات)"؟ أجبت بالنفي، مستفهماً حول الاهتمام الخاص من منصة البث "نتفليكس" بالأردن، فهذا مسلسلها الثاني في البلاد، بعد "جنّ" الذي لم يعجبني. لكنها قالت "هذا المسلسل مختلف. إنه يثير مشاكل حقيقية في عالم التربية والتعليم، وتحديداً التنمر والتحرش"، ونصحتني بمشاهدته.

لم أكن متحمساً لمشاهدة ست ساعات تلفزيونية عن موضوع لا يأخذ اهتماماً كبيراً مني، وإن سبق وصادفني، عندما تعرّض نجلي الصغير للتنمر في بداية عامه الدراسي، وعالجت زوجتي الموضوع بالاتصال بذوي المتنمرة، وانتهى بذلك، أو هكذا ظننت.

لا بد من الاعتراف بأن مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" (إخراج تيما الشوملي) جذاب، ويستطيع الإمساك بك موضوعاً وصورة فنية وتمثيلاً، وحقق نجاحاً كبيراً في العالم العربي، لدرجة تصدّره قائمة البحث على محرك "غوغل" في عدد من دوله. استطاعت المخرجة الأردنية تيما الشوملي ترك بصمة مهمة، باختيار ممثلات شابات، بعضهن يقفن للمرة الأولى أمام الكاميرا، وأسندت لهن أدوار البطولة. كما أحسنت اختيار النجمات الأكبر سناً ذوات الخبرة المشهودة.

نجح المسلسل في استقطاب عدد كبير من المتابعين والمتابعات، وأتوقع أن يقلد بعض الطلاب والطالبات من المدارس الثانوية والإعدادية أحداث المسلسل، بتأليف عصابات وشلل تحاكي شلتي "ليان" (نور طاهر) و"مريم" (أندريا طايع).

هل هذا جانب سلبي؟ بالتأكيد. ولكن، من ينسى من جيلنا المسرحية الكوميدية "مدرسة المشاغبين" التي عرضت عام 1973، وجمعت نخبة الفنانين المصريين، ومنهم عادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلي ويونس شلبي وأحمد زكي وغيرهم؟ ومن ينسى تقليدنا، حين كنا طلاباً، لأبطال المسرحية، واستعارة عباراتهم: "أنا العقل، وأنت العضلات"، و"مين زكي جمعة؟”، و"أنت بتذاكر من ورانا"؟ قال مؤلف المسرحية الراحل علي سالم إنها انعكاس لتردي الأحوال العربية، وتعبير عن عالمنا العربي، بعد نكسة 1967. فالفن لا يصنع هذه الظواهر، إنما يعكسها، ويقدم عبرة ونموذجاً لعدم الانجراف فيها، ساخراً منها ومن نتائجها.

موقف
التحديثات الحية

"مدرسة الروابي للبنات" عالج قضايا مهمة، وهو في صلب حياتنا، وإن كان ذلك عبر مدرسة نموذجية الشكل، قال الكثيرون عنها إنها غير موجودة في بلادنا. نعم، مثل هذه المدرسة ليست شائعة في بلاد الشام ومصر وبلدان المغرب العربي، وإن كانت قد بدأت تنتشر في أوساط وطبقات معينة، لا سيما بعد تدني مستوى التعليم العام وإقبال الآباء على تعليم أبنائهم اللغات الأجنبية وتأهيلهم لاستكمل الدراسات العليا في البلدان الغربية. في المقابل، هذه النوعية من المدارس منتشرة جداً في بلدان الخليج العربي، ويقبل عليها لأسباب مختلفة أبناء المغتربين العرب وغير العرب. ومن آثارها السيئة جداً أن ابنك وابنتك يتخرجون منها متقنين الإنكليزية أو الفرنسية كلغة أم، وينسون العربية.

خاض المسلسل، بالإضافة لموضوعه الأساسي وهو التنمر، في ظواهر عدة في مجتمعنا، مثل الواسطة وتدخّل النافذين حتى بمؤسسات التعليم، ومفاهيم الشرف والمراهقة والمثلية الجنسية والتحرش، وقضايا ومشاكل مواقع التواصل والفضائح الإلكترونية.

من أكثر الانتقادات التي طاولت المسلسل هي أنه لا يمثل المجتمع الأردني، ولا يعكس قيم المجتمع العربي. هناك من ينكر أن هذه المشكلات موجودة عندنا، كما كل المجتمعات، والمسلسل لا يخترعها، وهي مشكلات قديمة جديدة، لكنها الآن تبرز في العالم مع عولمة التعليم ووسائط التكنولوجيا، لذا ترجمت "نتفليكس" العمل إلى 33 لغة. وأعتقد أن المسلسل سيكون خطوة متقدمة للدراما الأردنية والعربية.

من العيوب القليلة التي وجدتها أننا نرى صورة كل شيء مرتباً ونظيفاً وجميلاً من الشوارع ووسائل النقل إلى أماكن السكن والحدائق حولها والمنتجعات، وانتهاء بالمدرسة، وكأننا في مدينة مرسومة أو تنتمي لجغرافيا غير عربية.

ذات صلة

الصورة
شعار منصة نتفليكس (رافائيل هنريكي/Getty)

منوعات

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت وسم #BoycottNetflix تدعو إلى مقاطعة "نتفليكس". وتأتي الحملة بعد حذف 19 فيلماً عن فلسطين.
الصورة
صراع أصحاب حقوق الملكية الفكرية والمخترقين (العربي الجديد)

تحقيقات

يقرصن مخترقون يعملون في دول مثل إيطاليا والصين واليونان محتوى تلفزيونياً وسينمائياً خاضعاً لحقوق الملكية الفكرية، ويباع في مصر عبر الإنترنت
الصورة
صناع اللحظات السعيدة (نتفليكس)

منوعات

بعد إثارة المسلسل الكوري "صالة اللحظات السعيدة" King the Land الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، قدم صنّاعه، الأربعاء، اعتذاراً رسمياً عن أحد المشاهد الذي تضمن إساءة للعرب.
الصورة
مسلسل كوين كليوبترا / إنتاج نتفليكس / تويتر

منوعات

أكد المجلس الأعلى للآثار في مصر، يوم أمس الخميس، أنّ كليوباترا كانت "ذات بشرة فاتحة اللون وملامح هيلنستية"، في وقت أعلنت منصّة نتفليكس عرضاً مرتقباً لقصة وثائقية تلعب فيها ممثلة سوداء دور الملكة الشهيرة، الأمر الذي أثار ردود فعل شاجبة.
المساهمون