كثيرة هي العوامل التي يستند إليها الفنان تامر حسني، في ترسيخ نجوميته، فالمغني والممثل المصري لاحقه الجدال منذ ظهوره الرسمي الأول عام 2002، في ألبوم مشترك مع زميلته شيرين عبد الوهاب، إذ لم ينعم طويلاً بالشهرة التي حققها، فبدأت حينها المشكلات بينه وبين شريكة نجاحه، حول أيّهما خدم الثاني فنياً، وبقيت قطيعتهما خمسة عشر عاماً، حتى جمعهما إعلان رمضاني مدفوع.
طوال تسعة عشر عاماً من وجود حسني الفني، تراوحت نجوميته بين المقبول والزائد عن الحدّ، فعدا عن مشكلاته القديمة الخاصة بتهربه من أداء الخدمة العسكرية، وبكائه في ميدان التحرير، وطرده إبان ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وقراره بأن يكون ممثلاً إلى جانب الغناء، مثل "قدوته" عبد الحليم حافظ، وضع نفسه في مقارنات مع عمرو دياب، حول من منهما له أحقية أن يكون نجم مصر الأول، وهي مقارنات يؤججها جمهورهما في ساحة حرب مفتوحة على مواقع التواصل.
عند كلّ أفول لنجمه، كان حسني يتكئ دائماً على المراهقات في إنقاذه، وهو ذكي وموهوب في تحديد مواعيد ظهوره أو اختفائه عن الساحة الفنية، عدا عن كونه قناصاً ماهراً يعرف كيف يستفيد من الجدل حول اسمه في ترسيخ رومانسيته المفترضة التي تفتقدها المراهقات وهنّ الغالبية العظمى من جمهوره، وليس أدلّ على ذلك طريقة احتوائه لغيرة زوجته بسمة بوسيل، المغنية المعتزلة برغبة منه، حينما صرحت بأنّها في طريقها للطلاق بسبب المعجبات، ما دفعه لمصالحتها برسالة علنية أمام الجمهور "ليركب ترند السوشال ميديا" بجملة "بحبك يا متهورة" لعدة أيام.
المثير في حكاية حسني، الذي يرى نفسه الوريث العربي لنجم البوب الراحل مايكل جاكسون، أنّه يستثمر حيلة قديمة كان يلجأ إليها نجوم الجاز الغربيون في ثمانينيات القرن الماضي، تتلخص باستئجار معجبات مهووسات مهمتهن الانسلال بين الجمهور للوصول إلى مغنيهن المفضل، وعندها إما يصبن بهستيريا البكاء أو الإغماء، ولا يفقن إلّا بقبلة وابتسامة وصورة، الأمر الذي لازم تامر حسني في مشواره الفني أينما وجد، وهو الحدث الذي كان يحرص على تصويره بدقه ونشره على صفحاته الموثقة على منصات التواصل، تعبيراً عن امتنانه لجمهوره.
اليوم لا تنقص حسني نجومية أو شهرة، لكن، يبدو أنّه يرفض أن يغيب عن الأضواء. ولذلك، تجددت منذ أيام عند حضوره عرضاً لأحدث أفلامه "مش أنا" في القاهرة، حكاية المراهقات اللواتي يصبن بالهستيريا والدموع والإغماء عند رؤيته.
وسواء كان دافعهن الوصول ببراءة إلى نجمهن المفضل صاحب البريق الطاغي عليهن، أو تجسيد دور في مسرحية مفبركة هدفها إبقاء "النجم الرومانسي الذي لا يقاوم" في دائرة الضوء، تبقى حالة الجدل حول حقيقة أنّه الفنان العربي الوحيد الذي تصاحبه هذه الظاهرة أينما حلّ، لافتة للانتباه، خصوصاً أنّ الفئة العمرية التي تنهار بسبب تامر "دائماً" تتمثل بمراهقات صغيرات، تقول عنهن منيرة صالح، الكاتبة والمستشارة التربوية الأردنية، إنّهن يمررن في مرحلة عمرية تدفعهن إلى الحاجة لعيش قصة رومانسية رأينها في المسلسلات والأفلام، وتضيف: "الخصائص النمائية لمرحلة المراهقة تدفع كماً كبيراً من الهرمونات في الجسم فتجعلهن يشعرن بالغريزة بالميل إلى الجنس الآخر". وترفض منيرة تسمية حالات ارتماء المراهقات وإغمائهن في أحضان الفنانين بالإعجاب، بقدر ما هو هوس يرغبن بتحقيقه لإثبات ذاتهن.
يؤكد محمد جمعة، الصحافي المصري الفني المتخصص في جريدة "القبس" الكويتية، استفادة الفنان تامر حسني الجماهيرية من حالات بكاء الفتيات أو اقتحامهن المسرح لتقبيله أو مصافحته أو التقاط الصور التذكارية معه، مضيفاً: "هي مواقف ليست بجديدة، فعلى مدار التاريخ هناك مجانين الفنانين، منهم من يطارده من مكان لآخر، ومنهم من يحرص على التقاط الصور معه، ومنهم من أطلق النار عليه إعجاباً. حالات جسدتها السينما المصرية في فيلم بحبك وأنا كمان".
ويثير جمعة تساؤلاً يرى أنّ الفنانين هم من يجيبون عنه فقط، بالقول: "مع حرص الشركات المنظمة للحفلات على حفظ الأمن والنظام، يبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة، هو: كيف يقتحم البعض من الجمهور الحواجز الحديدية والبشرية ليصلوا بكلّ سهولة للفنان؟ أعتقد أنّ من يملك الإجابة هو الفنان ذاته والعاملون معه، نعم هناك بعض التساهل مع بعض المعجبات بهدف عمل شو إعلامي، والترويج لحفلات المطرب، وأجد أنّ تامر حسني نموذج يكاد لا يخلو حفل له من مثل هذه المفارقات، وتكرر الأمر معه مراراً في حفلاته بدولة الكويت".
يشير محمد عبد الرحمن، الناقد الفني المصري ورئيس تحرير موقع "إعلام دوت كوم"، إلى أنّ شعبية تامر حسني في مصر عادية جداً مقارنة بالدول العربية، مبدياً استغرابه من استمرار تامر بـ"استمراء حكاية المراهقات المعجبات اللواتي يصبن بالهستيريا أمامه"، مضيفاً: "ما نراه أفلام محروقة، وغالباً مفبركة، وهو لا يحتاجها، ولا أعلم سبب إصراره عليها، فأهم أسس العلاقة بين الفنان وجمهوره أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل، وأن يكون الحب حقيقياً ونابعاً من القلب، وعلى أيّ فنان ألّا يكون سعيداً إن كانت لديه معجبات منفعلات، يخرجن عن تقاليد المجتمع والمألوف، فأضرار ما نراه أكبر من نفعه على الفنان وتعرّضه للقيل والقال، كما أنّ حصر معجبي الفنان بفئة عمرية معينة يضره على المدى البعيد".