يتصاعد الجدل في فرنسا حول "الإسلاموية"، منذ جريمة قتل المدرس سامويل باتي على يد اللاجئ من أصول شيشانية عبد الله أنزوروف، يوم الجمعة الماضي، وتحديداً بعدما فتحت قنوات تلفزيونية عدة هواءها أمام شخصيات من اليمين واليمين المتطرف للتحريض على المهاجرين والمسلمين في فرنسا.
والسياسة التي انتهجتها وسائل إعلام فرنسية كبرى أثارت انتقادات عدة، أبرزها ما جاء على لسان النائبة في البرلمان الفرنسي عن الدائرة الباريسية الـ11، كليمنتين أوتان.
وقد هاجمت أوتان بشدة وسائل الإعلام تلك خلال مقابلة تلفزيونية على قناة "فرانس إنفو" يوم أمس الخميس، واعتبرت أن "هذا البلد فقد عقله"، لأنه يسمح لـ"بعض الخطب، ولا سيما تلك التي تأتي من اليمين واليمين المتطرف، بتصدر المشهد الإعلامي لتغذية مناخ الكراهية الذي نعيشه اليوم". وأضافت "أنا في غاية القلق بشأن حالة الجدل في بلدنا. لم نعد في حالة عقلانية، لأننا نحن تحت وطأة المشاعر وكأننا نعيش سباقاً حول من الذي سيكون لديه أفضل فكرة يمينية متطرفة".
وفي تطور لافت، اجتمعت "لجنة الأخلاقيات" في قناة "كنال بلوس"، المالكة لتلفزيون "سي نيوز"، لاستجواب أعضاء الهيئة التحريرية وعدد من المذيعين البارزين الذين يقدمون برامج حوارية تحظى بمتابعة الملايين في فرنسا، بعد انتقادات عدة طاولت القناة لتخصيصها ساعات الذروة للكاتب المثير للجدل إريك زمور.
هذا الاجتماع النادر لهيئة تحرير القناتين جاء بعد إطلاق زمور مواقف عنصرية ضد المهاجرين واللاجئين في فرنسا، إذ قال يوم الأربعاء "إنهم لصوص، إنهم قتلة، مغتصبون، هذا كل ما في الأمر (...) الكل، الكل، الكل"!
وكشفت صحيفة "لوباريزيان"، مساء الخميس، أن اللجنة قررت إيقاف بث برنامج "وجهاً لوجه مع الحدث" بصيغته الحالية، لاستضافته زمور وإطلاق الأخير "تعليقات مخالفة لقواعد آداب المجموعة الإعلامية".
وكان زمور قد حكم عليه قبل أيام بغرامة قيمتها 10 آلاف يورو، بعد خطاب حول الإسلام والهجرة، ألقاه في سبتمبر/أيلول عام 2019، خلال مؤتمر لحزب "الجبهة الوطنية" المتطرف الذي تقوده مارين لوبان.
وتكتسب هذه الموجة من الكراهية ضد المسلمين صيغة رسمية، إذ أدلى وزير الداخلية جيرالد درمانان، في مقابلة مع قناة "بي أف أم" الإخبارية، بتصريحات أثارت سخطاً كبيراً، أشار خلالها إلى أنه يشعر بالقلق من وجود منتجات تخص الجاليات في مراكز التسوق الكبرى، معتبراً أن ذلك يغذي الانفصالية في فرنسا.
وعلى الرغم من الانتقادات التي انهالت على درمانان، إلا أنه في اليوم التالي أطلق وزير التربية والتعليم، جان ميشال بلانكر/ تصريحات لا تقل حدة عن تصريحات زميله في الحكومة، مهاجماً "الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا"، ومتهماً إياه بـ"السعي لـ"نشر الدمار والتخريب في الجامعات".
ويستند بلانكر في اتهاماته إلى تمثيل هذا الاتحاد للغالبية العظمى من الطلاب المسلمين في الجامعات الفرنسية، ومعظم أعضائه من اليسار المنضوين في حزب "فرنسا الأبية" بقيادة جان لوك ميلانشون، وترأسه مريم بوجيتو.
وكانت بوجيتو قد تعرضت أخيراً لموقف محرج خلال جلسة في البرلمان الفرنسي، إذ غادر نواب اليمين المتطرف والجمهوريين قاعة البرلمان خلال جلسة استجواب حول جائحة كورونا وتأثيرها على الشباب والجماعات، احتجاجاً على ارتداء بوجيتو الحجاب.
وفي أعقاب الحادثة أصدر الاتحاد بياناً هاجم فيه النواب، وقال "ندين هذا العمل المعادي للإسلام، والهادف إلى إذلال رئيسة الاتحاد مريم بوجيتو. بعض النواب، برفضهم الاستماع إلى ممثلي الشباب، انتهكوا مبدأ العلمانية بطريقة تنم عن الإسلاموفوبيا والتحيُّز الجنسي".