منذ أكثر من 6 أشهر، فرضت شركة "تويتر" على جميع موظفيها البالغ عددهم نحو 5 آلاف شخص بدء العمل عن بُعد. هذا التحول المفاجئ عُمِّم على مختلف المؤسسات، لكن حتى الساعة لا يزال تأثير هذه الخطوة في الإنتاجية وفي المؤسسات نفسها موضع تساؤل.
في هذا السياق، أجرت مجلة "هارفرد بيزنس ريفيو"، لقاءً مع كبيرة مسؤولي الموارد البشرية في "تويتر"، جينيفر كريستي، حول الطريقة التي أدارت فيها الشركة عمل الموظفين خلال هذا التحول السريع.
أكدت كريستي أن قسم الموارد البشرية كان منخرطاً في الحياة الشخصية للموظفين، أكثر من أي وقت مضى. وأوضحت قائلة: "نحن بحاجة إلى دعمهم على كل المستويات: الصحة البدنية، والصحة العاطفية، والصحة النفسية. نحن نقدم معسكراً افتراضياً لأولياء الأمور على "تويتر" هذا الصيف للمساعدة في منح أطفالهم خيارات مريحة. أشياء ربما لم نفكر فيها من قبل في ما يتعلق بكيفية مشاركتنا في حياة موظفينا. إنه مستوى جديد تماماً من التشارك والمسؤولية".
وبدأت "تويتر" الاستعداد للعمل عن بعد قبل عامين تقريباً، لكن لم يتوقع أحد انتشار جائحة عالمية، "كنا نستعد لمزيد من المرونة. أدركنا أن العمل من المنزل مثّل اتجاهاً متنامياً في السوق، إذ يطلب الموظفون الكثير: يريدون العمل في شركة ذات هدف، يريدون شركة تعاملهم جيداً، ويريدون مكاناً يتمتعون فيه بالمرونة حتى لا يضطروا إلى إجراء العديد من المقايضات الشخصية للحصول على بعض الوظائف التي يطمحون إليها".
ومن أكبر التغييرات التنظيمية التي كان على "تويتر" إجراؤها بسبب الوباء، كانت عملية التوظيف. فقبل "كوفيد 19"، كان التوظيف يجري مباشرةً داخل المكاتب. "كنا نرسل المتقدّمين للوظيفة لإجراء سلسلة من المقابلات مع أكثر من شخص، ويرجع ذلك جزئياً إلى أننا شركة تركز بشدة على التفاعل بين الأشخاص في المكاتب". وتضيف: "تَطَلّب التحوّل إلى التوظيف الافتراضي الكثير من العمل لناحية التأكد أن المسؤولين عن اختيار العاملين الجدد جاهزون. الأهم من ذلك كله، كان علينا التأكد من أن تجربة المرشحين ستكون تجربة جيدة: قمنا بمشاركة مقاطع الفيديو الخاصة بالمكاتب، وسعينا إلى التأكد أنهم يشعرون حقاً بنوع من الانتماء في مكان العمل...".
ومن إيجابيات التغيير على ثقافة "تويتر"، اعتماد الاجتماعات الافتراضية التي حظيت بإعجاب كريستي، حتى "إنني لا أعتقد أننا سنعود إلى الممارسة الشخصية عندما ينتهي كل هذا".
وتشير إلى أنّ "لدينا قنوات التواصل "سلاك" تعمل طوال الوقت، لذلك يقوم الأشخاص بإبداء التعليقات وطرح الأسئلة في الوقت الفعلي، ما يزيد من المساءلة والشفافية. ولأن الجميع بعيدون عن بعض، فإن كل شخص يعيش ذات التجرية في العمل عن بعد بغضّ النظر عن منصبه ومرتّبه".
لكن من أكبر التحديات التي واجهتها "تويتر"، إرهاق الموظفين. تقول كريستي: "لقد أجرينا العديد من الدراسات الاستقصائية لموظفينا، إحداها مخصصة للأهل العاملين. وكان هناك شبه إجماع على أن الأشخاص الذين لديهم أولاد يكافحون بصعوبة لالتزام جداولهم".
ومن أجل دعم الموظفين من الناحية النفسية، تقول: "لدينا اختصاصية نفسية إكلينيكية تدير برنامج العافية العالمي الخاص بنا، وهي تتأكد من أننا نوفر ساعات عمل محددة والعديد من الفرص للتفاعل مع الموظفين".
وطمأنت إلى أن تقييمات الأداء قد عُلّقت، حتى يعطي المستخدمون الأولوية لصحتهم وعافيتهم على حساب أي شيء آخر.
وجعل كورونا إدارة "تويتر" تبحث في كيفية إعادة تكوين مساحات العمل، ليس فقط لأغراض التباعد الاجتماعي، ولكن أيضاً لرغبة الموظفين في استخدام المكتب بطرق جديدة ومختلفة.
فتقول كريستي: "نظراً للاستطلاعات التي أجريناها والمعلومات التي نحصل عليها من موظفينا، فقد رأينا بالتأكيد شهية متزايدة للأشخاص الذين يرغبون في أن يعملوا عن بعد بدوام كامل". وتضيف: "سيعتمد تكوين مكتبنا في النهاية على النسبة المئوية للأشخاص الذين يريدون بالفعل العودة والنسبة المئوية للذين يفضلون القيام بمزيج من العمل عن بعد والعمل من المكتب".