أوقفت الشرطة الفدرالية الأميركية "إف بي أي" موظفاً في دار النشر "سايمون أند شوستر" للاشتباه بسرقته مئات مخطوطات الكتب قبل نشرها، ما يحل لغزاً يشغل الأوساط الأدبية الأميركية منذ سنوات، لكن الدوافع لا تزال غامضة.
إثر تقديمه الخميس أمام القضاء في نيويورك غداة توقيفه في مطار جون فيتزجيرالد كينيدي الدولي، أدين إيطالي في سن 29 عاما بتهمة الاحتيال الإلكتروني واستخدام هوية مزورة مع أسباب مشددة للعقوبة، وهي جرائم تصل عقوبتها إلى السجن 22 عاما.
وقال ناطق باسم المدعي العام الفدرالي في مانهاتن" لوكالة "فرانس برس"، إن القضاء فرض على الرجل كفالة قدرها 300 ألف دولار بمثابة "ضمانة على أصوله"، ووضعه "رهن الحجز المنزلي" مع "منع تجول".
ويُشتبه في تسلم هذا الموظف لدى دار "سايمون أند شوستر" في لندن بصفة "منسق حقوق"، بين 2016 و2021، "مئات المخطوطات غير المنشورة"، بعضها لكتاب مشهورين أو ممثلين عنهم، مع إعطائهم عناوين إلكترونية مزيفة لمسؤولين في دور نشر أو وكلاء أدبيين، بحسب القرار الاتهامي الذي نشره القضاء الأميركي.
من "ميلينيوم" إلى أتوود
وقد كان المشتبه به متمرسا في أسلوبه الاحتيالي، إذ كان يغيّر حرفاً واحداً بطريقة يصعب التنبه لها في عنوان البريد الإلكتروني، وينتحل هوية أشخاص معروفين لدى الجهات المستهدفة لتسهيل الإيقاع بهم.
ومنذ سنوات، يضج عالم النشر بمحاولات انتحال صفة، بعضها فاشل والآخر ناجح، بشكل غامض، لكون السرقات لم تكن تُستتبع بطلب فدية مالية أو بتسريب أعمال لنشرها بصورة غير قانونية.
وفي آب/أغسطس 2021، روت "نيويورك ماغازين" كيف تم الطلب من ناشري سلسلة القصص البوليسية السويدية "ميلينيوم" المشهورة عالميا، سنة 2017، من قبل شخص انتحل صفة زميل لهم في إيطاليا، بأن يرسلوا له رابطا آمنا يوفر نفاذا إلى مخطوطة قيد الترجمة قبل إصدارها.
وفي 2019، كشف الوكيل الأدبي للروائية الكندية مارغاريت أتوود أن عمليات احتيالية من هذا النوع استهدفت التتمة المنتظرة من "ذي هاندمايدز تايل" بعنوان "ذي تستامنتس".
واتُّهم برنارديني بتسجيل "160 نطاقا إلكترونياً احتيالياً" على الإنترنت، حتى إن كاتباً فائزا بجائزة بوليتزر أرسل له "مخطوطته المعدة للنشر"، معتقداً أنه ناشر أعماله، وفق القرار الاتهامي.
وقد طاولت هذه المحاولات الاحتيالية أيضا كتاباً معروفين من أمثال سالي روني أو ايان ماك إيوان أو الممثل إيثان هوك، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
أي دوافع؟
حتى الساعة، لا تزال دوافع فيليبو برنارديني الذي دفع ببراءته خلال مثوله الأول غامضة حتى الساعة. ورغم أن القرار الاتهامي يوضح أنه كان يخفي بعناية المخطوطات التي يستولي عليها في علبة إلكترونية واحدة، لم يوضح المشتبه به ماذا كان يفعل بهذه الأعمال، وما إذا كان حقق أرباحاً مالية بفضلها. كما لم يتطرق القرار الاتهامي إلى وجود شركاء له في العمليات الاحتيالية.
ولم ترشح معلومات كثيرة عن المشتبه به. وبحسب لقطات شاشة من حساب على "لينكد إن"، لم يعد موجوداً على الشبكة حالياً، يعرّف "فيليبو ب." عن نفسه بأنه "منسق حقوق" لدى دار "سايمون أند شوستر"، ويحمل شهادة باللغة الصينية من الجامعة الكاثوليكية في ميلانو وشهادة في النشر من جامعة "يو سي إل" في لندن، في مسار يعزوه إلى "الشغف بالنصوص المكتوبة واللغات".
وتشكل القضية إحراجا لدار النشر الأميركية التي تتخذ نيويورك مقرا لها وتضم بين أشهر كتابها ستيفن كينغ.
وأعلنت الشركة أنها "جمدت" مسؤوليات الموظف "بانتظار الحصول على معلومات أوفى حول القضية"، مبدية "الصدمة والذهول" إزاء ارتكابات المشتبه به.
وقالت الشركة إن "حماية الملكية الفكرية لكتّابنا ترتدي الأهمية الأكبر لدى "سايمون أند شوستر" ولمجمل قطاع النشر".
(فرانس برس)