يسود جدل لافت في الجزائر منذ أيام، بعد قرار السلطات المحلية لبلدية تيزي وزو تنصيب تمثال للملك شيشناق في قلب المدينة، بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة (2971).
واستغرق نحت التمثال خمسة أشهر، وهو مصنوع من مادة الإرزين، واقترحته سلطات ولاية تيزي وزو .
وذكر النحات، حميد فردي، الذي نحت التمثال، أنه أنجزه "وفقاً لتوجيهات المؤرخين الذين رافقوه في العملية الفنية، وانطلاقاً من قناع فرعوني أصلي كان يرتديه".
ويسود جدل حول صلة شيشناق بالجزائر، بحيث تذكر المصادر التاريخية أن شيشناق لديه أصول جزائرية ذات صلة بتاريخ الأمازيغ، والعمل بتقويم أمازيغي فلاحي يبدأ من غزو شيشناق لمصر ولانتصاره على ملوكها قبل أكثر من ألفي سنة. وبدأ اعتماد هذا التقويم الذي أعده الباحث الجزائري عمار نجادي عام 1980.
لكن تضاربت المواقف والآراء بحدة حول مسألة تنصيب التمثال، وأخذ أبعاداً سياسية وتاريخية وثقافية أيضاً.
دافع معسكر عن الخطوة، باعتبارها تمثل تصالحاً مع التاريخ والثقافة ورموز الهوية الأمازيغية واستعادتها، وبينما يعتبر آخرون ذلك خطوة تعمق الهوة الثقافية بين المناطق في الجزائر، وتخلط بين عادات ثقافية كان يحتفل بها الجزائريون منذ زمن طويل، وتعطيها بعداً غير جامع، فيما طرح آخرون مشكلة تاريخية تشكك أصلاً في وجود علاقة بين شيشناق والأمازيغ، واعتباره أسطورة تاريخية مختلَقة.
وعبر الناشط السياسي كمال قرابة عن امتعاضه مما وصفه بضعف الدولة إزاء خطوة تنصيب التمثال، وعلق قائلاً: "بقدر ضعف الدولة وتخلفها عن بسط سلطانها الذي فوضها إياها المجتمع بقدر ما تتمادى الحركات المتطرفة والأفكار المشوهة في تعديها على سكينة الناس و ممارسة الإكراه عليهم بمعتقداتها وانحرافاتها".
وتابع: "إما أن تتحرك الدولة لاستعادة سلطانها وإما أن يتحرك المجتمع لتصحيح المسار واستعادة السلطة لنفسه وليمارسها بنفسه. وإن لم يكن، فمبروك لسلطة مجموعات الانحراف هيمنتها على دولة غائبة ومجتمع لا يغار".
وعبّر الإعلامي، مصطفى فرحات، عن استيائه من تحول الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى حالة انقسامية بسبب خطوات غير مدروسة.
وقال: "الاحتفال بيناير موجود منذ زمن.. عشاء وحلوى ومكسرات وتوسعة على العيال. لم يخطر في بالنا يوماً أنه احتفاء بآلهة من دون الله أو بتاريخ تنصيب شيشناق على عرش مصر أو أي شيء من هذا القبيل".
وكتب الباحث في الثقافة الشعبية مولود فرتوني التمسناوي منشوراً طويلاً يعلق فيه على المشكلات التي تثار حول بعض قضايا الثقافة الشعبية والتراث، على الرغم من أنه يفترض بها أن تكون عوامل ثراء، وطالب بوقف الجدال بشأنها، خاصة بعد تحريم أبرز شيوخ التيار السلفي المدخلي في الجزائر، للاحتفال برأس السنة الأمازيغية.
وكتب فرتوني "عليكم بالكف عن تحريك النزعات لمخالفة ببعضنا البعض.. فالعربي يخالف الأمازيغي ولا يعترف باللغة الأمازيغية، والأمازيغي لا يعترف بالعربية ولغتها.. ولحقنا إلى الفتاوى والتكفير لأجل إثبات وجهات نظر المخالفين لكل شيء.. وهذه تؤلم ما لم تصدر من أساتذة ودكاترة وأكاديميين ينتمون لهيئات علمية كان أحرى بها دراسة هذه العادات والأعراف ضمن أطرها العلمية بعيداً عن حملة التشويش على المشرع الجزائري.. وتبني أطروحات وافدة من دول تحاول إثبات نفسها من خلال فرض وثنياتها الفكرية بالأستناد للمقدس من التشريع لهدم ما تراه خرافة وأساطير".