عام 1992، مباشرة على هواء برنامج "ساترداي نايت لايف"، حملت شينيد أوكونور صورة بابا الفاتيكان آنذاك، يوحنا بولس الثاني، ومزقتها بهدوء وهي تغني، تنديداً بالاعتداءات الجنسية على الأطفال داخل الكنيسة. كان ذلك في زمنٍ آخر. زمن كان الحديث فيه عن هذه الاعتداءات فعل جنون، وزمن كان فيه يوحنا بولس الثاني، الرجل الأقوى في العالم، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفييتي. فعلتها الفنانة الأيرلندية خلال برنامج أميركي، ما تسبب لها بمشاكل كثيرة، في وقت كان الكاثوليك الأميركيون يقدسون كنيستهم، ما تسبب بدهس عربة صناعية لأسطواناتها في ساحة تايمز سكوير أمام أعين الصحافيين وتهليلات "المؤمنين" الخائفين على سمعة الكنيسة، ورأسها، أي بابا الفاتيكان.
رحلت أوكونور الأربعاء عن 56 عاماً، بعد مسيرة امتزجت فيها الموسيقى بالمواقف الصاخبة، وتلك الجنونية في أحيانٍ كثيرة. اشتهرت الفنانة الأيرلندية بأغنيات عاطفية من أشهرها "ناثينغ كومبيرز تو يو" Nothing Compares 2 U.
في مسيرتها المهنية التي بلغت ذروتها في التسعينيات، أصدرت المغنية ذات الرأس الحليق عشرة ألبومات فردية، بدءاً من عام 1987 من خلال ألبوم "ذا لاين أند ذا كوبرا" The Lion and the Cobra، وانتهاءً بـ"آيم نات بوسي، آيم ذا بوس" I'm Not Bossy, I'm the Boss عام 2014. وتطرقت في هذه الأعمال المتعددة إلى مختلف الأنماط، من الموسيقى الأيرلندية التقليدية إلى البلوز والريغي.
وُلدت شينيد أوكونور في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1966 في دبلن، وعاشت طفولة صعبة، إذ تعرّضت في سنوات صغرها إلى إساءات "جنسية وجسدية ونفسية وروحية وعاطفية ولفظية". وقد قُبض عليها مرات عدة على خلفية اتهامها بالضلوع في عمليات سرقة، قبل إرسالها إلى إصلاحية تديرها الكنيسة، حيث شجعتها راهبة في تنمية شغفها بالموسيقى عبر شراء غيتار لها.
وكانت بدايات أوكونور من الشوارع والحانات في دبلن، حيث ساعدتها الحاجة إلى إسماع كلمتها وسط الضجيج السائد. في سن العشرين، انتقلت إلى لندن وسجلت ألبومها الأول عندما كانت حاملاً بطفلها الأول. طلبت منها شركة الإنتاج حينها اعتماد مظهر أنثوي أكثر، ما أثار استياءها. وقالت أوكونور لصحيفة ذا ديلي تلغراف البريطانية عام 2014: "لقد دعوني لتناول الغداء، وقالوا إنهم يرغبون في رؤيتي أرتدي تنانير قصيرة وأحذية ذات كعبٍ عالٍ وأن أترك شعري ينمو". بعد فترة وجيزة، طلبت المغنية من مصفف شعر يوناني شاب حلق رأسها، "لم يكن يريد أن يفعل ذلك، لقد كاد يبكي. أما أنا فقد كنت سعيدة بالأمر"، قالت في إحدى المقابلات.